كارثة الجوع والغلاء والبطالة تضرب اقتصاد سريلانكا : فهل ستنقذها الهند والصين

يتعرض اقتصاد سريلانكا لأزمة حقيقية مع تصاعد الاحتجاجات ضد أسلوب تعامل الرئيس السريلانكي جوتابايا راجاباكسا، في الدولة الجزيرة التي يبلغ عدد سكانها 22 مليون نسمة بناتج محلي إجمالي يقدر بثمانين مليار دولار أمريكي.

حيث أدى النقص الحاد في العملات الأجنبية إلى عدم قدرة حكومة راجاباكسا على دفع ثمن الواردات الأساسية، بما في ذلك الوقود، مما أدى إلى انقطاع التيار الكهربائي لمدة تصل إلى 13 ساعة.

كما ويعاني السريلانكيون العاديون أيضًا مع النقص والتضخم المرتفع، بعد مشاكل عملتها.

وذلك بعدما خفضت الحكومة قيمة الروبية بشدة الشهر الماضي قبل محادثات مع صندوق النقد الدولي بشأن برنامج قروض.

انخفاض قيمة العملة بشكل كبير أدى إلى تفاقم وضع اقتصاد ماليزيا

كيف وصل اقتصاد سريلانكا إلى هذه الكارثة؟

تشير الأمور إلى أن جذور الأزمة السيرلانكية الأسوأ منذ عدة عقود ، تكمن في سوء الإدارة الاقتصادية من قبل الحكومات المتعاقبة.

حيث أوجدت هذه الحكومات عجزا مزدوجا، تسبب في الميزانية إلى جانب عجز في الحساب الجاري.

وقد جاء في ورقة عمل بنك التنمية الآسيوي لعام 2019 أن سريلانكا هي اقتصاد كلاسيكي يعاني من العجز المزدوج.

ويشير العجز المزدوج إلى أن الإنفاق القومي لدولة ما يتجاوز دخلها القومي، وأن إنتاجها من السلع والخدمات القابلة للتداول غير كاف.

ولكن الأزمة الحالية ارتفعت بسبب التخفيضات الضريبية الكبيرة التي وعد بها راجاباكسا خلال حملته عام 2019، حيث قضت على أجزاء من اقتصاد البلاد.

كما ارتفعت هذا الأزمة مرة أخرى، حينما انخفض تصنيف البلاد من قبل وكالات التصنيف الائتمانية، وحجبها عن الأسواق الدولية:

  • صناعة السياحة التي ضربت اقتصاد البلاد أثناء الوباء.

  • تحويلات العمال الأجانب التي تم استنزافها خلال فترة الحجر الصحي.

بينما ساهم انخفاض احتياطيات النقد الأجنبي في تعميق الأزمة، حيث انخفضت بنسبة 70% تقريبا في غضون عامين.

حيث لم يتبق للبلاد سوى 2.31 مليار دولار من احتياطياتها اعتبارا من فبراير.

كما أثر قرار حكومة راجاباكسا بحظر جميع الأسمدة الكيماوية في عام 2021 ، وهي خطوة تم التراجع عنها لاحقًا ، على قطاع المزارع في البلاد وأدى إلى انخفاض محصول الأرز المهم. 

ماذا يحدث مع الديون الخارجية لسريلانكا؟

تواجه البلاد مدفوعات ديون بنحو 4 مليارات دولار في عام 2022، بما في ذلك سندات سيادية دولية بقيمة مليار دولار تستحق في يوليو.

حيث تشكل السندات السيادية الدولية الحصة الأكبر من الديون الخارجية لسريلانكا بمبلغ 12.55 مليار دولار.

بما في ذلك ديون بنك التنمية الآسيوي واليابان والصين من بين المقرضين الرئيسيين الآخرين.

وقد قال صندوق النقد الدولي في مراجعته لاقتصاد سيرلانكا:

“إن الدين العام قد ارتفع إلى “مستويات لا يمكن تحملها” واحتياطيات النقد الأجنبي غير كافية لسداد الديون على المدى القريب”.

بينما قالت Citi Research وفقا لوكالة رويترز:

“إن نتيجة تقرير صندوق النقد الدولي والإجراءات الحكومية، تشير بقوة إلى الحاجة إلى إعادة هيكلة الديون”.

من يساعد سريلانكا؟

وضعت الحكومة في النهاية خطة للتواصل مع صندوق النقد الدولي في أبريل، بعد ارتفاع أسعار النفط في أعقاب الغزو الروسي لأوكرانيا.

حيث قال متحدث باسم صندوق النقد الدولي يوم الخميس:

“إن صندوق النقد الدولي سيبدأ مناقشات مع السلطات السريلانكية بشأن برنامج قروض محتمل في الأيام المقبلة”

كما طالب الرئيس السيرلانكي الصين والهند بتقديم المساعدة، ومن المتوقع وصول شحنة ديزل من الهند بقيمة 500 مليون دولار.

بينما وقعت سريلانكا والهند خط ائتمان بقيمة مليار دولار لاستيراد الضروريات، بما في ذلك الأغذية والأدوية.

فيما وسعت حكومة راجاباكسا إلى الحصول على مليار دولار آخر على الأقل من نيودلهي.

وتدرس الصين تقديم تسهيل ائتماني للدولة الجزيرة بقيمة 1.5 مليار دولار وقرض منفصل يصل إلى 1 مليار دولار.

مجدي النوري مُدون وصانع محتوى اقتصادي، عمل في مجال الدراسات في إحدى أهم المؤسسات الاقتصادية في فلسطين، وقام بكتابة العديد من المقالات والأبحاث الاقتصادية، لديه العديد من الشهادات والدورات الاقتصادية لدى العديد من الجهات المحلية والدولية