بلومبيرغ: تتراكم الأضرار الاقتصادية الناجمة عن اغلاق تدفقات الغاز الروسي بسرعة في أوروبا، بشكل قد يحد من قدرة أوروبا على التهرب من حدوث أزمة اقتصادية لديها، مما يجعل من ملف أوروبا وأزمة الطاقة أحد أهم الملفات، ليس لأوروبا، وإنما للعالم بأسره أيضا.
حيث تتجه القارة العجوز نحو شتاء قاس على صعيد المواطن، وعلى صعيد المنتجين والمصنعين أيضا.
وهو ما يدفع المحللين إلى توقع ركود غير محدود المدة في القارة الأوروبي، التي تتجه نحو معالجة أزمة الطاقة بأزمة اقتصادية أعمق.
حيث تحدثت مؤشر بلومبيرغ ايكونوميكس عن انخفاض بنسبة 1% في الناتج المحلي الإجمالي الأوروبي.
بينما تحدث المؤشر عن بداية الانكماش في الربع الرابع، على أن يصل الانكماش إلى 5% لأعضاء الاتحاد الاوروبي إذا لم يتم إدارة الأزمة خلال فصل الشتاء المتطلب.
وتذكرنا هذه النسبة بما حدث من ركود عام 2009، بل إنه يشير إلى أنه وفي حالة الركود القادم، فإن القارة الاوروبية تتجه نحو ثالث أكبر انكماش منذ الحرب العالمية الثانية.
وقد قال موريس أوبستفيلد، كبير الاقتصاديين السابق في صندوق النقد الدولي ، وهو الآن زميل أقدم في معهد بيترسون للاقتصاد الدولي في واشنطن:
“من الواضح جدًا أن أوروبا تتجه نحو ما يمكن أن يكون ركودًا عميقًا إلى حد ما”.
كما وتشير التوقعات القاتمة، إلا أن هناك مئات المليارات من اليورو التي سيتم استنزافها على صعيد الطاقة التي يتم تقنين استخدامها.
بينما يتجه البنك المركزي الأوروبي نحو رفع الفوائد للقضاء على التضخم، وهو ما يدفع الاقتصاد برمته نحو ركود اقتصادي من نوع ما.
حيث قالت كريستين لاجارد رئيسة البنك المركزي الأوروبي:
“أتوقع من صانعي السياسة رفع الفوائد في الاجتماعات العديدة القادمة، وتحديدا منذ الاجتماع القادم بتاريخ 27 اكتوبر”.
كما أكدت لاغاردت على أن التوقعات تزداد قتامة بالنسبة للقارة العجوز، وأنها تتوقع تباطؤا كبيرا في الأرباع القادمة.
بينما يحذر بعض مراقبي صناعة الطاقة من أزمة دائمة يحتمل أن تكون أكبر من أزمة إمدادات النفط في السبعينيات.
حيث قال جيمي راش ، كبير الاقتصاديين الأوروبيين في بلومبيرج:
“إن التأثير النهائي للنقص قد يكون أسوأ مما يمكن أن تأخذه النماذج الاقتصادية”.
وخلال أزمة الطاقة، يمكن أن تنهار سلسلة التوريد الصناعية بطرق دراماتيكية وغير متوقعة، وبشكل سيؤذي مختلف الاقتصاديات من حول العالم.
ويبدو ان الاقتصاد الألماني سيكون الاقتصاد الأكثر تعرضا للآلام الاقتصادي جراء ارتفاع تكاليف الطاقة على الصناعة تحديدا.
وذلك بعدما قالت العديد من الشركات أنها قد تحول الانتاج من الداخل الألماني إلى الخارج لتفادي ارتفاع التكاليف ولتعويض النقص في الغاز
وقد كان من أبرز هذه الشركات:
-
شركة فولكسفاجن.
-
Domo Chemicals Holding NV ، التي تدير بشكل مشترك ثاني أكبر مصنع للمواد الكيميائية في ألمانيا.
وقد بدأت قصة أوروبا وأزمة الطاقة منذ نهاية العام الماضي، حينما بدأت اسعار الطاقة في الارتفاع نتيجة تعافي الطلب من الجائحة.
ثم لتزداد هذه الأزمة بعد الحرب الروسية في اوكرانيا، التي تزامنت مع ارتفاع تكاليف التضخم.
فيما يشير بعض المحللين إلى أن الحرب قامت بتغذية التضخم وجعله أكثر صرامة.
وقد أكدت نماذج بلومبيرغ على أن الدعم الحكومي الأوروبي لن يكفي لتفادي الركود.
وحذرت النماذج أيضا من الحظ السيء لأوروبا، إذا جاء الشتاء القادم مثلما كان الحال عام 2010، بشكله القارس جدا.
بينما أكدوا على ضرورة تعديل سلوك المستهلك وتقنينه للاستخدام منعا من انهيار الاتحاد الاوروبي.
حيث قال داريو بيركنز ، الخبير الاقتصادي في تي إس لومبارد في لندن:
“الحكومات تتعرض لضغوط هائلة للتدخل للدعم والانقاذ والحماية”.
وقد اقترحت المفوضية الأوروبية تدابير للمساعدة في تقليل التأثير على المستهلكين ، بما في ذلك جمع 140 مليار يورو من أرباح شركات الطاقة، والقيود الإلزامية على ذروة الطلب على الطاقة، وتعزيز سيولة قطاع الطاقة.
وقد قال أنوك هونوري ، كبير الباحثين في معهد أكسفورد لدراسات الطاقة:
“هذه ليست مشكلة لمدة ثلاثة أشهر فقط، هذه مشكلة محتملة لمدة عامين.”
مجدي النوري
مُدون وصانع محتوى اقتصادي، عمل في مجال الدراسات في إحدى أهم المؤسسات الاقتصادية في فلسطين، وقام بكتابة العديد من المقالات والأبحاث الاقتصادية، لديه العديد من الشهادات والدورات الاقتصادية لدى العديد من الجهات المحلية والدولية