حرب سوق العملات المشفرة : خمسة أسباب خطيرة تقف وراء قمع الصين للبيتكوين

لفترة من الزمن ظلت الصين سوق العملات المشفرة الأكبر في العالم؛ حيث مثلت في سبتمبر من العام 2019 75٪ من استخدام طاقة البيتكوين في العالم، إلا أنها اليوم تقوم بمحاربة هذا النوع من العملات، لدرجة انزلقت معها حصة الصين من هذه السوق إلى 46% بحلول أبريل 2021، وفي مقالنا الحالي سنشير إلى أسباب حرب الصين والعملات المشفرة .

السبب الأول. اعتبار التداول العملات المشفرة أنشطة غير مشروعة:

لقد قال بنك الشعب الصيني بأن الأنشطة التجارية المرتبطة بالعملات الافتراضية هي أنشطة مالية غير مشروعة.

كما حذر الناسَ من أن تعاملاتهم في سوق العملات المشفرة لن تكون بأمان، وأنها ستكون عرضة للمخاطر المستمرة.

ولا يعتبر هذا الخطر مفاجئا للجميع، حيث قامت السلطات الصينية بمحاربة هذه العملة أكثر من مرة.

حيث قامت بحظر تداولها رسميا منذ عام 2019، على الرغم من استمراره عبر الانترنت من خلال البورصات الأجنبية.

إلا أن السلطات قامت بتحذير المشترين من عدم حمايتهم إذا ما واصلوا تداول البيتكوين والعملات المشفرة الأخرى عبر الانترنت.

بينما قامت في منتصف هذا العام بمحاربة التعدين وحظره، ومحاربة أجهزة الحاسوب المستخدمة للتعدين.

السبب الثاني. المخاوف من كمية الطاقة المستنفدة والمتزايدة في هذا المجال:

لطالما اعتبرت الصين هذه العملات وسيلة سهلة الاستخدام في الأمور غير المشروعة مثل غسل الأموال، إلا أنها تعتبرها أمرا مستنفدا للطاقة أيضا.

حيث تحتاج عملية التعدين لحجم طاقة هائل ومتزايد، خاصة وأن الصين تتمتع بميزة عالمية تجعلها وجهة مميزة لعمليات التعدين.

حيث تتمتع الصين بتكاليف منخفضة للكهرباء، وأجهزة حواسيب رخيصة، وهو ما جعلها أحد المراكز الرئيسية في العالم للتعدين.

واستخدام المعدنين لهذه الميزة أثر بشكل كبير على الكثير من الأمور التكنولوجية الأخرى التي تسعى الصين إلى الهيمنة عليها.

السبب الثالث. العملات المشفرة تصطدم بطموح الصين في تحقيق الاستقرار المالي لديها:

أما عن السبب الآخر والذي أشار إليه المسؤولون الصينيون، فيتعلق بحرص الدولة على تحقيق مبدأ الاستقرار المالي والتوظيف التجاري والاستثماري الأمثل مقارنة بالأداء المضرب والمتقلب للعملات المشفرة.

حيث تجد الحكومة الصينية ضرورة العمل على معالجة التوترات الجيوسياسية والاضطرابات التجارية وارتفاع الأسعار الصاروخي.

السبب الرابع. العملات المشفرة تنافي مبادئ السياسة المالية الصينية:

أما عن السبب الآخر الذي يمكن أن يقود الحملة الصينية القمعية للعملات المشفرة، فيتعلق بأحد أهم المبادئ الرئيسية للسياسة المالية الصينية.

حيث يشير هذا المبدأ إلى ضرورة التركيز على التمويل الذي يخدم الاقتصاد الحقيقي بأقل قدر من التقلبات، وأفضل قدرة على التصدي للصدمات.

وهو الأمر الذي ينافي سلوك العملات المشفرة التي ارتفعت 300% خلال 12 شهر حتى مايو الماضي.

كما حذر البنك المركزي الأوروبي من فقاعة عملة مشفرة تجاوزت الفقاعات المالية المماثلة في التاريخ، بما في ذلك جنون التوليب في القرن السابع عشر.

وهو التحذير الذي أولته الصين اهتماما كبيرا، لتفادي حدوث صدمة اقتصادية في حال انفجرت هذه الفقاعة.

السبب الخامس: الحرص على مستقبل عملة اليوان الرقمي في مواجهة العملات المشفرة:

أما عن السبب القوي والذي يجده الغالبية أحد أهم أسباب محاربة الصين للعملات المشفرة، فيتعلق بعملتها الرقمية الرسمية وضرورة حمايتها بدلا من الترويج لعملات مشفرة لا مركزية.

حيث يرى الاقتصاديون بأن هناك سلوكا حكيما لدى الصينيين في إطلاق عملة رقمية مركزية (اليوان الرقمي) تحظى بدعم حكومي وسلعي يخفض من آثار أي انهيار محتمل، على عكس العملات المشفرة اللامركزية التي لا تحظى بدعم وامتياز حكومي محدد وواضح.

بينما يمكن الحديث عن الأسباب الداخلية التي تقف وراء محاربة الصين لهذه العملات.

حيث تحرص الحكومة الصينية على السيطرة وضبط سلوك السوق بكل مفاصله وجزئياته.

وهي الطريقة التي لا تتماشى مع آليات التعامل مع العملات المشفرة التي تدعو إلى التحرر من المركزية التقليدية.

كما يمكن الحديث عن آليات ضبط السوق المالي التكنولوجي من قبل الحكومة الصينية.

حيث يمكن ملاحظة الحملات القمعية للكثير من تطبيقات الدفع الالكتروني وشركاته مثلما حدث مع آنت جروب (الذراع المالي لشركة علي بابا)

فعلى الرغم من كون الصين واحدة من أكثر الدول التي شهدت نموا في المعاملات الالكترونية (نمو بنسبة 55% خلال 2018-2019، مقارنة بنسبة 10% في أمريكا عن نفس الفترة).

إلا ان الحكومة الصينية ما زالت حريصة على ضبط هذه السوق وجعلها تحت السيطرة الحكومية بشكل أو بآخر.

وها نحن ذا نعيش عصر القمع الصيني للعملات المشفرة، كجزء من خطة الإصلاح الاقتصادي الصيني التي انطلقت منذ الثمانينيات.

حيث تمثلت تلك الخطة بالنهوض بالاقتصاد وجعله واحدا من أكبر إن لم يصبح الأكبر، وحمايته من التقلبات والحفاظ على استقراره.


مصادر كتابة المقالة:

Why China cracked down on Bitcoin: موقع fortune

China declares all crypto-currency transactions illegal: موقع BBC

مجدي النوري مُدون وصانع محتوى اقتصادي، عمل في مجال الدراسات في إحدى أهم المؤسسات الاقتصادية في فلسطين، وقام بكتابة العديد من المقالات والأبحاث الاقتصادية، لديه العديد من الشهادات والدورات الاقتصادية لدى العديد من الجهات المحلية والدولية