كتب Anjani Trivedi على موقع Bloomberg مقالة عن تفوق الصين وكونها أصبحت الأولى عالمياً في مجالٍ تقنيٍّ تكنولوجيٍّ عالي الأهمية.
وأكد على أن الشلل شبه التام في مختلف الاقتصاديات العالمية جرّاء كورونا، لم يقف حائلا أمام أن تصبح الصين الأولى عالميا .
حيث أطلقت الصينُ نظامَ الملاحةِ ورسمِ الخرائط الرقمية DeiDou، والذي سينافس أمريكا ونظام جاليليو في أوروبا.
وهو ما يعني تحد كبير، ومنافس شرس سيقف في وجه الصناعة الأمريكية على صعيد الملاحة الفضائية.
هل اكتفت الصين بوضع هذا النظام؟ لا!
لقد وضع المسؤولون الصينيون إطاراً لمعايير نجاح هذا النظام الجديد؛ حيث قاموا بتقديم المساعدات المالية والحوافز للشركات التي ستستخدم هذه التقنيات.
وقد صرح Ran Chengqi، مدير مكتب الملاحة عبر الأقمار الصناعية في الصين قائلا:
“إن الصين على استعداد لبناء سلسلة إمداد من الرقائق والوحدات واللوحات وغيرها من الخدمات ل BeiDou”
(يُذكر أن تكلفة الرقائق التي ستسمح للدول باستخدام هذا النظام بلغت تكلفتها في العام الماضي 50 مليار دولار).
لقد عملت الصين على هذا المشروع بشكل مكثف، خاصة مع قيام الولايات المتحدة بمحاربة الشركات الصينية بشتى الطرق.
فقامت ببناء شبكة الاقمار الصناعية الصينية المتنامية لتنافس النسخة الأمريكية ولتستفيد الشركات الصينية منها أيضا في مثل هذه الأوقات الحرجة.
و قد بدأ هذاالمشروع في الصين كمشروع عسكري في سبعينيات القرن الماضي للمساعدة في الملاحة ورسم الخرائط.
ووفقًا لمقاييس معينة، فإن أحدث إصدار من BeiDou هو الأفضل مقارنة بالمنافسين، وذلك من حيث أن دقة إشاراته تصل إلى 0.41 مترًا مقابل 0.5 متر لنظام تحديد المواقع العالمي (GPS) في المتوسط.
و,فقًا لمحللي Jefferies Financial Group Inc، فإن الصين تعتمد بنسبة 100٪ في بناء القمر على مكونات رئيسية يتم إنتاجها محليا.
هل يقف المشروع الصيني عند حد الملاحة؟ لا!
في الوقت الذي يساعد فيه نظام GPS العالمي التقليدي في الأمور العسكرية وتنظيم شؤون المرور، فإن الصين تركز على المضي قدمًا و إنشاء نظام بيئي لنظام الملاحة الخاص بها، بما يشمل حماية البيئة، إلى جانب تسهيل الأمور التجارية والخدماتية.
ماذا ستستفيد الصين من هذا المشروع؟!
إليكم أهم الفوائد التي ستعود على الأمة الصينية نتيجة هذا المشروع:
أولا. سترتفع قيمة الشركات المحلية في السوق الصينية، وهوما حدث فعلا في شركات محلية تقدم الخدمات والمنتجات القائمة على نظام الملاحة الجديد وتعتبر شركة Guangzhou Haige Communications Group Inc. مثالا صريحا على ذلك.
ثانيا. سيخفض هذا المشروع من تكاليف البحث والتطوير، بسبب وسائل الاتصال الاكثر فعالية، وخاصة أثناء استخدامه في الخدمات اللوجستية والمزارع والمصانع.
كيف ستصبح الصين الأولى عالميا ثم أمريكا وروسيا بناء على هذا المشروع؟
الآن ومع حيازة الصين ل56 قمرا صناعيا فإنه يتم النظر إلى الصين على أنها الاكثر تقدما والأكثر دقة والأفضل على صعيد التغطية العالمية، بل والأكبر حجما مقارنة بأمريكا وروسيا الرائدتين في مجال الملاحة الفضائية.
حيث أن أمريكا لا تمتلك أكثر من 35 قمرا، ثم تأتي روسيا لتحتل المركز الثاني بثلاثين قمر صناعي.
وحتى الآن فإن هناك أكثر من 100 دولة في جميع أنحاء إفريقيا وأوروبا الشرقية وجنوب شرق آسيا تستخدم النظام الجديد.
أما عن المشاركين في مبادرة الحزام والطريق “طريق الحرير” فسيستخدمونه على نطاق أوسع لرسم الموانئ والأراضي باستخدام أفضل وسائل الذكاء الاصطناعي.
أما التحدي الأكبر الذي سيقف أمام المشروع الصيني فيتمثل بالثقة.
حيث أن ثقة المستخدمين في النظام القائم GPS منذ سنوات، قد تمنعهم من التحول إلى النظام الجديد بسهولة وسرعة.
إلا أن الصين ستستخدم معيار الدقة والشمولية في مقابل تحدي الثقة، فهل ستتفوق الصين في هذا الأمر؟
مجدي النوري
مُدون وصانع محتوى اقتصادي، عمل في مجال الدراسات في إحدى أهم المؤسسات الاقتصادية في فلسطين، وقام بكتابة العديد من المقالات والأبحاث الاقتصادية، لديه العديد من الشهادات والدورات الاقتصادية لدى العديد من الجهات المحلية والدولية