بوليصة التأمين على الانترنت : مفهوم سيقود قطاع التأمين في المستقبل القريب جدا!

لقد تحول مسار الأعمال العالمي بشكل نحو طريق مختلف ومغاير في العام 2020، عمّا كان عليه الحال قبل هذا العام المليء بالمتغيرات، وإذا ركّزنا على جانب من هذه الجوانب التي شهدت تطورا وتغيّراً مصيريا، فإن التكنولوجيا، أو ما يُحبذ أن نطلق عليها لقب “الرقمنة”، سيكون على رأس هذه المتغيرات والمعطيات، وهو ما الأمر الذي يدفعنا إلى الحديث عن نوع جديد من أنواع التأمينات، فيما يطلق عليه لقب بوليصة التأمين على الانترنت ، أو التأمين ضد مخاطر التأمين، أو تغطية تأمين المسؤولية الالكترونية.


ارتفعت نسبة الاعتمادية على الجانب الالكتروني، خلال العامين الماضي والحالي، بشكل لم يتوقعه أفضل المتفائلين والمؤيدين لعالم الانترنت، بالتزامن مع ارتفاع نسبة الهجمات الالكترونية، بشكل لم يخطر على بال أكثر المتشائمين والمحذرين من الرقمنة والتكنولوجيا.

وهو ما حدا بالعديد من الشركات، إلى التفكير باللجوء إلى جهة ثالثة، أو طرفٍ آخر لتقليل الخسائر التي تصيبها نتيجة الهجمات الالكترونية المتكررة ضدها.

وهذا ما ينقل الحديثَ نحو نوع جديد من بوالص التأمين، والذي يُلَقَبُ بالتأمين ضد مخاطر التأمين، أو بوليصة التأمين على الانترنت ، أو التأمين السبراني.

ليهدف هذا النوع من التأمين، على مختلف مسمياته، إلى:

  • تقليل الخسائر التي تحدث نتيجة الهجمات الالكترونية.

  • أو تحويل التكاليف التي تنطوي علياه عملية التعافي من خرق الأمن الالكتروني.

حيث ستستجيب هذه التغطية التأمينية، في حالة فشل أمان الشبكة، مثل خروقات البيانات، والبرامج الضارة، وهجمات برامج الفدية، وحساب الأعمال، واختراقات البريد الإلكتروني.

كما سيتم تفعيل البوليصة أمام مطالبات المسؤولية والنفقات الإضافية للهجوم أو الخرق.

وهنا فإن هذ النوع من التأمين، سيستهدف شرائح معينة ومحددة، والتي سيكون أبرزها:

  • العملاء الذين يتعاملون مع المعلومات الرقمية أو يستخدمونها بهدف شخصي وبأحجام ليست بسيطة.

  • الجهات التي تقوم بتخزين بيانات العملاء مثل الأسماء والعناوين ومعلومات بطاقات الائتمان وأرقام الضمان الاجتماعي.

هل يمكن اعتبار هذا النوع من الـتأمين مُجدياً لنا؟

يجب أن نسلط الضوء على تكلفة الخروقات الالكترونية، لتحديد مسألة جدوى القيام بهذا النوع من التأمين وقبول تحمل تكاليفه.

فوفقا لتقرير Ponemon الصادر عام 2017، فإن تكلفة الهجمات الإلكترونية للشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم بلغت 2.235 مليون دولار في المتوسط.

كما أظهرت الدراسة أن 60٪ من الشركات التي شملها الاستطلاع قالت إن الهجمات تزداد حدة وتعقيداً كل عام.

وهذا يعني أن نسبة هذه الهجمات، كعدد وكحجم وكتكلفة، قد ارتفعت بشكل هائل خلال العامين الماضي والحالي.

وقد يشير البعض إلى أن هناك محاولات دولية وحكومية جادة لإصدار التعليمات واللوائح الناظمة لمواقع الالنترنت بهدف حماية بيانات الأفراد، مثلما هو الحال في أوروبا والتي قامت بسن اللائحة العامة لحماية البيانات GDPR.

إلّا أن هذه اللائحة والتي دخلت حيز التنفيذ عام 2018، لم تسعف العديد من الدول من برامج الفدية التي تم تنفيذها خلال عام 2021.

بل إن العديد من الحكومات، والتي لطالما تغنّت بمستواها التكنولوجي والتقني، فإنها أعلنت عن تعرضها لمئات العمليات من الاختراقات الأمنية.

حيث أنه ووفقا لتقرير Google لعام 2021، فإن حكومة الكيان الصهيوني ارتفعت نسبة تعرضها للهجمات الالكترونية بمعدل 600%.

وهنا فإننا نتحدث عن الكيان الذي يتغنى بصناعة الانترنت والتكنولوجيا ومدى تحصّينه.

فيما يقول تقرير آخر صادر عن شركة التأمين Hiscox:

” سبع شركات من أصل 10 ليس لديها استراتيجية أمن إلكتروني عالية الجودة”.

وهذا سيدفع إلى الاستنتاج بأن هذا النوع من التأمين، سيقود، وبشكل كبير، قطاع التأمين وشركاته نحو عالم مغاير ومختلف على صعيد الصناعة، ونوع وقرارات القائمين عليها والتشريعات الناظمة لها.

أما عن أهم وأبرز الأمور التي يغطيها التأمين الالكتروني في الغالب، فهي على النحو الآتي:

  • فقدان البيانات والعمل على استعادتها.

  • توقف الأعمال / خسارة الإيرادات نتيجة لخرق أمني سيبراني.

  • فقدان الأموال المحولة نتيجة خرق أمني ما.

  • عمليات الاحتيال السيبرانية ما بين العملاء أنفسهم، أو عملاء الشركات.

  • الابتزاز الإلكتروني.


تم الاعتماد في إعداد هذه المقالة على المصادر الآتية:

What is cyber insurance?، موقع nationwide

Cyber Liability Insurance، موقع embroker

مجدي النوري مُدون وصانع محتوى اقتصادي، عمل في مجال الدراسات في إحدى أهم المؤسسات الاقتصادية في فلسطين، وقام بكتابة العديد من المقالات والأبحاث الاقتصادية، لديه العديد من الشهادات والدورات الاقتصادية لدى العديد من الجهات المحلية والدولية