البحر الأحمر والتضخم بنسخته الجديدة! فكيف سيؤثر على الأسواق والدولار

احتفى العالم قبل أن ينتهي عام 2023، بنفس ما احتفى به تقريبا مع نهاية عام 2022، ولكنه زاد على الاحتفال تأكيداته بأن حفلة الفوائد المرتفعة قد غادرها كل من كان يؤيدها، فبدأت الأسواق المالية بالتحسن والوصول إلى مستويات تاريخية لم تصل إليها بعض المؤشرات الرئيسية في الأسواق العالمية وتحديدا الأميركية، وذلك بعدما ابتهج العالم بأرقام التضخم المنخفضة، وحديث الفيدرالي وفي مقدمته رئيسه جيروم باول، بأنه منفتح على أي انخفاض خلال عام 2024، ولكن تجري الرياح بما لا تشتهي السفن (وليس نادرا هنا، وفقد اعتادت الأسواق تعكير مزاجها دائما)، فهل سيكون عنوان المرحلة القادمة البحر الأحمر والتضخم ولكن بنسخة جديدة وأشد وطأة؟ 

إن ما أود التركيز عليه في هذه المقالة، هو إعادة صياغة ما كنت أؤكد عليه خلال السنوات الماضية، والتي كانت على النحو التالي:

أولا. التضخم العالمي في نسخته السابقة، لم يعد ذلك العامل المؤثر على مسار الفوائد.

ثانيا. عصر الفوائد المنخفضة بات وراء ظهور الفيدرالي على وجه التحديد والبنوك المركزية بشكل عام.

ثالثا. الدولار الأميركي ما زال قادرا على تسيد المشهد، وأن الدولار المنخفض وإن حدث، فإنه سيكون مجرد فترة قصيرة.

رابعا. أداء الدولار الأميركي في السوق الفلسطيني، يتأثر بالمعطيات الداخلية الإسرائيلية بشكل أكبر من معطيات الاقتصاد العالمي.

وهنا فإنني أود إعادة صياغة النقاط التالية، وفقا لمعطيات البحر الأحمر والتضخم الذي أجد بأنه قد يعود بنسخة جديدة، وليس العودة عن الرأي لخطأ ما، والذي إن حدث، فلن أخشى الاعتذار عنه.

وسيصيب التعديل النقطة الأولى والأخيرة من النقاط السابقة، وعلى النحو التالي:

أولا. التضخم العالمي بنسخته الجديدة سيكون عاملا مؤثرا بشكل كبير على مسار الفوائد، بعدما كنت أظن بأن عاملا سياسيا آخر سيؤثر على الفوائد لهذا العام، وسأشرح ذلك مباشرة بعد (ثانيا).

ثانيا. أداء الدولار الأميركي في السوق الفلسطيني، سيبدأ بالتأثر بالعوامل الخارجية التي نشأت من رحم المعطيات الإسرائيلية.

فالتضخم العالمي السابق، كان بسبب قوة الطلب، بعد تريليونات التحفيز التي قدمتها مختلف الدول حول العالم خلال عام 2020.

كما جاء مصحوبا بعد ذلك بعامٍ ونصف من نقص المعروض بسبب إغلاق الصين لأبوابها.

بينما ارتفع بشكل أكبر بسبب الصراع الروسي الأوكراني الذي بات نمطيا منذ منتصف عام 2023 وحتى الآن (والنمطي يعني أنه لم يصبح بذلك الزخم الذي كان عليه بداية آذار من عام 2022).

أما النسخة الحالية من التضخم، فتكاد تكون خطيرة جدا، إذ أن منشأها هو السياسة والأحداث العسكرية التي بدأت كبيرة، وما زالت تتجه للاتساع بسبب تعنت إسرائيل بإنهاء حربها، ودخول أميركا وبريطانيا في معمعة الرد في زمن حرج جدا كان العالم يظن أنه تخلص من التضخم.

أما الشأن الإسرائيلي، فإنني ما زلت أؤكد بأنه لن تظهر عليه التأثيرات الحقيقية إلا بعد انقضاء الحرب، وحتى مرور المدة الزمنية الواجبة لتعيين حكومة أخرى تعيد الاقتصاد الإسرائيلي نحو بوصلة النمو.

وبالتالي فإن النتيجة ستبقى ماثلة ومتشابهة لحد كبير بين الأسواق المالية والنقدية؛

حيث الأسواق المالية العالمية التي تعيش أبهى أوقاتها للبيع وجني الأرباح.

بينما يعيش الدولار ضمن نطاق سعري مميز للبيع أيضا وجني الأرباح.

كما قد يعيش الذهب ووفقا لتوقعات مجلس الذهب العالمي، ضمن مستويات تاريخية، مع امتداد الحرب واتساعها.

علما أن عودة الأمل بانخفاض التضخم تستوجب أمرا محددا، هو الانتهاء من اضطرابات البحر الأحمر بشكل آمن، وآمن فقط.

مقالة أنصحكم بالاطلاع عليها لمعرفة مدى تأثر العالم باضطرابات البحر الأحمر (اضغط هنا).

مجدي النوري مُدون وصانع محتوى اقتصادي، عمل في مجال الدراسات في إحدى أهم المؤسسات الاقتصادية في فلسطين، وقام بكتابة العديد من المقالات والأبحاث الاقتصادية، لديه العديد من الشهادات والدورات الاقتصادية لدى العديد من الجهات المحلية والدولية