تأثير النفط على مسار الدولار الأمريكي في 2023 واستطلاع رأي عالمي

تراجعت أسعار النفط في تعاملات محمومة يوم الثلاثاء إلى أدنى مستوياتها لهذا العام، مع إغلاق خام برنت دون 80 دولارا للبرميل للمرة الثانية في عام 2022، مع فرار المستثمرين من السوق المتقلب في ظل اقتصاد غير مؤكد، وهو ما سيلقي بظلاله على مسار الدولار الأمريكي في 2023 وفقا للمحللين واستطلاع الرأي الأخير لرويترز.

وقبل الدخول في التفاصيل، فإننا نؤكد على أن ما سيرد في هذه المقالة يعبر عن استطلاع رأي وآراء محللين.

كما ونؤكد على أن البيانات الاقتصادية ستبقى صاحب كلمة الحسم في مسألة مستقبل الفوائد.

كما وأن مسار الدولار الأمريكي السعري سيكون مرهونا بشكل كبير أولا بالتضخم الأمريكي الثلاثاء المقبل.

فيما سيظل مرهونا بأداء الشركات المدرجة في الاسواق المالية للعام الحالي.

إضافة إلى أنه سيبقى في موعد مع امتحان قراءة التضخم في كل شهر من شهور العام المقبل.

التفاصيل:

النفط ! لماذا ينخفض؟ وما تأثيره على الاسواق المالية ومسار الدولار الأمريكي في 2023 ؟

انخفضت أسعار النفط بأكثر من 1% لثلاث جلسات متتالية، متخلية عن معظم مكاسبها لهذا العام.

حيث أثارت سلسلة من الأخبار السلبية قلق المستثمرين على الرغم من الحرب المستمرة في أوكرانيا وواحدة من أسوأ أزمات الطاقة في العقود الأخيرة.

بل إن قرار أوبك+، وما تبعها من سقف سعري للنفط الروسي، لم تكن كافية برفع اسعار النفط، وهذا ما يعطي اشارات ستؤثر بشكل أو بآخر على اداء اسواق المال التي يبدو أنها بدأت تدرك تماما للمستقبل الغامض الذي تتجه نحوه.

حيث إن انخفاض اسعار النفط رغم استمرار انخفاض الانتاج، أو رغم العقوبات الاوروبية على النفط الروسي، يعني أن الاقتصاد يعطي إشارة على أن هناك عدم يقين حول الاقتصاد، وتخوف من توجهه نحو ركود اقتصادي معين.

بل إن الأخبار التي تشير إلى تخفيف الصين لقيودها الصحية، لم تكن كفيلة بتنشيط اسعار النفط، وذلك لعدة أسباب أهمها:

  • أولا. الصين قامت بالإعلان عن تخفيف قيودها، ولم تعلن عن إعادة فتح أبوابها.

  • ثانيا. حتى وإن قامت الصين بفتح أبوابها، فإنها ستكون بحاجة لوقت زمني لتنشيط اقتصادها المغلق منذ ثلاث سنوات تقريبا.

  • ثالثا. هناك بعض البيانات الاقتصادية التي تشير إلى معاناة التجارة الصينية وتباطؤها بأسوأ صورة في عامين.

وبالتالي فإن الأسباب الماضية، والأسباب الأخرى المتعلقة بضعف قطاع الخدمات وغيرها، يشير إلى أن فتح الصين لأبوابها سيعطي الأمل ولكن ليس على المدى القصير.

كما أن فتح الصين لأبوابها بشكل مفاجئ أو سريع، سيكون سيئا للدول على المدى القصير، ذلك أنها ستعود إلى زيادة الطلب على النفط وبالتالي ارتفاع اسعاره، وهو المكون الرئيسي للتضخم بشكل عام.

ولكن وبشكل عام، فإن المستويات الحالية للنفط، ستكون بمثابة فرص جيدة للشراء، وذلك لنفس الظروف التي أدت إلى ارتفاعه سابقا، والتي ما زالت قائمة حتى الآن.

الدولار الأمريكي! أحدث استطلاعات الرأي والآراء العالمية!

أما وفيما يتعلق بالدولار، فقد تحدث العديد من الخبراء في السوق لوكالة رويترز، وأكدوا على آرائهم التي تقضي بارتفاع الدولار خلال الاشهر المقبلة.

حيث قالوا:

“مع تزايد التهديد بالركود في الولايات المتحدة وأماكن أخرى، فإن الجميع سيتجه نحو الدولار بصفته ملاذا آمنا“.

بينما قالت نسبية كبيرة أيضا:

“لا يوجد مجال كبير لمزيد من الارتفاع في الدولار على أساس السياسة النقدية، حيث إن التهديد الاقتصادي القادم قد يمثل ضغطا ضد ارتفاع الدولار”.

وقد انخفض مؤشر الدولار بأكثر من 5% الشهر الماضي، وهو أسوأ أداء شهري له منذ سبتبمر 2010، بسبب تفاؤل الاسواق بتراجع الفيدرالي.

وفي استطلاع الرأي الذي قامت به وكالة رويترز في الفترة بين 1-6/12/2022 والذي شمل 66 استراتيجيا، فقد قالوا:

“نتوقع أن تتداول العملة الأمريكية بالقرب من المستويات الحالية بعد عام من الآن، وأن تحتفظ بمكاسبها التي تقترب من 10% حتى الآن منذ بداية العام”.

كما أجاب يقرب من ثلثي أو 33 من أصل 51 استراتيجيًا على سؤال إضافي قالوا فيه:

“إن الخطر الأكبر على الدولار خلال الشهر القادم هو أنه سيرتد بدلًا من أن ينخفض أكثر”.

حيث قالت جين فولي ، رئيسة إستراتيجية العملات الأجنبية في Rabobank:

“قد يكون المستثمرون في وضع ضعيف لمواجهة الفترة القادمة التي سيغلب فيها التضخم مع وجود ركود وشيك في أوروبا وأمريكا”.

كما أضافت:

“نتوقع بقاء مستويات القلب المرتفعة في الاشهر المقبلة على الدولار، ونتوقع أن الوقت مبكر جدا الحديث عن تراجع الدولار وتدهوره”.

ويبدو أن فولي تتحدث عن أن الدولار الامريكي قد لا يتجه نحو الارتفاعات بشكل كبير، بسبب أن البنوك المركزية اقتربت من نهاية حدودها العليا للفوائد.

حيث قالت الأغلبية الساحقة 80٪ ، أو 42 من 51 مشاركا:

“إنه لا يوجد مجال كبير لارتفاع الدولار بناءً على السياسة النقدية”.

إلا ان هناك من رأى أن العوامل التي قادت الدولار إلى الارتفاع ما زالت قائمة حتى الآن.

حيث قال أثناسيوس فامفاكيديس ، رئيس إستراتيجية العملات الأجنبية G10 في بنك أوف أمريكا:

“لا تزال القوى التي دعمت الدولار هذا العام قائمة، رغم التصحيح الهبوط الأخير”

وما بين أخبار النفط، وما بين الحديث عن توقعات واستطلاعات الرأي ستبقى الأسواق في حالة غليان حتى خروج الاقتصاد الأمريكي بقراءة التضخم الاسبوع المقبل.

المصادر التي تم الاعتماد عليها في إعداد هذه المقالة:

Oil prices slump to pre-Ukraine crisis levels on economic jitters

Dollar to rebound, accumulate safe-haven strength in 2023: Reuters poll

مجدي النوري مُدون وصانع محتوى اقتصادي، عمل في مجال الدراسات في إحدى أهم المؤسسات الاقتصادية في فلسطين، وقام بكتابة العديد من المقالات والأبحاث الاقتصادية، لديه العديد من الشهادات والدورات الاقتصادية لدى العديد من الجهات المحلية والدولية