منذ تاريخ 25 ابريل الماضي، والدولار الأميركي يشهد انخفاضا مقابل الشيكل الإسرائيلي، إذ فقد 4% من سعر صرفه، وتحديدا من 3.8 شيكل للدولار إلى 3.65 شيكل، وهو الأمر الذي تصادف مع معطيات معاكسة تماما، كان من شأنها على أقل تقدير أن تبقي الدولار الأميركي صامدا وبشكل كبير امام الشيكل تحديدا، وهنا يأتي السؤال: لماذا ينخفض الدولار مقابل الشيكل الإسرائيلي ؟
وللإجابة على سؤال المقال سيتم تقسيمها للأجزاء التالية:
أولا. هل يجب أن يرتفع الدولار أم ينخفض؟
وفقا لأسباب الارتفاع، فإن الدولار يمتلك وحتى الآن ما يجعله قويا أو متماسكا، خاصة بسبب بقاء مخاوف التضخم قائمة حتى الآن.
حيث تتجلى تلك المخاوف في حديث رئيس وأعضاء الفيدرالي الأميركي، إضافة إلى محضر اجتماعهم الأخير عن شهر مايو والذي أكدوا فيه على أنهم بحاجة لعدة قراءات قادمة منخفضة للتضخم.
ولكن الأسواق وكعادتها، ما زالت تتمسك ببعض من الأمل وتدفع نحو تخفيض الدولار.
وهو الأمل الذي لديه سببين:
الأول يتمثل في أن هذا العام (أي 2024)، يؤمل في أن يكون أول عام لانخفاض الفائدة منذ عام 2020.
والآخر يتمثل في أن آخر قراءة للتضخم جاءت منخفضة وفقا للتوقعات.
ولكن وبغض النظر عن أمل الأسواق، ونتائج الشركات التي تدعم هذا الأمل أيضا، فإن التضخم ما زال يحتاج لعدة قراءات لإثبات أنه ينخفض وبسرعة وبثبات، وحتى تلك القراءات (أو حتى صدور أول قراءة منخفضة) فإن الدولار سيبقى صامدا وقادرا على الارتداد والارتفاع حتى وإن انخفض.
بينما قد يبدأ في رحلة الانخفاض الحقيقية بعد قراءتين منخفضتين للتضخم، واللتان ستدفعانه للانخفاض لمستويات سعرية تذكرنا بتلك المستويات التي قد انطلق منها نحو الأعلى قبل عامين.
ثانيا. هل قوة الشيكل سببها تدخل المركزي الإسرائيلي ؟
من حق كل بنك مركزي أن يسرع لإنقاذ عملته من الانهيار، وهو ما حدث من قبل المركزي الإسرائيلي بداية أحداث السابع من أكتوبر حينما تخطى الدولار 4 شواكل.
ولكن هذا التدخل الذي يمكن للمركزي الإسرائيلي أو أي مركزي القيام به، سيحتاج دائما للإعلان عنه والحديث عن مجرياته، وذلك لتؤتي جهود التدخل ثمارها بأسرع وقت ممكن، وهو ما لم يحدث بعد آخر إعلان للمركزي الإسرائيلي.
أي أن ما يحدث الآن على تداول الدولار/شيكل هو أمر طبيعي يحدث بسبب تسعير وامتصاص الاقتصاد الإسرائيلي لما يحدث من أحداث سياسية واقتصادية (مثلما حدث بامتصاصها لتخفيض تصنيفها الائتماني لدى الوكالات الرئيسية)، إضافة إلى أنه يحدث في ظل التداولات وما يحدثه خلالها صناع السوق (الجهات الرئيسية وذات الأحجام المالية الكبيرة وليس مجرد أشخاص).
السؤال الأهم: لماذا ينخفض الدولار مقابل الشيكل ؟
على الرغم من أن السؤالين الماضيين يجيبان عن هذا السؤال، ولكن سألخص الإجابة كما يلي
الدولار الأميركي الآن ينتظر أي بيان اقتصادي يتيح للفيدرالي التحرك نحو تخفيض الفوائد، وتحديدا قراءة التضخم القادمة بتاريخ 12/6/2024، وهو تاريخ انعقاد اجتماع الفيدرالي واتخاذه لقرار الفائدة وحديثه عن قراءة التضخم.
وحتى صدور تلك البيانات، وتحديدا مؤشر التضخم، فإن الدولار سيبقى متخبطا أمام الشيكل ما بين انخفاض وارتفاع ضمن نطاقات سعرية سيتم تحديدها تبعا لأهمية وحجم كل مؤشر وقراءة.
وفي النتيجة؛
ستكون كل عملية انخفاض في الدولار سببا من أسباب الاندفاع نحو شرائه، لتكوين مراكز دولارية على مستويات سعرية منخفضة في كل مرة.
أما على صعيد التداول فإنه يُنصح بأن يتم ضمن نطاقات سعرية ضيقة لتخفيف التعرض للخسائر بأكبر قدر ممكن.
ملاحظة:
تمت كتابة المقالة دون التطرق إلى احتمالية إيجاد حل سياسي وإيقاف الحرب في غزة، والتي إن حدثت فإنها ستكون سببا ضاغطا على الدولار لفترة لا نعتقد بأنها ستكون طويلة أو عنيفة على مستوى انخفاض الدولار مقابل الشيكل .
مجدي النوري
مُدون وصانع محتوى اقتصادي، عمل في مجال الدراسات في إحدى أهم المؤسسات الاقتصادية في فلسطين، وقام بكتابة العديد من المقالات والأبحاث الاقتصادية، لديه العديد من الشهادات والدورات الاقتصادية لدى العديد من الجهات المحلية والدولية