لماذا تقدم أمريكا الخطط تحفيزية
قامت الولايات المتحدة الأمريكية بضخ تريليونات الدولارات بنسبة تصل إلى 23% من ناتجها المحلي الإجمالي لدعم الأفراد والشركات المتضررة جرّاء جائحة كورونا، وإحقاقا للحق فإنه لا يوجد دولة منفردة أخرى قامت بتقديم دعمٍ بهذا الحجم من الأموال، ولكن السبب في الحالة الأمريكية يعود إلى أمورٍ قانونية وأخرى اقتصادية
فعلى الصعيد القانوني والدستوري نجد أن دستور الولايات المتحدة الامريكية (1789 وتعديلاته) قرر حقوقا صريحة حول ضمان الحياة الكريمة للمواطن الأمريكي، إلى جانب الدول الذي تضطلع به مؤسسة الضمان التي تتكفل بطلبات إعانة البطالة وغيرها من البرامج التي تقف وراء دعم المواطن الأمريكي، إضافة إلى البرامج الانتخابية الواعدة بتحقيق حياة أفضل للفرد الأمريكي والتي تقوم اللجان والجهات الرقابية بمراقبة مدى التزام الرئيس أيا يكن بتطبيقها.
وباستثناء أن الولايات المتحدة الأمريكية هي اليوم أكبر اقتصاد في العالم بناتج اجمالي يصل إلى 23 تريليون دولار تقريبا، إلا أن الأمر الاقتصادي الآخر الذي تخشاه أمريكا هو أمر المؤشرات، والتي ينتظرها المستثمرون بلهفة وترقب شديدين شهريا وتؤثر بشكل أو بآخر على أسواقها المالية والنقدية، وأهم هذه المؤشرات مؤشر البطالة والتضخم وطلبات إعانة البطالة، ومؤشر ثقة المستثمر، وفي حال لم تقم أمريكا بدعم اقتصادها بهذه التريليونات فإنها ستكون أمام خياراتٍ صعبة جدا، وهي الاستعداد لاستقبال أعداد متزايدة من العاطلين عن العمل، وأموال أكثر لمقابلة طلبات إعانة البطالة (والتي سجلت أكبر الأرقام منذ العام 1970)، أضف إلى ذلك موضوع الاستثمارات الأجنبية والتي ستواجه مسألة خروجها من اقتصادها، إلى جانب انخفاض الانتاج الذي سينعكس سلبا على قدرة أمريكا على خدمة الدين الأمريكي العام والذي يصل إلى 100% من ناتجها الإجمالي، أضف إلى ذلك حرص الولايات المتحدة الأمريكية على بقاء شركات النفط الصخري لديها، وتخوفها على الوضع الائتماني لديها والذي قد يدفعها إلى الإفلاس على خلفية توقف عجلة الإنتاج جرّاء كورونا، وتدهور أوضاعها المالية على خلفية تدهور أسعار النفط، وهو ما دفع الجانب الأمريكي إلى التدخل كوسيط بين روسيا والسعودية للتخفيف من الخلاف التوصل إلى تخفيض تاريخي في الانتاج النفطي، أي أن الجانب الأمريكي قد بجهود مزدوجة الأولى تتمثل في التحفيز النقدي والثاني يتمثل في بذل الجهود الدولية للمحافظة على وضع شركاتها الاقتصادي والمالي.
مجدي النوري
مُدون وصانع محتوى اقتصادي، عمل في مجال الدراسات في إحدى أهم المؤسسات الاقتصادية في فلسطين، وقام بكتابة العديد من المقالات والأبحاث الاقتصادية، لديه العديد من الشهادات والدورات الاقتصادية لدى العديد من الجهات المحلية والدولية