انهيار اقتصاد أميركا : خطر يطرق الباب منذ بداية العام! ولكن…

إن كان هناك أمر يخشاه العالم بأسره، فإنه سيكون انهيار اقتصاد أميركا الذي سيكون كلعبة الدومينو التي ستدفع الجميع للانهيار السريع تبعا لحجم سقوط حجر الدومينو الأول المتسبب في وقوع الجميع (ونقصد هنا الحجر الأميركي)، فهل سيحدث الانهيار أم أن أميركا تعيش الانهيار، وما الذي يجب على أميركا القيام به؟ وماذا يُمكن أن يحدث إن سقطت أميركا؟

انهيار اقتصاد أميركا : خطر يطرق الباب منذ بداية العام :

الركن الأول من الكارثة: تركز سوق الأسهم الأميركية

تمثل سوق الأسهم لأميركا درة تاجها الاقتصادي، إذ أنها تمثل أكثر من ضعف حجم اقتصادها.

حيث تبلغ القيمة السوقية لبورصتي ناسداك ونيويورك ما قدره 55.5 تريليون دولار أميركي.

ولكن الكارثة الأكبر في هذه السوق، تتمثل فيما يُسمى بالتركز، إذ أن قيمة الشركات السبعة الكبار فقط، والمعروفين باسم “السبعة المذهلون“، تمثل أكثر من 25% من حجم هذه السوق.

بل إن أداء سهم شركة مثل Nvidia يمثل ما بين 60-70% من أداء مؤشر ناسداك نفسه.

وبذلك فإننا نكون أمام أولى معالم الكارثة التي تحيط بسوق أميركا، وهي التركز.

وهو ما يعني أن الجزء الأكبر من السوق الأميركي يقع في عدد قليل من الشركات.

ولتتضح الصورة أكثر فإن ذلك يعني  أن سبعة شركات تقود 5100 شركة مدرجة في السوق الأميركية.

 (وذلك أن  بورصة ناسداك تحتوي 3300 شركة مدرجة، وبورصة نيويورك التي تحتوي على 1800 شركة مدرجة).

هذا هو الجانب الأول من الكارثة الاقتصادية الأميركية، ونأتي الآن للجانب الآخر.

الركن الثاني من الكارثة الاقتصادية: انهيار مؤشر التوسع الاقتصادي!

لطالما عبرت الرأسمالية الأميركية عن نفسها كقائد صناعي وتكنولوجي للعالم، وبطرح التكنولوجيا من المعادلة، فإن الصورة ستكشف أن الصناعة في أميركا تواجه مشاكل نوعية.

فمؤشر داو جونز الصناعي والذي بلغ أعلى مستوياته التاريخية هذا العام حينما ضرب 40 ألف نقطة، فإنه يحتوي على عنصر متضرر بالغ في الأهمية.

وهذا المؤشر هو مؤشر النقل الذي ما زال دون مستوياته القياسية التي سُجلت نهاية عام 2021.

ولتتضح الصورة أكثر، فمؤشر النقل يعبر عن صورة التوسع الاقتصادي الأميركي.

حيث يحتوي على مشغلي السكك الحديدية وشركات الطيران وشركات شحن الطرود وشركات النقل بالشاحنات.

وإن كنت لم تدرك حجم وأهمية النقل بعد، فإن ضعف أداء هذا المؤشر، يشير إلى ضعف الاقتصاد.

بينما قد يعطي أيضا تحذيرا للجميع بأن السوق لن تستطيع تحقيق المكاسب كما يأمل الكثيرون.

وهو ما أشار إليه تشاك كارلسون الرئيس التنفيذي لشركة هواريزون لخدمات الاستثمار، حينما قال:

“إن لم يشر ضعف هذا المؤشر إلى ركود، فإنه يُنذر بتباطؤ اقتصادي وشيك”

وبربط الركن الأول المتمثل بالتركز، مع الركن الثاني وهي مشكلة مؤشر النقل، فإننا سنصل إلى الكارثة.

حيث إن أداء السوق الجيد حتى الآن، يأتي مدفوعا بأسهم شركات مثل انفيديا.

ولتدرك مدى عملقة سهم شركة Nvidia ومدى تأثيره في السوق، يمكن النظر إلى عائده على مدى عشرة سنوات مقارنة بأقرب منافسيه.

حيث يبلغ هذا العائد لسهم هذه الشركة 12480% مبتعدا عن شركة تسلا أقرب منافسه التي لم تحقق سوى 2290%.

كما أنه ومع قراءة الناتج المحلي الإجمالي الأميركي للربع الأول من عام 2024، نكون امام جزء جديد من الكارثة.

حيث انخفضت هذه القراءة مقارنة بالتقديرات، ثم عادت وانخفضت مع إعادة التقدير.

وهو ما يعني أن الاقتصاد الأميركي يعطي إشارات بأن العالم قد يواجه عما قريب تباطؤا اقتصاديا وشيكا.

هل سيسقط الاقتصاد الأميركي إذن؟

هنا نأتي للسؤال الجدلي الذي يحاول كل منا إيجاد إجابة منطقة له، ولكننا سنحاول أن نكون منطقيين ومختصرين جدا.

فالسوق الأميركية حتى الآن تأتي مدعومة بثورة الذكاء الاصطناعي التوليدي، وهي الثورة التي ينفق الجميع عليها لتبنيها وتطويرها مليارات الدولارات، وبذلك فإن الأسهم التكنولوجية قد تعمل على تماسك الأسواق قدر الإمكان.

ولكن!

بالعودة للمنطق، فإن التعويل على هذه الثورة سيكون خطرا للغاية، إذ أن هذه الثورة تتسم بالسرعة الفائقة.

أي أنها قد تصل ذروتها بأسرع وقت ممكن، أو ستحتاج إلى التوقف عند الذروة الأولى قبل الانطلاق لذروة جديدة.

كما أن هذه الثورة قد تُدفع نحو التوقف عن مستوى ما، وذلك بسبب مشاكل صناعة الرقائق والمواجهة الأميركية الصينية.

وهذا يعني أن الثورة ستصل ذروة تأثيرها وتنتهي، لتعود الأسواق وتصطدم بواقع مؤشراتها المتردية الأخرى.

وهنا فإن على الجانب الأميركي قطعا القيام بكل ما يستطيعه وبأسرع وقت مثل:

  • إنهاء الصراع في الشرق الأوسط

  • إعادة البوصلة نحو تنشيط عجلة الاقتصاد لدفع المؤشرات المتراخية الأخرى.

ماذا وإلا!

فإن الكارثة الاقتصادية في الجانب الأميركي، ستنعكس على كل مفصل من مفاصل اقتصاد العالم بشكل سيكون أشد ألما بمراحل كثيرة مقارنة بما حدث عام 2008.

مجدي النوري مُدون وصانع محتوى اقتصادي، عمل في مجال الدراسات في إحدى أهم المؤسسات الاقتصادية في فلسطين، وقام بكتابة العديد من المقالات والأبحاث الاقتصادية، لديه العديد من الشهادات والدورات الاقتصادية لدى العديد من الجهات المحلية والدولية