بعد عامين كاملين من تصدي أردوغان للمستثمرين الدوليين لحثهم على اتباع سياسات محافظة تجاه الاقتصاد التركي ومنعهم من التلاعب بالاحتياطي النقدي الأجنبي في تركيا، إضافة إلى تعهده باتباع سياسات نقدية غير تقليدية، ها هو أردوغان يَعِدُ بتقديم الدعم الكامل للاقتصاد التركي من خلال تشجيع مختلف المستثمرين الأجانب وقطاع التجارة والبنوك، فهل سيقف القدرُ إلى جانب أردوغان في إنقاذ الليرة التركية ؟ وما هو هذا القَدَرُ الذي نتحدثُ عنه؟
قام أردوغان الأسبوع الماضي بعزل رئيس البنك المركزي التركي، ليستقيل بعد ذلك صهره بيرق كوزير للخزانة والمالية.
ثم ليخرج أردوغان بعد ذلك ويَعِدُ تركيا بأنه سيقوم باحتواء التضخم وإعادة النمو المتردي إلى الطريق السليم.
وتأتي هذه الأجراءات والأخبار في ظل معاناة الليرة التركية المستمرة منذ منتصف العام 2018؛ والتي فقدت حتى الآن منتصف قيمتها.
ومن جهته قال فينيكس كالين، الخبير الاستراتيجي في سوسيتيه جنرال في لندن:
“تتراكم الأدلة بسرعة على أن تركيا حريصة على تنفيذ تحول جذري في صنع السياسات نحو إطار أكثر تقليدية”.
وأضاف:
“نعتقد أن البنك المركزي سيطبق زيادة كبيرة في أسعار الفائدة” الأسبوع المقبل ، ربما تصل إلى 4 نقاط مئوية إلى 14.25٪.
وهذه الخطوة في رفع أسعار الفائدة قد تمثل حلا جيداً في مواجهة التضخم المرتفع، أو معالجة الأسعار المنهارة.
حيث أن أسعار الفوائد المرتفعة قد تحفز مسألة تخفيض المعروض النقدي من الليرة التركية والعمل على تحسين سعر صرفها.
ومن خلال متابعة الشاشة فإنه يلاحظ ارتفاع الليرة التركية مقابل الدولار منذ يوم الأربعاء بأكثر من 5%.
إلى جانب ارتفاع أسهم البنوك التركية في بورصة اسطنبول لليوم التاسع على التوالي حتى يوم الأربعاء.
إن هذا النهج الجديد الذي يتحدث المراقبون عنه يمثل تغييرا دراماتيكيا في سياسات أردوغان الذي وعد بسلطة كاملة على السياسة النقدية التي سيأخذ فيها نهجا غير تقليدي، ومغاير عن نهج التحكم بأسعار الفوائد فقط.
ويشير المحللون إلى أن هذا التغير المفاجئ هو تغير منطقي في ظل الصعوبات والركود الاقتصادي الذي أحدثه فايروس كورونا.
أما عن الليرة التركية والتي شهدت تدهورا كبيرا خلال العام الحالي على وجه الخصوص، فإن البنوك التركية قامت ببيع أكثر من 100 مليار دولار لهذا العام فقط، وذلك وفقا لبنك جولدمان ساكس.
إلا أن ذلك لم يقي الليرة من الانخفاض، بل إنه قام بتخفيض صافي الاحتياطي النقد الأجنبي بأكثر من النصف إلى 18.4 مليار دولار.
وبغض النظر عن جدوى إقالة محافظ البنك المركزي أو تغيير الكثير من المسؤولين في الساحة الاقتصادية التركية، إلا أن أردوغان يتخذ خطواتٍ مُجدية بالمعنى التقليدي، ولكنه يبقى أمام اختبار حقيقي حول المدة التي ستستغرقها الليرة التركية للتحسن
خاصة وأن المحللين أشاروا سابقا إلى وقوف القَدَرُ إلى جانب أردوغان في إنقاذ الليرة التركية ؛
وذلك لأن مساعي أردوغان الأخيرة تأتي بالتزامن مع الإعلان عن نتائج إيجابية للقاح كورونا، وإمكانية للإعلان عن الخروج بلقاح رسمي ونهائي.
إلّا أن السؤال المحوري والرئيسي اليوم سيدور حول:
هل سيكون للإدارة الأمريكية الجديدة كلمة أخرى في التأثير على سياسات أردوغان وشؤون تركيا بشكل كامل؟
مجدي النوري
مُدون وصانع محتوى اقتصادي، عمل في مجال الدراسات في إحدى أهم المؤسسات الاقتصادية في فلسطين، وقام بكتابة العديد من المقالات والأبحاث الاقتصادية، لديه العديد من الشهادات والدورات الاقتصادية لدى العديد من الجهات المحلية والدولية