تحذيرات خطيرة حول تجاهل رفع اسعار الفوائد على العملات من قبل الاسواق

رويترز: لم تعد إعلانات سياسة البنك المركزي تلقى صدى لدى متداولي أسواق المال المتمثلة بالأسهم، وذلك بعدما كان ينظر إلى سياسات البنوك المركزي على أنها كتاب القواعد الذي يحرك الأسواق بحسب قرارته، ليصل الحال الآن باسواق الأسهم إلى تجاهل ما يحدث من رفع في اسعار الفوائد على العملات .

فعلى الرغم من رفع الفيدرالي الفوائد لأعلى مستوياتها منذ عام 2007، وتأكيده على أنه ماضٍ في معركته ضد التضخم، إلا أن أسواق الأسهم الأمريكية قابلت ذلك بعدم اكتراث.

حيث وصل مؤشر S%P500 إلى أعلى مستوياته في خمسة أشهر، بعدما ركز المستثمرون على جزئية في كلام الفيدرالي.

أما أوروبا، فقد كانت أكثر حزما وشدة من الفيدرالي، فقالت رئيسته:

“إننا نرفع الفوائد بنصف نقطة مئوية الآن، مع وعد بالمزيد من الشيء نفسه في شهر آذار وما بعده”.

ولكن أسواقها كانت كالأمريكية، فانتعش مؤشر STOXX600 لأعلى مستوياته منذ ابريل العام الماضي.

أما السندات التي تسير بشكل طردي مع اسعار الفائدة، فقد انعكس هي الأخرى ايضا.

حيث استمرت أسواق السندات الحكومية في خفض أسعار الفائدة بنهاية العام مع تحول الدورة الاقتصادية.

بينما انخفض العائد على السندات الألمانية لأجل 10 سنوات بمقدار 23 نقطة أساس ، وهو أكبر انخفاض له في نحو عام.

كما سجلت العائدات الإيطالية أكبر انخفاض لها في يوم واحد منذ أن أطلق البنك المركزي الأوروبي العنان لتحفيز الطوارئ خلال كورونا.

وقد قال سلمان أحمد، الرئيس العالمي لتخصيص الأصول الكلية والاستراتيجية في شركة فيديليتي إنترناشونال:

“الأسواق تقول” يمكنك أن تقول ما تريده الآن ، نحن نعلم أنك ستغير نغمتك “.

بينما قال بعض المستثمرين :

“إن ما تعهدت به البنوك المركزية الآن هو أقل أهمية بالنسبة للأسواق التي يقودها بالفعل الاعتقاد بأن التضخم قد بلغ ذروته”.

فيما تتوقع الأسواق أيضًا أن التأثير المتأخر لارتفاع أسعار الفائدة سيؤدي إلى إبطاء الاقتصاد العالمي ، مع إجبار زيادات أسعار الفائدة على التراجع في وقت لاحق من العام.

ويتوقع التجار أن يقطع بنك الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة مرتين على الأقل بحلول نهاية العام.

بينما وعلى الرغم من أن البنك المركزي الأوروبي بدا متشددًا ، فقد خفضت الأسواق التوقعات بشأن السعر الرئيسي الذي سينتهي به إلى حوالي 3.25٪ من 3.4٪ في وقت سابق يوم الخميس.

وهنا وجب التحذير من هذا السلوك المتجاهل بشكل غير منطقي، ما بين اسواق تتجرع الألم في لحظات، وما بين بنوك مركزية لها سياساتها وأهدافها المختلفة تماما.

واما عن هذا التحذير، فإنه ليس تحذيرا مبنيا على توقعات، وإنما هو تحذير مبني على تصريحات.

حيث قال رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول يوم الأربعاء:

“إنني لا أرى أننا نخفض أسعار الفائدة هذا العام”.

بينما قالت كريستين لاغارد ، رئيسة البنك المركزي الأوروبي:

 “لدينا المزيد من الأرضية للتغطية ولم ننتهي”، لتشير بذلك إلى المزيد من رفع الفوائد.

بل إنه يجب التحذير من عدة قضايا، وأهمها

اولا. الفوائد الآن تقف عند مستويات 4.75% في امريكا وأكثر من 3% في اوروبا.

ثانيا. هذه النسب من الفوائد، هي النسب الأساسية التي ستقوم البنوك بوضع هوامش اضافية عليها لتحقيق الربحية.

ثالثا. هذه الفوائد، هي عبارة قروض استثمارية وتمويلية بالنسبة للشركات بشكل أكبر أهمية من تلك الفوائد التي يحصل عليها الافراد.

رابعا. ستقوم الشركات التي تحصل على التسهيلات خلال هذه الفترة تحديدا، بانتهاج أمرين، هما:

  • ان تتحمل هذه التكاليف وتقلل من ربحيتها مقارنة بربحية الاعوام الماضية التي حملت فوائد صفرية .

  • أو أن تقوم بترحيل هذه التكاليف إلى المستهلك عن طريق رفع اسعار منتجاتها وخدماتها.

وحتى أن تتم الأمور السابقة، فإن الأسواق تستطيع تجاهل كل حرف من حروف البنوك المركزية، لتكبد الدولار انخفاضات متتالية، ولترفع قيمة الاسهم بشكل كبير.

ولكن وحتى يتم إدراك أن اسعار الفوائد على العملات باتت مرتفعة حتى وإن لم يتم رفعها أكثر، فإن للاقتصاد كلمة أخرى مختلفة.

ملاحظة:

انصحك بقراءة مقالة مهمة عن سبب تفضيل امريكا للركود عن التضخم، (اضغط هنا)

المقالة الحالية، تعتمد على مقالة منشورة على رويترز، فيما تم استكمالها من خلال استقراء الواقع من الخبرة العملية والعلمية، والتي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الاسواق والمحللين العالميين.

مجدي النوري مُدون وصانع محتوى اقتصادي، عمل في مجال الدراسات في إحدى أهم المؤسسات الاقتصادية في فلسطين، وقام بكتابة العديد من المقالات والأبحاث الاقتصادية، لديه العديد من الشهادات والدورات الاقتصادية لدى العديد من الجهات المحلية والدولية