ها نحن نقترب من اثنتي عشر شهرا من جولتنا الدامية مع الفايروس القاتل والقادم من أعماق المجهول غير المتفق عليه.
فتارة يتهمه ترامب بأنه فايروس صيني، وتارة أخرى يطلق عليه العالم فايروس المؤامرة.
وهنا فإن السؤال الذي يدور في أذهان البعض وبعد عام من الكورونا تقريبا: ما الذي سيحدث بعد الآن ؟ وما الذي نحن مقبلون عليه فعلا؟
للوصول إلى هذه الإجابة، فإنه يجب علينا الاعتراف بأننا كنّا جميعا أمام ثلاثة أمورٍ جليّة طيلة هذه الشهور، وهي:
الإغلاق الاقتصادي العام، والحديث عن اللقاح، والإنفاق الحكومي الهائل.
وحتى الآن فإن واحداً من هذه المعطيات لم ينجح في مداواة جرحٍ واحدٍ من آثار هذا الفايروس.
فلا الإصابات أو الوفيات انخفضت، ولا الاقتصاد نجى، ولا حتى أنه تم التوصل إلى لُقاح ناجح معترفٍ به .
وحتى نحافظ على حيادية الطرح العام في هذا المقال، فإنه يجب علينا أن ننظر إلى ما سبق بمنظور آخر؛
وأبدأ بمفهوم الإغلاق العام؛
حيث فشل هذا المفهوم لدى الكثير من الدول المتقدمة وغيرها، وهذا لا يعود لرفض الشعوب للحياة الآمنة أو وسائل النجاة.
ولكنه يعود بالضرورة إلى الطبيعية الإنسانية التي اعتادت الانفتاح الاقتصادي على مدار ثمانية عقود ماضية وتحديدا بعد الحرب العالمية الثانية.
فلك أن تدرك أن كلاً من السياحة والتجارة والخدمات المبنية على الانفتاح الاقتصادي؛ كانت كلها وسائل متاحة وبشكل كبير.
بل أنها توفرت بأسعار كانت تشهد انخفاضا تدريجيا، حتى أصبحت حياة الناس مبنية على ركائز هذه الأمور.
أضف إلى هذا الانفتاح العالمي، أن حياة الشعوب كانت رهينةَ العملِ الدؤوب، إما لزيادة الثروات، أو لمقابلة النفقات.
وفي الحالتين السابقتين فإن إغلاق الاقتصاد سيكون مرفوضا بشكل كبير، إضافة إلى الأمر الثالث؛ وهو أن أغلب شعوب العالم كان وما زالت تعمل وفق نظرية المظاهر الخادعة التي تغطي ما في الباطن من احتياجات والتزامات ومحاولة يومية لسد رمق العيش ليس إلّا.
أما فيما يتعلق باللقاح؛
فقضية الطمع ليست وليدة اليوم؛ ولك في (إيبولا) والذي تفشى في إفريقيا دليل فاضح على عدم إنسانية هذه الشركات المنتجة للقاح.
فالشركات الكبرى المصنعة للأدوية احتاجت لأكثر من أربع سنوات للخروج بلقاح شبه ناجح لمحاربة فايروس إيبولا.
إلا أنها تتسابق اليوم للخروج بعلاج ولقاح ناجح في زمنٍ قياسي، ضاربة بعرض الحائط كل وسائل الحيطة والحذر في تجريبه.
وهذا دليل على أننا قد نستفيق بين ليلة وضحاها على وقع لقاح ناجح ونهائي دون أي مقدمات، تبعا لعوائده المربحة.
وكونوا على يقين بأنه وبعد الخروج بلقاح ناجح على الصعيد المادي فيما يتعلق بعوائد الشركات المنتجة، فإن الأسئلة حول هذا العقار السحري لن تكون كبيرة أو مهمة في ذهن العامة ممن سيتلقى العلاج أو عند من سيجد فيه الخلاص من هذا الفايروس.
أما فيما يتعلق بالإنفاق الحكومي الهائل،
إضافة إلى تريليونات العالم المتقدم والتي أنفقها في شهور بسيطة، لإنقاذٍ يبدو أنه استهدف الشركات الكبيرة لا الاقتصاد بشكل عام.
إن هذا الانفاق سيدفع الاقتصاد العالمي والمنظومة المالية إلى التحول من الاقتصاد الحالي بصورته الحالية وبخارطته الاقتصادية التقليدية إلى واقع آخر يجب علينا فحصه ومتابعته بعينٍ اليقظ المتنبه.
وهذا الأمر الثالث والأخير هو مفتاح الإجابة عمّا سنكون مقبلين عليه، بل ما سنكون جزءا متأثراً به بشكل هائل وخطير.
ولمعرفة الإجابة عن عنوان المقالة الحالية المعنونة بـ ” عام من الكورونا تقريبا: ما الذي سيحدث بعد الآن ؟ ” فإنه يجب علينا المتابعة والفحص لما نحن مقبلون عليه من تغيير عالمي من بوابة الاقتصاد يا سادة.
مجدي النوري
مُدون وصانع محتوى اقتصادي، عمل في مجال الدراسات في إحدى أهم المؤسسات الاقتصادية في فلسطين، وقام بكتابة العديد من المقالات والأبحاث الاقتصادية، لديه العديد من الشهادات والدورات الاقتصادية لدى العديد من الجهات المحلية والدولية