قالت شركة غازبروم الروسية إنها ستشحن 42.7 مليون متر مكعب من الغاز الطبيعي إلى أوروبا عبر أوكرانيا يوم السبت وفقا لوكالة رويترز، بعد ساعات من إعلانها أن التدفقات عبر خط أنابيب نورد ستريم 1 إلى ألمانيا لن تصل إلى ألمانيا، وهي الخطوة التي تم اعتبارها تهديدا رئيسيا سيطال اقتصاد أوروبا .
وعلى الرغم من هذه الأخبار إلا ان الامدادات لن تكون كافية لتعويض الغاز المفقود الذي كان من المتوقع ضخه عبر نورد ستريم1، والذي قالت الشركة عنه:
“لقدإ اكتشفنا أن هناك خللا في هذا الخط، ونحن بحاجة إلى وقت لصيانته”، دون أن تضع الشركة وقتا محددا ذلك.
وقد ردت شركة سيمينز انيرجيز التي تخدم هذا الخط وقالت:
“إن مثل هذا التسرب لا ينبغي أن يوقف تشغيل خط الأنابيب، بل إن هناك توربينات أخرى للحفاظ على تشغيل الخط رغم حدوث التسريب”.
ويبدو أن هذا التحرك الروسي، سيمثل تحركا مبدئيا للرد على حزم العقوبات التي استمرت منذ شهر آذار الماضي، وذلك كلما تم الاقتراب من فصل الشتاء الأكثر تطلبا على صعيد العالم بشكل عام، وعلى صعيد القارة العجوز الباردة بشكل خاص.
وقد بدأت الردود الأوروبية والإعلان عن الخطوات التي يمكن اللجوء إليها للتعامل مع أزمة الإمدادات الحالية.
حيث حذرت رئيسة وزراء السويد من أن قرار روسيا بوقف شحنات الغاز إلى أوروبا قد يضع نظامها المالي تحت ضغط شديد.
وقد قالت رئيس الوزراء ماجدالينا أندرسون لصحيفة فاينانشال تايمز:
“إن الحكومة ستقدم مئات المليارات من الكرونات في التمويل لمنتجي الكهرباء، الذين رأوا مقدار الضمانات التي يجب أن يقدموها مع بالون التبادلات استجابة لارتفاع أسعار الغاز والطاقة وزيادة التقلبات”.
كما قالت بعض المصادر المطلعة على مناقشات أوروبية رسمية جرت يوم الجمعة:
“سينظر وزراء الطاقة في الاتحاد الأوروبي في اتخاذ خطوات مماثلة لتخفيف نقص السيولة لشركات الطاقة في جميع أنحاء الكتلة الأوروبية”.
بينما حذرت أندرسون وقالت:
“إن الطلبات الإضافية المتزايدة لمنتجي الكهرباء، إذا تُركت دون رادع ، يمكن أن تنتشر عبر سوق المقاصة ناسداك الرئيسية في ستوكهولم ، وفي أسوأ الأحوال ، قد تؤدي إلى أزمة مالية”.
فيما أشارت اندرسون بأن المسألة ليست حرب شتاء، وإنما تهديد بإحداث أزمة مالية طاحنة لدى اقتصاد أوروبا بشكل مبدأي.
وقد قالت وزيرة المالية الفنلندية أنيكا ساريكو على تويتر:
“إن بلادنا ستتصرف هي أيضا، فالقلق مسألة مشتركة”.
وتأتي هذه الجهود لمقابلة خطورة الوضع الذي يواجهه اقتصاد أوروبا اثناء سعي المسؤولين عنه تأمين طاقة كافية لفصل الشتاء.
خاصة وأن الكهرباء ارتفعت لأعلى مستوياتها على الإطلاق قبل الاسبوع الماضي الذي شهدت فيه الأسعار انخفاضا بسيطا.
بل إنه وعلى الرغم من انخفاض عقود الغاز الأوروبية القياسية وعقود الطاقة الألمانية بنحو الثلث – على الرغم من أنها لا تزال حوالي 10 أضعاف المستويات التاريخية.
أما الآن فإن اغلاق خط انابيب نورد ستريم 1 فإنه سيكون كفيلا بتعزيز الأسعار عند فتح التداول يوم غد الاثنين.
كما تحدث مسؤول أوروبي في المفوضية الأوروبية، رفض الافصاح عن اسمه لرويترز، :
“إن بروكسل تعمل على عدة طرق ممكنة لمساعدة شركات الطاقة، وتحديدا على صعيد خطة السيولة الطارئة”.
بينما أقر مسؤول آخر لدى المفوضية الأوروبية بعدم جهوزية أوروبا على الرد، حينما قال:
“الروس سيلعبون معنا ونحن لسنا مجهزين بشكل جيد لمواجهة ذلك”
حيث اشتكى من أوضاع سوق الطاقة في أوروبا، من حيث طمع الشركات الخاصة، وهدر الطاقة، وعدم تقليل الاستهلاك الفردي.
بينما قال باولو جينتيلوني ، مفوض الاقتصاد في الاتحاد الأوروبي:
“لسنا خائفين من قرارات بوتين ، نطلب من بوتين احترام عقودهم ، لكن إذا لم يحترموا عقودهم ، فنحن مستعدون للرد”.
فيما قال جان فرانسوا لامبرت ، مؤسس لامبرت كوموديتيز والرئيس السابق لتمويل تجارة السلع الأساسية في بنك إتش إس بي سي:
“الأزمة تنتقل إلى المرحلة التالية، وإذا انهارت إحدى شركات الطاقة الكبيرة، فهناك مخاوف من أن يكون هناك تأثير الدومينو”.
مؤكدا على ضرورة التدخل حتى لا تحدث أزمة طاقة أوروبية، بشكل قد يقود إلى حدوث أزمة مالية أكبر.
أما ألمانيا فقد تكون المتضرر الأكبر، خاصة وأنها قامت بتقديم كافة الإجراءات والخطط لتأمين الطاقة للشتاء.
كما قامت قبل شهرين بتقديم حزمة انقاذ بقيمة 15 مليار يورو لشركة Uniper، وهي أكبر مشتر للغاز الروسي.
بينما يتم الحديث اليوم عن إمكانية أن تقوم الحكومة الألمانية بتقديم خصومات ضريبية كبيرة، او حتى اعفاءات جمركية للشركات الألمانية المزودة بالكهرباء.
كل هذه التصريحات الأولية تنذر بحرب طاحنة في القارة الأوروبية على صعيد الطاقة، والتي ستتضح ملامحها كلما اقترب الجميع من فصل الشتاء الذي قد يحمل ارتفاعات سعرية للطاقة.
مجدي النوري
مُدون وصانع محتوى اقتصادي، عمل في مجال الدراسات في إحدى أهم المؤسسات الاقتصادية في فلسطين، وقام بكتابة العديد من المقالات والأبحاث الاقتصادية، لديه العديد من الشهادات والدورات الاقتصادية لدى العديد من الجهات المحلية والدولية