ما هو الذهب الأزرق ؟ وما علاقته بأغرب بورصة قد تسمعها في حياتك؟

سننقل في هذا التقرير اختصارا لوثائقي خطير ومهم لمحطة DW الألمانية، لنجيب عن سؤالين مهمين هما؛ ما هو الذهب الأزرق ؟ وكيف تحولت المياه إلى بورصة تشبه بورصات المال ذات الأداء الكارثي ؟


حينما يُشير صُنّاع المال إلى ارتفاع أسعار سلعة أو خدمة ما، فإنهم عادة ما يشيرون إلى النُدرة النسبية كذريعة لرفع الأسعار.

وهو ما لا يقع ضمن دائرة الشك من قبلنا، تبعا للنظريات الاقتصادية الخاصة وقوانين العرض والطلب.

إلا أن تحويل موردٍ مجاني يمثل 71% من النظام البيئي للكرة الأرضية، إلى سلعة، ثم التحكم بالأسعار، سيمثل خطأً سندفع ثمنه لاحقا.

ما هو الذهب الأزرق : اقتربنا من نهاية عصر المياه المجاني

لقد تحولت المياه خلال العقود الثلاثة الماضية، شيئا فشيئا إلى سلعة يتحكم به القطاع الخاص، مدعومة بنظام رأسماليٍّ يسعى إلى الربح بغض النظر عن الوسيلة.

حيث يفضح ديفيد هول -الباحث في جامعة غرينوتش في بحث نشره عام 2017- شركات المياه الخاصة خلال ربع قرن ماضٍ قائلا:

“لقد نتج عن هذه الشركات ممارسات مسيئة تمثلت بالتالي:

  • ارتفاع الفواتير

  • زيادة أرباح المساهمين

  • التهرب الضريبي”

قامت شركات المياه باستعمال تغير المناخ كذريعة لدفع المياه لسلعة

ما هو الذهب الأزرق ؟ ومتى بدأ التفكير فيه؟

لقد كانت لندن مهداً لفكرة خصخصة المياه، بتأييد من رئيسة الوزراء آنذاك “مارغريت تاتشر”، بدعوى الفائدة العامة.

ليتحول المشهد إلى طوابيرا تقف أمام صنابير المياه العامة، من أولئك الذين لا يستطيعون دفع فواتيرهم.

حيث يقول هول، عن هذه الشركات:

“إن أول ما قامت به الشركات الخاصة، هو قطع المياه عن الأشخاص الذين لم يدفعوا فواتيرهم”.

وعلى الرغم من صدور قانون يحظر على الشركات قطع المياه عن أولئك الذين لا يستطيعون دفع فواتيرهم عام 1999، إلا أن اللعبة لم تنتهي أبدا.

حيث بدأ الرأسماليون وأصحاب المال، بالتفكير بطريقة لتحويل المياه إلى سلعة تباع وتشترى، دون تحمل مسؤولية كبيرة عن ما سيحصل فيما بعد.

وكمثال عمليّ وجامح على مدى شراهة هذه الشركات، وعدم اكتراثها بصحة النظام البيئي والمالي، سنبقى في لندن التي كانت مهدا لخصخصة الماء.

حيث قامت شركة ماكواري الاسترالية بشراء “تيمز ووتر”، وهي سلطة المياه المسؤولة عن توزيع 20% من المياه في لندن.

فتمكنت ماكواري من الحصول على مليارين ونصف المليار جنيه استرليني كأرباح.

ثم لتترك البلاد بديون تزيد عن المليار دولار بعد عشر سنوات من الامتياز.

حيث يقول هول عن أداء شركات الماء:

“لقد خلصنا إلى نتيجة مفادها أن شركات المياه الخاصة تستطيع تحقيق مليارات الدولارات سنويا كأرباح صافية بسهولة”.

ما هي بورصة المياه؟ وما علاقتها بتغير المناخ؟

إن كنت تنظر إلى المياه باعتبارها سلعة متاحة ومجانية، فإنها ستكون أيضا سلعة ضرورية لمحاربة تغير المناخ، وهو الخطر المحدق والقريب جدا.

ففي بلد يتصدى لتغير المناخ مثل استراليا، والتي تعاني من الجفاف، تأتي شركات المياه لعقد الصفقات لتزويد المزارعين بحاجتهم من المياه.

لتتحول أسواق المياه، إلى ذهب أزرق، تتجاوز مبيعاته السنوية الملياري دولار أمريكي.

حيث تعتبر شركة ووتر فايند، بمثابة البورصة المائية الرائدة في العالم، لتتحكم بالمياه في استراليا الجافة.

فبينما تعمل هذه الشركة بالميجا ليتر، وهي وحدة قياس تعادل مليون ليتر، يقول توم روني، الرئيس التنفيذي لشركة ووتر فايند:

“الأسعار حوالي خمسمئة دولار لكل مليون ليتر، وهي أسعار رخيصة فعلا!”.

إلا أن هذا الرخص الذي يتحدث عنه توم، يقابله بيعٌ من قبل الاستراليين لأراضيهم، والتخلي عن أعمالهم الزراعية التقليدية، نظرا للاستغلال الذي يشعرون به.

بينما يقول بنك سيتي جروب، في تقرير أخير صادر عنه:

“لقد انتهى عصر المياه المجاني”.

كما يؤكد أحد الاقتصاديين العاملين في وول ستريت، على الاقتراب من تغير عصر المياه، قائلا:

“نحن نقترب شيئا فشيئا من عصر بيع مشتقات المياه، وستتحرك صناديق التحوط نحو هذه المشتقات، والهدف هو الربح فقط.”

وهذا يدفعنا أن نختم المقالة في السؤال التالي:

هل تستطيع البشرية من تحمل تحول المياه إلى سلعة رأسمالية؟

وهل سينظر الرأسماليون إلى غير مصالحهم الربحية أثناء استعمالهم الماء كسلعة؟

مجدي النوري مُدون وصانع محتوى اقتصادي، عمل في مجال الدراسات في إحدى أهم المؤسسات الاقتصادية في فلسطين، وقام بكتابة العديد من المقالات والأبحاث الاقتصادية، لديه العديد من الشهادات والدورات الاقتصادية لدى العديد من الجهات المحلية والدولية