هل اشتري الدولار الأمريكي أم أبيعه في هذه الظروف الغامضة والمضطربة

يشهد الدولار الأمريكي ارتفاعا ملحوظا خلال شهور هذا العام، بعد انخفاض دام أكثر من عام كامل، وتحديدا منذ شهر تشرين الأول من عام 2020، حينما وصل الدولار مستويات أعلى من 3.4 أمام الشيكل لآخر مرة، وتردنا العديد من الرسائل والتساؤلات، والتي تدور في مجملها عن تساؤل هام هو: هل اشتري الدولار الأمريكي أم أبيعه في هذه الظروف الصاعدة؟ وسنحاول في هذه المقالة العمل على تقديم إجابة بالأرقام وفق المعطيات الحالية، وذلك حتى شهر يوليو القادم كأقصى حد.


بالنظر إلى سعر الدولار الأمريكي خلال هذا العام، فإننا نلحظ ارتفاعا بنسبة 8.4%؛ حيث بدأ الدولار عند مستويات 3.13 ليصل اليوم 3.42 للشيكل.

لاحظ الرسم أدناه بدقة:

رسم يوضح مسار الدولار الأمريكي منذ آخر ارتفاع له نهاية عام 2020

ما هي أسباب ارتفاع الدولار باختصار؟

شهد الدولار ارتفاعا مقابل الشيكل منذ شهر ابريل الماضي على وجه التحديد بنسبة 6.8%، وذلك للعديد من الاسباب وأهمها:

  • ارتفاع الفائدة الفيدرالية بنسبة ربع خلال شهر آذار، ثم رفع الفائدة بمقدار نصف نقطة في الخامس من الشهر الحالي.

  • الحديث عن ارتفاعات قادمة في سعر الفائدة خلال شهر يونيو ويوليو القادمين بمقدار نصف نقطة في كل مرة.

  • ضعف الشيكل الاسرائيلي للعديد من الاسباب السياسية المضطربة والأمنية السيئة، والاقتصادية المتراجعة نوعا ما.

وهذه الأسباب المختصرة قد تدفع الدولار الأمريكي نحو ارتفاعات أخرى، قد تصل في أقصاها إلى مستويات تتخطى 3.5 شيكل للدولار في بعض الأحيان.

لاحظ مسار الفوائد الفيدرالية على الدولار الأمريكي خلال السنوات الماضية، وتحديدا منذ عام 2020.

عامان من الفائدة شبه الصفرية على الدولار، قبل أن يعود الارتفاع لأول مرة منذ عام 2018

الدولار الأمريكي قد يرتفع، ولكن!!!

ما أود الإشارة إليه، هو:

أن كل الأسباب السابقة التي أدت إلى ارتفاع الدولار، لا تتعلق بهدف من قبل الفيدرالي الأمريكي في تحسين الدولار الأمريكي، وإنما رغبته في ضبط رقم التضخم، من خلال سياسة رفع الفائدة لسحب الدولار وتخفيض القوة الشرائية لدى المواطن الامريكي وبالتالي تخفيض معدل التضخم (تخفيض تتسارع ارتفاع الاسعار).

بينما يشير العديد من المحللون إلى أن هذه السياسة النقدية التقليدية قد لا تنجح في ضبط التضخم الأعلى منذ اربعين عاما.

كما يجب الإشارة إلى أن ضعف الشيكل الآن، يعتبر ضعفا قصير الأجل، وذلك أن الشيكل ووفقا لتقارير بنك هبوعليم الاسرائيلي ما زال يحتفظ بأسباب القوة على المدى الطويل.

نتيجة ما أشرت إليه قبل الدخول إلى النصيحة بالأرقام هي:

إن قوة الدولار الآن لها أسبابها على المدى القصير والتي قد لا تمتد حتى شهر 7.

حيث ستقوم الأسواق العالمية بإعادة دراسة مدى نجاح الفيدرالي بتخفيض معدل التضخم.

وفي حالة ارتفاع التضخم، أو عدم تخفيضه بشكل كبير عن مستوياته الحالية (8.5%)، فإن الدولار قد يتعرض لانتكاسة كبيرة.

أضف إلى ذلك توقعات الركود الاقتصادي التي تتوقع كبار المؤسسات وكبار المحللين أن يحدث نهاية العام الحالي أو بداية العام القادم.

أما الشيكل، فقد يعود إلى قوته أيضا بسبب احتمالية قيام المركزي الاسرائيلي برفع الفائدة خلال اجتماعاته القادمة، والتي سيكون أولها 23 من الشهر الجاري.

في النتيجة؛

فإن قوة الدولار الآن محدودة بنتائج ارتفاع الفوائد في علاج الوضع الاقتصادي الأمريكي.

بينما يتمثل ضعف الشيكل باستمرار المشاكل الاقتصادية والتجارية والأمنية وتراجع الأسواق الأمريكية بشكل كبير.

وحتى الآن، فإن كل التحليلات الأساسية ستكون عاجزة عن رسم صورة واضحة لما بعد شهر يوليو (7) القادم.

Dollar falls from three-month high after U.S. nonfarm payrolls data |  Reuters

هل اشتري الدولار الأمريكي أم أبيعه في هذه الظروف الغاضمة؟

بالنظر إلى مسار الدولار، فإنه يرسم الآن وفقا للتحليلات الفنية مستويات أقصاها 3.45-3.49 شيكل.

ولكنها أيضا تشير إلى ضرورة انخفاض الدولار إلى مستويات ثلاثينية، ليصنع بعد ذلك نقطة للارتفاع والعودة لمستويات أعلى من 3.40، ثم تخطى الخمسين بسهولة.

وهذا مرتبط بوقت مؤقت وقصير، قبل أن يقوم الفيدرالي برفع الفائدة الشهر القادم والذي يليه.

والنصيحة لمن يمتلك الدولار الأمريكي، أن يقوم بتجزئة المبلغ الذي يمتلكه.

ليبيع نصف الكمية مثلا على الأسعار الاربعينية الحالية، والاحتفاظ بمبلغ لاقتناص الفرصة حينما يعود لارتفاعاته مع رفع الفائدة القادم.

أما من يريد الشراء، فيبدو أن هذه المستويات السعرية لن تلبي طموحاته في تحقيق الأرباح.

ولذلك، يستطيع شراء كمية بسيطة من الدولارات، ثم الانتظار إلى حين انخفاض الدولار عند مستويات الثلاثين.

فإن عاد إلى مستويات الثلاثين فإنها ستكون فرصة جيدة لشراء كميات أكبر من الدولارات، للاستفادة منها وبيعها حينما يرتفع مع رفع الفائدة القادم أيضا.

في النهاية،

ففي عملية بيع الدولار، ننصح بالبيع بكمية لا بأس بها على المستويات الحالية، والاحتفاظ بكمية أقل للاستفادة من الارتفاعات القادمة.

بينما وفي عملية الشراء، فإننا نصح بشراء كمية قليلة، ثم الشراء بكمية أعلى حينما ينخفض الدولار بشكل مؤقت أثناء تكوينه لنقطة دعم للارتفاع مجددا.

أما النصيحة للجميع، فتتمثل بعدم الطمع كثيرا في الأرباح من خلال المراهنة على عمليات الارتفاع او الانخفاض في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة.

والتي تشير كل المعطيات الحالية، إلى أن الظروف الاقتصادية ستتجه نحو مشاكل اكثر عمقا، ستجعل التوقعات أكثر صعوبة.

نرجو أن نكون قد وفقنا في الإجابة عن سؤال هل اشتري الدولار الأمريكي أم أبيعه والتي تردنا بشكل عام.

مجدي النوري مُدون وصانع محتوى اقتصادي، عمل في مجال الدراسات في إحدى أهم المؤسسات الاقتصادية في فلسطين، وقام بكتابة العديد من المقالات والأبحاث الاقتصادية، لديه العديد من الشهادات والدورات الاقتصادية لدى العديد من الجهات المحلية والدولية