السندات الأمريكية : أسرار جاذبيتها رغم التضخم وأثرها على سعر صرف الدولار

كان معدل التضخم يسير بمعدل سنوي لا يتجاوز 1.7% عندما تم انتخاب دونالد ترامب رئيسا، مقارنة بمستوى 7% الذي سجله مؤشر أسعار المستهلك في ديسمبر الماضي، وهو ما قاد إلى موجة من الاضطرابات التي شهدتها أسواق الأسهم، في الوقت الذي بقيت فيه السندات الأمريكية جذابة بالنسبة للكثيرين.

وسنقوم فيما يلي بعرض الأسرار التي تقف وراء هذه الجاذبية بالنسبة لسوق ما زال متماسكا إلى درجة معينة مخالفة للتوقعات.

حيث ذهبت التوقعات إلى انخفاض الطلب على السندات الأمريكية في ظل ارتفاع التضخم لأعلى معدلاته منذ الثمانينات.

إلا أن مشتريات السندات ظلت بالقرب من المستويات القياسية المعتادة، مدفوعة بانخفاض العوائد في بعض الفترات (لاحظ الرسم أدناه اعتمادا على markets.ft).

وتعبر سندات الخزانة لمدة 10 سنوات، عن الضمان الرئيسي في سوق سندات الحكومة الأمريكية من وجهة نظر الكثيرين.

حيث يبلغ حجمها 22 تريليون دولار، وتدور الآن حول 1.8% وهي النسبة المقاربة لما كان عليه الوضع في بداية الوباء.

السندات الأمريكية : منحنى سير العائد على السندات خلال عامين
السندات الأمريكية : منحنى سير العائد على السندات خلال عامين

الأسرار التي تقف وراء جاذبية السندات الأمريكية :

أما عن الأسباب التي يمكن أن تمثل بدورها أسرار جاذبية السندات الأمريكية ، فيشير تلمون سميث إليها على النحو الآتي:

  • التوقعات طويلة الأجل بشأن التضخم، والتي تشير إلى امكانية السيطرة عليه، وعودة الأمور إلى مسارها الطبيعي.

  • ارتفاع الثروات بشكل كبير في جميع أنحاء العالم، بشكل غير متساوِ.

  • ارتفاع أعداد جيل المتقاعدين، الذين يرغبون في سوق السندات الثابت مقارنة بسوق الأسهم المتقلب.

نقطة نظام، المالية الأمريكية ستكون في حالة عجز مستدام!

هناك من يرى بأن قيام الفيدرالي بانفاق مئات المليارات من الدولارات على شراء السندات للحفاظ على معدلات فائدة منخفضة، سيكون له عواقب وخيمة على المالية العامة الأمريكية.

حيث يرى المنتقدون بأن المسؤولين الفيدراليين لجؤوا إلى تيسير نقدي لفترات طويلة جدا، فارتفع سوق السندات ليصل إلى 23 تريليون دولار.

ليرتفع عن مستوى 3 تريليون دولار الذي كان قبل عشرين عاما، وليرتفع الدين القومي من 55% لأكثر من 120% من الناتج المحلي الإجمالي.

حيث يمكن تفسير هذه الأرقام ببساطة، وكنتيجة، من خلال ما قاله ديفيد بيكوورث ، الاقتصادي الدولي السابق في وزارة الخزانة:

“إذا استمر الطلب على السندات قويا، فإن عجز الميزانية الأمريكية سيصبح مستداما”.

تفسير الأسرار الثلاثة:

أما عن الأسباب الأول، فإن هناك أمر كبير في أن يعيد الفيدرالي معدل التضخم خلال السنوات العشر إلى مستوياته المأمولة حول 2.4%.

بينما وفيما يتعلق بالسبب الثاني، فتشير التقديرات إلى ارتفاع الثروة العالمية ما بين 2000-2020 بثلاثة أضعاف عما كانت، لتصل إلى 510 تريليون دولار.

وهو ما أدى إلى ارتفاع حجم الأموال المستثمرة في سوق السندات، للاستفادة بمعدل عوائد مستقرة نوعا ما.

أما عن السبب الثالث والذي يعبر عن المتغير الديموغرافي وارتفاع شريحة المتقاعدين، أو الذين اقتربوا من سن التقاعد.

فيقول بن كارلسون، مدير إدارة الأصول المؤسسية في Ritholtz Wealth Management :

“حتى في ظل التضخم، فإن هناك شريحة من الناس ستفضل العائد على الدخل الثابت”.

حيث قصد كارلسون سوق السندات الحكومية التي توفر لهذه الشريحة من الناس عائدا مستقرا بشكل نسبي.

النظرية العامة بين سوق السندات وسعر صرف الدولار الأمريكي:

بشكل عام، إذا انخفض الطلب على السندات الأمريكية، فإن العائد على السندات سيرتفع مما يعني معدلات أعلى للفائدة في المستقبل.

وهو ما يشكل، نظريا اتجاها صاعدا للدولار الأمريكي.

بينما إذا زاد توجه المستثمرين نحو السندات، فإن العائد ينخفض ويقترح أسعار فائدة أقل في المستقبل.

وهو ما يشكل، نظريا أيضا، اتجاها هابطا للدولار الأمريكي.

مجدي النوري مُدون وصانع محتوى اقتصادي، عمل في مجال الدراسات في إحدى أهم المؤسسات الاقتصادية في فلسطين، وقام بكتابة العديد من المقالات والأبحاث الاقتصادية، لديه العديد من الشهادات والدورات الاقتصادية لدى العديد من الجهات المحلية والدولية