آفاق توقعات الذهب عام 2025! نظرة مغايرة ومختلفة

بنحو 30% تألق الذهب خلال العام 2024، ليحقق مستويات تاريخية قياسية محققا أفضل أداء سنوي منذ عام 2010، وذلك للعديد من الأسباب، كان من أبرزها المشاكل والتوترات، إضافة إلى انطلاق عملية تخفيض الفائدة وتحديدا من قبل الجانب الأميركي، وشراء البنوك المركزية لكميات لا بأس بها من الذهب، لذا فإننا سنشير في هذه المقالة إلى آفاق توقعات الذهب عام 2025، وهو العام الذي قد يحمل تقلبات عنيفة للذهب.

آفاق توقعات الذهب عام 2025!

ما زال العديد من المحللين متمسكين بنظرتهم الصعودية للذهب في العام 2025، وذلك بدعم من استمرار البنوك المركزية الرئيسية لتخفيض أسعار الفائدة، والتوترات الجيوسياسية المستمرة.

وعلى الرغم من تراجع الذهب بنسبة 6.5% بعد أن اخترق مستويات تاريخية قياسية نهاية شهر أكتوبر حينما تجاوز 2780 دولارا أميريكا، إلا أن المحللين ما زالوا ينظرون إلى العام 2025 كعام رائع محتمل للذهب لنفس الأسباب الاقتصادية والسياسية تقريبا.

بل إن بعض المحللين ذهبوا إلى ترجيح أن يتلقى الذهب دعما بسبب سياسة ترامب المالية العدائية التي قد تدفع التضخم إلى الارتفاع أو البقاء عند مستويات مرتفعة عنيدة، ما سيدفع المتعاملين في الأسواق المالية إلى اللجوء للذهب كملاذ آمن ضد التقلبات الاقتصادية.

كما أن الحرب التجارية المحتملة بين الصين وأميركا ستكون عاملا داعما، إضافة إلى ما تمر به الصين نفسها على صعيد المشاكل الاقتصادية الداخلية التي قد تدفع المستثمرين للجوء للذهب بسبب المشاكل التي ستعاني منها الصين (ثاني أكبر اقتصاد في العالم والمصنع الرئيسي لمختلف منتجات العالم).

وبالنسبة للأرقام المتوقعة لأسعار الذهب فإنها تدور في فلك سعري يشير إلى 3000 دولار أميريكي.

توقعات الذهب عام 2025 نظرة مختلفة!

إن ما سبق الحديث عنه هو الإشارة التفاؤلية بشكل كبير بالنسبة للذهب، ولكن وفي هذا القسم سأستعرض نظرة أولية واستقراء مغاير لوجهة النظر التفاؤلية الداعمة للذهب.

فعلى الرغم من استمرار التوترات الجيوسياسية الداعمة لارتفاع الذهب، وانطلاق البنوك المركزية في تخفيض أسعار الفائدة، بل وعقلانية المخاوف من سياسة ترامب المالية القادمة، إلا أن الأمور يجب أن يتم النظر إليها أيضا من جانب مختلف.

فالتوترات الجيوسياسية وتحديدا في منطقة الشرق الأوسط، باتت تأخذ منحى آخر، بل إنها بحاجة لمشاكل جديدة شكلا ومضمونا وحجما، إما من خلال أطراف جدد للصراع، أو ارتفاع وتيرة الصراع بشكل لم يشهده العالم بأسره.

كما أن ترامب كان قد صرح مرارا وتكرارا بأنه سيقوم بالتعاطي مع ملف الصراعات بشكل مختلف، وهو ما يجب أن يقوم بتنفيذه حرصا على سمعة حزبه واستمرارا في دعم موقفه الذي اكتسح البيت الأبيض والكونغرس الأميركي.

أما على صعيد البيانات الاقتصادية القادمة، فإنها حتى وإن جاءت مؤيدة لتخفيض أسعار الفائدة، فإن ذلك سيكون جيدا لأسواق الأسهم المتعطشة لمزيد من الارتفاعات خاصة في ظل الثورة التكنولوجية التي ما زال في جعبتها الكثير خاصة في ظل الذكاء الاصطناعي المتسارع جدا.

بل إن الشركات نفسها تنتظر وبلهفة شديدة تنفيذ ترامب لوعوده، سواء في تنفيذ الحمائية عبر التعريفات الجمركية على الشركات الخارجية، أو على صعيد تخفيض الضرائب التي ستدعم تعزيز ربحيتها أو المحافظة عليها إذا ما افترضنا استمرار التضخم العنيد.

بينما وعلى صعيد السياسات المالية العدائية الخاصة بترامب، فإنه وبمجرد النظر لاختيارات ترامب لأعضاء فريقه وتحديدا الاقتصادي، فإننا سنجد أصوات لبعض العقلاء في تنفيذ السياسات الاقتصادية الصارمة، كان منها وزير الخزانة الذي ينادي بتطبيق التعريفات بشكل تدريجي.

أما على الصعيد الصيني، فإنه أيضا لابد من الإشارة لأمر خطير جدا، وهو أنها تقوم بسحب عالِ للسيولة وضخ المال لإنعاش اقتصادها.

بل إنها  وعدت بسحب سيولة هو الأعلى منذ عام 2018، وهو العام الذي شهد انخفاض الذهب بأكثر من 300 دولار أميركي، وهو نفس العام الذي شهد اندلاع الحرب التجارية بين الصين وأميركا، مع العلم بأن الذهب بعد ذلك ارتفع للعديد من الأسباب كان أبرزها ارتفاع حجم التعريفات الجمركية لتصل ربع تريليون دولار بين الاقتصادين (الأميركي والصيني) ثم الركود الاقتصادي بسبب الجائحة.

في النتيجة؛

لا تمثل هذه النظرة مخالفة للرأي الداعم لارتفاع الذهب، ولكنها تمثل التعاطي العقلاني للمخاوف الكبيرة للعام القادم، والتي يجب أن ينظر إلى كل الجوانب فيها، والقيام بدراسة السوق قبل التداول وإدارة المخاطر بشكل مدروس ودقيق جدا.

مجدي النوري مُدون وصانع محتوى اقتصادي، عمل في مجال الدراسات في إحدى أهم المؤسسات الاقتصادية في فلسطين، وقام بكتابة العديد من المقالات والأبحاث الاقتصادية، لديه العديد من الشهادات والدورات الاقتصادية لدى العديد من الجهات المحلية والدولية