يوما بعد يوم، يزداد الأمر تخوفاً من قبل المواطن الفلسطيني في ظل الأوضاع الاقتصادية السيئة التي تحيط به، وفي ظل ما تعيش فيه الأسواق الفلسطينية من حركة اقتصادية غاية في السوء، وظروفاً مالية مضطربة على صعيد الموظفين، وذلك بعد مرور أكثر من شهر على استلام الموظفين الحكوميين لرابتهم الأخير (والذي كان في شهر أبريل الماضي)، فإلى أين يتجه الوضع الاقتصادي في فلسطين؟
يشير الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني بأن الرقم القياسي لأسعار المستهلك قد واصل انخفاضه للشهر الثاني على التوالي بسبب انخفاض أسعار بعض السلع الأساسية ضمن المواد الغذائية والوقود، إلا أن هذا الانخفاض لم يقابله تحسنٌ واضح على صعيد الطلب وذلك بسبب القدرة الشرائية المتراجعة، وارتفاع مؤشر الخوف من قبل المواطن إزاء المستقبل. أما على صعيد الأعمال في فلسطين، فقد أشارت سلطة النقد الفلسطينية إلى مؤشر سلطة النقد الفلسطينية لدورة الأعمال في شهر أيار 2020؛ حيث وعلى الرغم من تحسنه مقارنة بشهر إبريل إلا أنه بقي ضمن المنطقة السالبة، حيث أنه أقل من المؤشر المناظر له في السنة الماضية، وأقل من متوسطات السنوات السابقة لنفس المؤشر، ويعود هذا التحسن البسيط إلى عودة الحياة إلى بعض المنشآت الاقتصادية بعد شهر وأكثر من الحجر الإجباري بسبب كورونا، وقد أشارت سلطة النقد إلى تحسن القطاعات التالية على الترتيب: التجارة فالصناعة فالاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، فالإنشاءات، والزراعة، إلا أن كل هذه القطاعات بقيت في المناطق السالبة كنتيجة.
الوضع الاقتصادي المضطرب على صعيد العملات:
يستخدم الاقتصاد الفلسطيني ثلاث عملاتٍ رئيسي هم: الدولار الأمريكي والدينار الأردني والشيكل الاسرائيلي، وقد شهدت هذه العملات تذبذبا كبيرا وضبابية في المشهد، فقد بقي الدولار الأمريكي في مستويات أربعينية أمام الشيكل الاسرائيلي، وذلك لأسباب مختلفة، يتعلق أحدها بالجانب الأمريكي ومؤشراته، ويتعلق الآخر بالأوضاع الاقتصادية في اسرائيل وبنكها المركزي وسياسته، وهو ما يزيد من معاناة المواطن الفلسطيني ويؤثر على دخله وثروته ومدخراته، ويبدو أن التكهنات هي من يسيطر على تحركات سعر الصرف، في الوقت الذي أدى فيه المحللون أداءً غير جيد وهو الأمر المعتاد في ظل الظروف الضبابية.
ما هي الحلول الممكنة التي قد تُجدي نفعا مع الاقتصاد الفلسطيني:
أشار الخبير الاقتصادي الفلسطيني الدكتور نصر عبد الكريم إلى الأزمة الاقتصادية الراهنة، ومدى صعوبتها، كما وأشار إلى صندوق “وقفة عز” والذي وجد حجمه المالي دون التوقعات المأمولة –حسب وصفه-، إلا أنه طلب بأمورٍ بالغة في الأهمية، وهي على النحو التالي:
1. العمل على ترشيد النفقات الحكومية، والبدء في الأولويات من المرتبات البسيطة للموظفين، صعودا في سلم الالتزامات للرواتب العالية، مع تنحية أية متفرقات ومصاريف غير ضرورية وطوعية أو يمكن الاستغناء عنها في الفترة الراهنة.
2. العمل على إعادة النظر في الضرائب، وخاصة مع الشركات التي لم تتضرر بشكل كبير بسبب كورونا، وإقناعها بدفع سلف ضريبية مقدما على حساب رواتبها والدخول الخاصة بها للعام 2020، إلى جانب الحد من ظاهرة التهرب الضريبي عن السنوات الماضية، لما لذلك من أهمية كبيرة في توفير قدر من السيولة.
3. العمل على تفعيل شبكة الأمان المالي مع الدول العربية والمانحة، وذلك ببذل الجهود الدبلوماسي بشكل أكبر.
4. العمل على التواصل مع الجهات المانحة الدولية، مثل صندوق النقد الدولي والدول الأخرى التي كانت على صلة جيدة مع الطرف الفلسطيني، وإمكانية طلب القروض الدوارة (بفائدة صفرية) والذي يُشترط دفعه مع استلام أموال المقاصة.
5. ضرورة العمل على ترتيب الأولويات وإعادة النظر في القطاعات الاقتصادية المُهمشة، وعلى رأسها الزراعة والصناعة، واللذان تم تهميشهما لصالح التجارة والاستثمار والخدمات.
مجدي النوري
مُدون وصانع محتوى اقتصادي، عمل في مجال الدراسات في إحدى أهم المؤسسات الاقتصادية في فلسطين، وقام بكتابة العديد من المقالات والأبحاث الاقتصادية، لديه العديد من الشهادات والدورات الاقتصادية لدى العديد من الجهات المحلية والدولية