اجراءات دولية قد تؤدي إلى مزيد من ارتفاع اسعار الغذاء حول العالم

تتزايد اشارات التحذير من الدفع نحو مزيد من ارتفاع اسعار الغذاء حول العالم، سواء الاشارات المتعلقة بالمناخ، أو ذات الصلة بالإجراءات الحكومية التي يتم اتخاذها من قبل الدول الرئيسية في انتاج المواد الغذائية، وذلك وفقا لما جاء على صحفات وكالة رويترز.

أولا. على صعيد التغيرات المناخية:

من المقرر أن يؤدي الجفاف الذي تواجهه العديد من الولايات الأمريكية إلى تقليل محصول القمح الشتوي لديها.

بينما تضررت محاصيل القمح في فرنسا بسبب البرد والرياح القوية والأمطار الغزيرة هذا الشهر.

ثانيا. على صعيد الاجراءات الحكومية:

تتمثل المشكلة هنا في امتناع العديد من الدول المنتجة الرئيسية للمواد الغذائية نظرا لظروفها الاقتصادية الصعبة.

حيث لم تحتاج الحكومة في الهند، وهي ثاني أكبر منتج للقمح في العالم سوى إلى 24 ساعة فقط الشهر الماضي للتخلي عن خططها “لإطعام العالم”.

وذلك حينما قال الرئيس الهندي علنا، فيما معناه بتصرف:

“مستعدون لسد جزء من الفجوة التي خلفتها اوكرانيا في أسواق الحبوب العالمية، بعد خمسة مواسم قياسية متتالية للحصاد”.

وبذلك فإن الهند لن تصدر سوى كمية متواضعة من القمح، فيما ستحتفظ بمعظم محصولها للاستهلاك المحلي.

وقد ساهمت موجة الحر المفاجئة التي ضربت الهند، في الإضرار بالمحاصيل الزراعية، مما أدى إلى رفع الأسعار.

وهو الأمر الذي ساهم إلى جانب ارتفاع اسعار المواد الغذائية والوقود، في دفع التضخم في الهند لأعلى مستوى منذ ثماني سنوات.

وتعتبر الهند المصدر الرئيسي الوحيد للقمح في العالم، مما أدى إلى رفع اسعار عقود القمح الآجلة في بورصة شيكاغو بنسبة 6% بعد إعادة فتح الأسواق اليوم الاثنين.

وتعد الهند واحدة من 19 دولة على الأقل فرضت قيودًا على تصدير المواد الغذائية منذ الحرب في أوكرانيا.

وتمتد القيود على المواد الزراعية من الهند إلى بوينس آيرس إلى بلغراد، وهي المنطقة التي تحتوي على الدول التي تفرض حكوماتها القيود على المواد الغذائية الأمر الذي سيزيد من ارتفاع اسعار الغذاء حول العالم، وذلك بسبب ثلاثة أمور رئيسية:

  • الأضرار الاقتصادية الناجمة عن جائحة كورونا.

  • الطقس المتطرف والمضطرب الذي ينقسم ما بين جفاف وفيضانات.

  • اختناقات سلسلة التوريد.

وقد قال برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة في نيسان:

“إن عدد الأشخاص الذين يواجهون انعدام الأمن الغذائي الحاد قد تضاعف بالفعل منذ عام 2019 إلى 276 مليون شخص في 81 دولة”.

بينما توقع القائمون على البرنامج ان يرتفع هذا العدد بما لا يقل عن 33 مليوناً، معظمها في افريقيا، بسبب عوامل الحرب الجارية.

وبموجب قواعد منظمة التجارة العالمية، يمكن للأعضاء فرض حظر أو قيود على تصدير المواد الغذائية إذا كانت مؤقتة ومطلوبة لتخفيف النقص الحاد.

ولا يختلف الأمر كثيرا لدى الدول الأخرى المصدرة الرئيسية للمواد الغذائية المختلفة.

حيث أن الأرجنتين، وهي سادس أكبر مصدر للقمح في العالم، توقفت عن زراعة المحصول وخفضت توقعات الانتاج لموسم 2022/2023.

بينما قامت إندونيسيا، أكبر منتج لزيت النخيل في العالم، بتقييد صادرات زيت النخيل وهو عنصر أساسي في الطهي والخبز.

وهو القرار الذي بدء من 28 ابريل، ليتوقف الحظر في 20 مايو الماضي.

كما حظرت ماليزيا في 23 مايو / أيار تصدير الدجاج منذ بداية هذا الشهر بعد أن أدى نقص الأعلاف العالمي.

وبدورها فقد قالت ميشيل روتا، كبيرة الاقتصاديين في الممارسات العالمية للتجارة والاستثمار في مجموعة البنك الدولي:

“إن قيود الصادرات تخاطر بتفاقم الارتفاع في أسعار الغذاء العالمية، وستمتد الآثار لمختلف دول العالم”.

فيما يؤكد الاقتصاديون على أن أزمة الغذاء العالمية هي بالفعل أكثر حدة مما جرى في الأزمة عام 2008، التي حدثت بسبب عوامل أهمها:

  • الجفاف، والنمو السكاني العالمي.

  • زيادة استهلاك اللحوم في الاقتصادات النامية الرئيسية.

  • زيادة استخدام المحاصيل لإنتاج الوقود الحيوي.

وقال سيمون ايفينت، أستاذ التجارة الدولية والتنمية الاقتصادية في جامعة سانت غالن:

“من الصعب هذه المرة أن يتم انقاذ العالم من الأزمة الحالية، وذلك أن روسيا وأوكرانيا الآن في وضع مختلف عما كانا عليه عام 2008”.

بينما قال ديفيد لابورد ديبوكيت الباحث في المعهد الدولي لبحوث السياسات الغذائية:

“هذه الأنواع من الإجراءات تميل إلى إثارة بعض السلوك المذعور أو الاكتناز من جانب المشترين، مما يسرع من ارتفاع الأسعار.”

وقد حثَّ الاتحاد الأوروبي الذي يضم العديد من أكبر مستوردي الأغذية في العالم من حيث القيمة، شركائه التجاريين على عدم سن سياسات حمائية.

حيث قالت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين في خطاب ألقته هذا الشهر:

“يحافظ الاتحاد الأوروبي على استمرار صادراته الغذائية ، وكذلك الحال بالنسبة لأي شخص آخر”.

مجدي النوري مُدون وصانع محتوى اقتصادي، عمل في مجال الدراسات في إحدى أهم المؤسسات الاقتصادية في فلسطين، وقام بكتابة العديد من المقالات والأبحاث الاقتصادية، لديه العديد من الشهادات والدورات الاقتصادية لدى العديد من الجهات المحلية والدولية