وقد أتاح شريط الكاسيت للجميع الاستماع للموسيقى والتسجيلات بسهولة، ثم سمح لهم بإجراء التسجيلات دونما أي مهارة تقنية معينة.
أما عن الأمر العبقري الذي قامت به شركة Philips فقد تمثل بقرار ترخيص الاختراع مجانا.
وهذا الأمر سمح لمختلف الشركات العمل على إنتاج أشرطة الكاسيت، مما زاد من انتشارها بشكل هائل.
وفي أواخر عام 1965، كانت أشرطة الكاسيت تحتوي على محتوى مُسجل مسبقًا يُدعى Musicassettes.
وهو ما زاد من انتشارها بين شركات الموسيقى لتوزيع تسجيلاتها والحصول على أرباح ثورية.
وفي عام 1966أصبحت أشرطة الكاسيت سائدة في الولايات المتحدة، وقد تبيع 2.4 مليون كاسيت وبحلول عام 1968.
وقد تحسنت مع مرور الوقت تقنية صناعة أشرطة الكاسيت بشكل مكّن من تسجيل الموسيقى بشكل أفضل.
إلى جانب تحسن تقنية أجهزة التسجيل نفسها والتي ساعدت على التسجيل بشكل أفضل وأقل ضوضاءً.
أما العامل الآخر الذي دفع إلى زيادة انتشار أشرطة الكاسيت فقد تمثل بالاختراع الثوري آنذاك، وهو جهاز Walkman والذي قامت بإنتاجه Sony عام 1979.
وهو الجهاز الذي جعل الموسيقى قابلة للانتقال مع الأشخاص خارج مكاتبهم أو منازلهم.
وقد استمرت شعبية أشرطة الكاسيت عقوداً من الزمن، بلغت ذروتها في نهاية الثمانينات.
إلا أنه ومع بدء التسعينيات بدأ الطلب على أشرطة الكاسيت بالانخفاض في كل من أوروبا وأمريكا الشمالية، وذلك بسبب تقنية ثورية جديدة تمثلت بالأقراص المضغوطة (CDs).
وبحلول عام 2001 ، كانت الحصة السوقية لأشرطة الكاسيت أقل من 5 ٪، فيما توقفت شركات الموسيقى الأمريكية عن انتاجها في العام 2002.
إلا أن المثير للاهتمام هو أن أشرطة الكاسيت لا تزال موجودة وتصنع حتى يومنا الحالي، أما عن أسباب ذلك فيشير البعض إلى ما يلي:
أولا. السعر المنخفض جدا والطلبات التقليدية من قبل شريحة بسيطة من الشعب.
ثانيا. الحنين للماضي، وهو ما يمثل إشباعا للدافع البشري نحو الماضي.
ثالثا. ما زالت المخاوف البيئية كبيرة من مسألة إتلاف أشرطة الكاسيت القديمة والانبعاثات الناتجة من حرقها أو دفنها.
رابعا. أما على الصعيد الأمريكي فإن محبو موسيقى الجاز يمثلون سببا رئيسيا لوجود هذه الكاسيتات، والتي يفضلها الأمريكيون كوسيلة للاستماع إلى موسيقى الجاز.
قصة شريط الكاسيت: درس خطير لابد من معرفته!
إن قصة شريط الكاسيت تقدم لنا عبرة عن التقنية المتسارعة في الاستماع إلى التسجيلات، وما تنتجه الشركات من وسائل لنقل مختلف التسجيلات والحصول على أرباح.
فحينما استمرت شعبية أشرطة الكاسيت لمدة تصل إلى أربعين عاما، فإن شعبية الأقراض المضغوطة كوسيلة للاستماع إلى الموسيقى لم تستمر أكثر من عقدين.
حيث انتقل الناس تقنية وحدة الذاكرة الوميضة (flash) كوسيلة رخيصة وآمنة وسهلة للتخزين.
ولم يمضِ كثير من الوقت حتى تم الانتقال إلى الاستماع إلى الموسيقى عبر الانترنت.
وهذا ما دفع شركات الموسيقى إلى إنتاج الموسيقى وتوزيعها عبر الانترنت بالوسائل المدفوعة.
ثم ومع تطور المواقع المتخصصة في الموسيقى والمرئية وعلى رأسها يوتيوب، تحولت الشركات إلى إنتاج الموسيقى ونشرها على المواقع بشكل مجاني.
حيث اكتفت الشركات بالإشارة إلى نجاح الموسيقى من خلال عدد المشاهدات والدقائق المستغرقة عبر الانترنت.
وهنا يبرز السؤال الرئيسي التالي:
ما هي التقنية الجديدة التي سيتم استخدامها في نقل الموسيقى والتسجيلات في المستقبل.
مجدي النوري
مُدون وصانع محتوى اقتصادي، عمل في مجال الدراسات في إحدى أهم المؤسسات الاقتصادية في فلسطين، وقام بكتابة العديد من المقالات والأبحاث الاقتصادية، لديه العديد من الشهادات والدورات الاقتصادية لدى العديد من الجهات المحلية والدولية