خبراء عالميون: فرصة ذهبية أمام انتهاء مشاكل سلاسل التوريد خلال هذا العام، ما هي؟

لقد وصلت أزمة سلاسل التوريد إلى مستويات خطيرة،  تضاعفت معها مستويات أسعار الشحن إلى سبع مرات عن متوسط ما كانت عليه قبل الجائحة، الأمر الذي دفع معدلات التضخم إلى مستويات تاريخية في العديد من المناطق العالمية، وفيما يلي نبذة عن آراء بعض المحللين والخبراء وكبار العاملين في مجال الشحن حول احتمالية انتهاء مشاكل سلاسل التوريد خلال العام الحالي.


يصف جنز بجورن اندرسون، الرئيسي التنفيذي لأحد أكبر مجموعات الخدمات اللوجستية في العالم حالة الإحباط من وضع سلاسل التوريد قائلا لوكالة الفاينانشال تايمز:

“إن الوضع أسوأ ما رأيته على الإطلاق منذ ثلاثة عقود لي في هذه الصناعة”.

فيما تشير التقارير إلى أن اختناقات الشحن التي نعيشها اليوم، هي واحدة من أحد أخطر التهديدات التي يتعرض لها الاقتصاد العالمي بعد الخروج من الوباء.

وهو ما يثير في الصدور سؤالا عميقا، عما إذا اقتربت مشاكل سلاسل التوريد من الحل في العام 2022 أم أنها ستبقى مستمرة.

ماذا لو استمرت هذه المشاكل؟

سيكون الاقتصاد العالمي، إذا ما استمرت مشاكل سلاسل التوريد، أمام المشاكل المركبة الآتية:

  • بقاء تكاليف الشحن عند مستويات مرتفعة، مع مساحات تخزين محدودة.

  • استمرار مشاكل السفن المحملة بالبضائع والجاثمة على أبواب الموانئ وفي أوساط البحار.

  • ارتفاع في الأسعار، وزيادة معدلات التضخم.

  • دفع الاضطرابات في سلسلة التوريد إلى مستوى جديد من التوتر.

  • اللجوء إلى توحيد شبكات الشحن.

  • إحداث تغيير جذري في التجارة العالمية.

ما هي أسباب استمرار مشاكل سلاسل التوريد؟

أما عن أسباب احتمالية استمرار هذه المشكلة، فهذا يتعلق بأمور رئيسية ما زالت محور معاناة العالم، وهي:

أولا. الاغلاق في ظل نقص العمالة في ظل استمرار الإصابة.

ويمكننا التمثيل لهذه المشكلة البارزة بسهولة، وذلك إذا استعرضنا حال أكثر موانئ الحاويات الخمسة ازدحاما في العالم، وهما موانئ شنتشن ونينغبو في الصين.

حيث تم اغلاق الموانئ السابقة، لمجرد الإعلان عن اصابات بسيطة بفايروس كورونا، ضمن استراتيجية الصين في التصدي للجائحة.

كما قامت الصين بوضع مدينة شيان المركزية (13 مليون نسمة) قيد الاغلاق في ديسمبر.

وهو الأمر الذي لم يختلف كثيرا لدى الجانب الأوروبي، والذي شهد عدة عمليات اغلاق قبل عيد الميلاد.

وقد دفعت هذه الاغلاقات الكبيرة، الكثيرين إلى القلق، والحديث عن ضرورة وضع مبادرات خلاقة لانهاء مشاكل سلاسل التوريد.

حيث قال إريك ييم، العضو المنتدب لشركة China Merchants Port Holdings ، وهي مجموعة مدعومة من الدولة:

“إن الطريقة الوحيدة لاستعادة النظام في سلسلة التوريد هي تحقيق توافق أوثق بين الحكومات بشأن تدابير فيروس كورونا من خلال بروتوكول معترف به دوليًا مصمم لحماية النقل الرئيسي عمال”.

بينما قال سايمون هيني، المحلل في Drewry للاستشارات البحرية:

“أنا متشائم من أننا سنشهد تغييرًا جذريًا هذا العام”.

حيث يؤكد سايمون على مدى عمق الأزمة التي تواجهها خدمات النقل داخل الموانئ.

ثانيا. بقاء قوة الطلب على السلع الاستهلاكية:

ويعتبر استمرار ارتفاع الطلب على السلع الاستهلاكية واحدا من أكبر العوامل التي يمكن أن تزيد من مشاكل سلاسل التوريد.

فحوالي 65% من انفاق المستهلك الامريكي يذهب عادة على السلع والباقي للخدمات، وهو ما أدى إلى رفع الواردات الأمريكية بنسب كبيرة.

ثالثا. عدم كفاءة البنية التحتية لدى الموانئ الرئيسية، وتحديدا الأمريكية، إلى جانب نقص سائقي الشاحنات.

فرصة ذهبية أمام انتهاء مشاكل سلاسل التوريد خلال هذا العام، ما هي؟

وفقا لما جاء على لسان جون بيرسون، الرئيس التنفيذي لشركة DHL Express، فإن هناك فرصة ذهبية لظهور بعض التحسن على مشاكل سلاسل التوريد العالمية.

حيث يرى بيرسون بأن العالم، يقف الآن أمام فترة الذروة؛ حيث يميل الطلب على شحن الحاويات إلى الارتفاع في الأسابيع التي تسبق العام الصيني الجديد في أوائل فبراير في عام 2022.

وهي الفترة التي تشهد فيها بعض المصانع اغلاقا مؤقتا، وتراجعا نسبيا في الصادرات، الأمر الذي قد يُحسّن من حركة سلاسل التوريد .

حيث قال رون ويدوز، المدير التنفيذي السابق للشحن ورئيس شركة FlexiVan:

“إن الانخفاض المستمر في تدفق البضائع سيساعد على استعادة الإنتاجية، والتخلص من الحاويات الفارغة والتعامل مع الأعمال المتراكمة”.

ولكنه لم يتوقع أن يتم ذلك بالسرعة التي قد تتبادر إلى الأذهان.

ويتحدث جيمس هوكهام، الرئيس التنفيذي لمنتدى الشاحنين العالميين، وهي مجموعة تجارية تمثل المستوردين والمصدرين:

“إن عودة السياحة والضيافة والخدمات الأخرى بالإضافة إلى ارتفاع فواتير المستهلكين ومعدلات الفائدة المرتفعة يمكن أن تؤدي جميعها إلى تليين الطلب على السلع، الأمر الذي قد يساهم في تخفيف مشاكل سلاسل التوريد”.

ماذا عن أسعار الشحن؟

تتأرجح الآراء حول احتمالية استمرار ارتفاع اسعار الشحن، حيث يرى البعض بأنها ستستمر خلال هذا العام.

بينما يرى البعض الآخر، والذي يتصف بالعقلانية، بأن اسعار الشحن ستستمر ولكن ليس معظم عام 2022.

كما ويذهب المتفائلون إلى دور الولايات المتحدة الأمريكية ودور إعادة فتح موانئها الرئيسية في حل مشاكل الاختناقات التجارية، وتحديدا موانئ لونج بيتش ولوس أنجلوس.

حيث قال آلان مورفي ، المحلل في شركة Sea-Intelligence الاستشارية ، في اجتماع لخبراء الشحن في ديسمبر:

“إذا حللنا مشكلة أمريكا الشمالية، فستكون هناك سعة كافية لبقية الدول”.

في النتيجة؛

يبدو بأن مشاكل سلاسل التوريد الحالية، وفقا لآراء القائمين على صناعة الشحن والنقل التجاري، ستستمر بعض الوقت خلال العام الجاري.

بل يندفع الكثيرون نحو الحديث عن استمرار مشاكل سلاسل التوريد حتى  خريف هذا العام.

وذلك حتى يتم استغلال فرصة الهدوء النسبي خلال الشهور القادمة، للتعامل مع الأزمات القائمة وحل مشاكل العديد من السفن العالقة.

فيما تتسلط الأضواء بشكل كبير على ضرورة صياغة مفهوم جديد للتجارة الدولية وأسس التعاون الدولية.

كما تتجه الأنظار نحو نوعية البنية التحتية والتي تبدو قديمة ومهترأة في بعض الأماكن الأكثر تطورا، مثل الولايات المتحدة الأمريكية.

كما وتدفع ضرورة حل مشاكل سلاسل التوريد، إلى ضرورة الانتباه إلى ما يُسمى بنماذج سلسلة التوريد الجديدة.

حيث تذهب بعض الشركات إلى نقل انتاج السلع المعقدة بشكل أقرب إلى المستهلكين، لمكافحة تكاليف النقل.

لقد كانت هذه مقالة تفصيلية نوعا ما، حول أسباب استمرار مشاكل سلاسل التوريد، وتوضيح أسباب التفاؤل بفرصة ذهبية لبداية انتهاء مشاكل سلاسل التوريد .

على أن نقوم بنقل أحدث أخبار التجارة العالمية وكل ما يتعلق بها أولا بأول إن شاء الله.

مجدي النوري مُدون وصانع محتوى اقتصادي، عمل في مجال الدراسات في إحدى أهم المؤسسات الاقتصادية في فلسطين، وقام بكتابة العديد من المقالات والأبحاث الاقتصادية، لديه العديد من الشهادات والدورات الاقتصادية لدى العديد من الجهات المحلية والدولية