سر صعود الصين الاقتصادي : حركة الصين الأولى التي لم ينتبه لها العالم قبل 20 عاما

لقد انشغل العالم خلال العام 2001 بحادثة البرجين في الحادي عشر من سبتمبر، والتي غيرت ملامح خارطة العالم حتى وقتنا الحالي، إلا أن هناك حدث غير من معالم الاقتصاد العالمي بشكل كبير، ومثّل سر صعود الصين الاقتصادي ، وهو ما أشار إليه الكاتب “فيصل إسلام” عبر موقع BBC.

فبعد ثلاثة شهور من حادثة البرجين، كانت منظمة التجارة العالمية، في موعد مع حدثٍ، ألقى بظلاله القوية على القرن الحادي والعشرين، مما أدى إلى تغيير حياة الناس، وسُبُلِ عيشهم في مختلف المجالات.

حيث انضمت الصينُ إلى منظمة التجارة العالمية، وهو ما أدى إلى تغيير اللعبة بالنسبة لأمريكا وأوروبا ومعظم دول آسيا.

خطيئة الغرب الأولى والتي مثلت بداية صعود الصين الاقتصادي !

لقد قامت مختلف دول العالم، بإسناد وظائف التصنيع إلى الصين، وتحديدا لدى دول مجموعة السبع الغربية.

وهو ما مثّل أهمية جيوسياسية واقتصادية ملحمية، شعر بها الجميعُ خلال الأزمة المالية العالمية، بل إن هناك من اعتبرها الخلل الجذري الذي وقف وراء الأزمة المالية نفسها.

ويشير الكاتب “فيصل اسلام” إلى مقولة الرئيس الأمريكي الأسبق “بيل كلينتون”، وذلك حينما قال:

“عندما يكون لدى الأفراد القوة، ليس فقط للحلم، ولكن لتحقيق أحلامهم، فإنهم سيطالبون بدور أكبر”.

وهو الأمر الذي يمكن إسقاطه على الصين، التي طبقت هذه المقولة حرفيا، لتصعد بشكل مدروس إلى المركز الثاني كمهيمن اقتصادي.

بينما يراها فيصل بأنها تتجه بشكل لا يمكن التشكيك فيه، نحو أن تصبح أكبر اقتصاد في العالم.

وقد قالت “شارلين بارشيفسكي” الممثلة التجارية الأمريكية المسؤولة عن التفاوض بشأن صفقة الصين لمنظمة التجارة العالمية:

“إن النموذج الاقتصادي الصيني كذّب وجهة النظر الغربية القائلة بأنه لا يمكن أن يكون لديك مجتمع مبتكر وسيطرة سياسية”

التحول الصيني الكبير قبل وبعد الانضمام إلى منظمة التجارة العالمية!

إذا نظرنا إلى ما قبل العام 2001، فإن الدور الاقتصادي العالمي للصين، كان منصبا على تعزيز الشركات الكبرى المصنعة للبلاستيك في العالم وأمور بسيطة غيرها.

إلّا أن انضمام الصين إلى منظمة التجارة العالمية، قادها إلى تحول جذري على صعيد أمريّن مثّلا السر وراء صعود الصين الاقتصادي ، وهما:

  • حدوث مزيج قوي من القوى العاملة الصينية الراغبة، ومصانعها عالية التقنية.

  • تعزيز العلاقة الخاصة بين الحكومة الصينية والشركات الغربية متعددة الجنسيات.

فعلى الرغم من استفادة الغرب من انضمام الصين للمنظمة، وذلك عبر دعم مستويات المعيشة بمنتجات رخيصة وبأداء منافس، إلا أن ذلك الانضمام دفع الصين نفسها كجزء رئيسي في سلاسل التوريد لأكبر الشركات في العالم.

بينما تشير الصين إلى الفوائد التي حققها النظام الاقتصادي العالمي، بعد دخولها إلى منظمة التجارة العالمية.

حيث تتحدث عن توظيف 500 مليون عاطل عن العمل كانوا متواجدين قبل عضويتها في المنظمة.

كما ويتحدثون عن قوة القيمة الدولارية، التي ارتفعت بمقدار 12 ضعفا.

إلا أن هناك من يرى بأن هذه الفوائد صبت في مصلحة الصين قبل مصلحة أي طرف آخر.

فيكفي أن تعلم بأن الصين تحول لأكبر مصدر للسلع في العالم، بعدما كانت سابع أكبر مصدر للسلع في العام عام 2000.

بينما ارتفع معدل النمو السنوي للصين منذ ذلك الوقت من 8%، إلى 14%، وليستقر عند 15% عام 2020.

كما وتضاعف عدد الحاويات النشطة في الصين بعد انضمامها إلى منظمة التجارة العالمية بفترة وجيزة، من 40 مليون إلى 80 مليون حاوية.

بينما تضاعفت عدد الحاويات التي تدخل الصين وتخرج منها بأكثر من ثلاثة أضعاف بعد عقد من انضمام الصين للمنظمة، وذلك حينما بلغت 129 مليون حاوية عام 2011، ثم ليصل إلى 245 مليون عام 2020.

وتجدر الإشارة بأن نصف الحاويات المتجهة إلى الصين كانت فارغة، بينما كان كل الحاويات التي غادرت الصين مليئة بالصادرات.

أما عن الطرق، فيكفي أن تعلم بأن شبكة الطرق السريعة في الصين، زادت من 4700 كليومتر عام 1997، إلى 161 ألف عام 2020.

وهذا ما يجعلها أكبر شبكة في العالم، والتي تربط 99٪ من المدن التي يزيد عدد سكانها عن 200000 نسمة.

أما عن الصلب واللازم جدا لعمليات التصنيع، فقد تحولت الصين لأكبر مصدر للصلب الصافي عام 2005، بمليار طن عام 2020.

(يكفي أن تعلم بأن حجم انتاج الصين من الصلب في التسعينيات لم يتجاوز 100 مليون طن).

أما في مجال الإلكترونيات والملابس والألعاب والأثاث، فقد أصبحت الصين المصدر المهيمن فيها.

وهو ما أدى إلى حدوث صدمة في الأسعار، حيث انخفضت أسعار التصدير في مختلف أنحاء العالم.

في النهاية، فإن الصين لم تقدم للعالم فرصا متساوية، أو حياة أفضل، بعد انضمامها لمنظمة التجارة العالمية، بقدر ما وفرت لنفسها القدرة على النهوض والارتقاء نحو القمة.

وهو ما يمكن أن نقرأه في حديث الوزير الصيني المسؤول عن الانضمام إلى منظمة التجارة العالمية ، لونغ يونغتو.

حيث قال:

“أعتقد أن انضمام الصين إلى منظمة التجارة العالمية، مكّن الصين من الحصول على تنميتها الخاصة، ووفر للعالم سوق تصدير ضخم”.

بالنتيجة،

فإنه وبعد عشرين عاما من انضمام الصين إلى منظمة التجارة العالمية، فإن المسألة لم تجرِ كما أرادها الغرب.

حيث يقول فيصل:

“بدلاً من أن تصبح الصين أكثر شبهاً بالغرب من الناحية السياسية، فقد أصبح الغرب من الناحية الاقتصادية أقرب إلى الصين”


يمكنك الاطلاع على مقالة سابقة بعنوان “لماذا تعتبر الصين مصنع العالم الكبير؟”، عبر الضغط هنا.

مجدي النوري مُدون وصانع محتوى اقتصادي، عمل في مجال الدراسات في إحدى أهم المؤسسات الاقتصادية في فلسطين، وقام بكتابة العديد من المقالات والأبحاث الاقتصادية، لديه العديد من الشهادات والدورات الاقتصادية لدى العديد من الجهات المحلية والدولية