معنى تقليص شراء السندات من قبل الفيدرالي وأثره على توقعات اسعار الدولار الأمريكي

عامان قد انقضيا منذ أن بدأت الولايات المتحدة الأمريكية بأكبر برامجها التحفيزية في التاريخ المعاصر، وها هي اليوم تبدأ بأولى خطوات التراجع عن ذلك البرنامج التحفيزي التريليوني، وفيما يلي سنشرح أهمية هذه الخطوة ومعناها ، وانعكاسها على توقعات اسعار الدولار الأمريكي .


أعلن مجلس الاحتياطي الفيدرالي، مساء الأربعاء كما جاء على صفحات CNBC، عن بداية تقليل وتيرة مشترياته من السندات بشكل شهري، وهي الخطوة الأولى نحو تراجعٍ عن كمية الدولارات الهائلة التي تم تقديمها للأسواق والاقتصاد.

وقد تم الحديث عن موعد قريب جدا، خلال هذا الشهر، للبدء في عملية تقليص مشتريات السندات.

حيث ستشهد عملية التخفيض مبالغ 15 مليار دولار شهريا، عشرة منها في السندات، وخمسة منها في الأوراق المالية المدعومة بالرهن العقاري.

وهو مبلغُ انخفاضٍ عن اجمالي مشتريات شهرية سابقة تقدر بـ120 مليار دولار شهريا.

ما تفسير شراء السندات أو انخفاضها من قبل الفيدرالي؟

يمكننا تبسيط عملية شراء السندات، على أنها محاولة إنقاذ لسوق السندات من الانهيار على خلفية المشاكل الاقتصادية.

حيث يحجم المستثمرون عن شراء السندات في ظل الظروف الاقتصادية، أو أنهم يطلبون عوائد مرتفعة لقبول شرائها.

فيقوم الفيدرالي بشرائها، منعا من حدوث انهيار في سوق السندات، سواء على صعيد حجم المشتريات، أو على صعيد سعر السند نفسه.

إلا أن عملية تقليص الفيدرالي لمشترياته من السندات، تأتي بشكل يتماشى مع توقعات قيام الفيدرالي بذلك.

وذلك بعد الحديث المتكرر عن التقدم الذي أحرزه الاقتصاد الأمريكي منذ بداية العام الحالي.

إلا أن البيان أكد على أن سياسة التخفيض في الشراء، ليست سياسة محددة بشكل مسبق، وإنما قابلة للتعديل وفقا للمعطيات.

وقد انعكس هذا البيان على أسواق الأسهم والسندات بشكل إيجابي، حيث ارتفعت اسعار السندات، ومؤشرات أسواق الأسهم.

هل يمكن أن تعالج هذه الخطوة أرقام التضخم المرتفعة؟

لا بد من انتباه الفيدرالي إلى الخطر الذي يمكن أن يواجهه، والمتمثل في ضرورة اتباع آليات محسوبة بدقة، وذلك لعلاج مشكلة التضخم.

حيث اعترف الفيدرالي، إلى جانب العديد من الاقتصاديين، بأن التضخم كان أسرع وأكبر مما كان متوقعا.

إلا أنه ما زال يتمسك بكلمة مريبة في وصف التضخم، وهي كلمة “مؤقت”.

وذلك لأنهم يرون أن المشاكل التجارية، ومشاكل سلاسل التوريد، إلى جانب نقص الطاقة، كانت أسباباً مباشرة في وصول التضخم إلى هذه المستويات.

وأن مستويات التضخم ستعود إلى مستوياتها المقبولة حالما يتم علاج هذه المشاكل، والتي قد تستمر حتى الشهور الستة القادمة.

وهو الأمر الذي أشار إليه جيروم باول رئيس الفيدرالي الأمريكي، معللا ذلك بإمكانية حل مشاكل العرض في ذلك الوقت.

والخطر الذي نقصده في ما سبق، يتعلق بالتفاؤل الكبير بحل المشكلة سريعا، وتأثير ذلك على القيام بخطوات غير محسوبة في عمليات التقليص القادمة.

ما أثر هذه الخطوة على توقعات اسعار الدولار الأمريكي ؟ 

أما عن مسألة رفع سعر الفائدة، وتحديد موعدها، فلا يبدو ذلك قريبا، إلا في حالة الانتهاء من التناقص التدريجي.

حيث تشير التوقعات الصادرة الشهر الماضي بأن هناك زيادة واحدة على الأكثر العام المقبل.

وهو الأمر الذي يحد من التوقعات المبالغ فيها، والتي أشارت إلى ثلاث عمليات زيادة عام 2022.

وهذا يدفع الدولار الأمريكي، نحو التحرك بشكل إيجابي بسيط ومحدود، حتى وإن تم رفع سعر الفائدة.

أما عن الأمر الإيجابي في ظل هذه التوقعات، فإن تمثل في شيء، فإنه يتمثل بإمكانية حماية الدولار من السقوط بشكل أعمق، والاحتفاظ بمستوياته الحالية، أو أعلى بمقدار بسيط.

إذن متى سيتحسن؟!

يمكن للدولار أن يتحسن في ظل ظروف وشروط معينة، ولكن ليس قبل مرورِ وقتٍ جيدٍ من أولى عمليات رفع أسعار الفائدة العام المقبل، ولكن بشروط محددة أهمها:

  • الإبقاء على العوامل الحالية، والمؤشرات الاقتصادية تحت السيطرة.

  • عدم تعميق المشاكل الاقتصادية بين الاقتصاديات العظمى.

  • وعدم تعميق المشاكل الجيوسياسية الحالية.

مجدي النوري مُدون وصانع محتوى اقتصادي، عمل في مجال الدراسات في إحدى أهم المؤسسات الاقتصادية في فلسطين، وقام بكتابة العديد من المقالات والأبحاث الاقتصادية، لديه العديد من الشهادات والدورات الاقتصادية لدى العديد من الجهات المحلية والدولية