لقد تفاءلت الأسواق المالية بشكل كبير بُعيد آخر قراءة لبيانات التضخم في الولايات المتحدة حينما انخفضت إلى 7.7%، إلا أن تفاؤل الأسواق المالية يصطدم الآن باحتمالية تلاشي حلم الفيدرالي في أنه لن يتسبب في حدوث ركود اقتصادي عميق بسبب عمليات رفع الفوائد، وفيما يلي سنقدم أحدث توقعات الفائدة على الدولار ومسارها بناء على التصريحات الحديثة.
وقبل الدخول في التفاصيل المهمة والخطيرة بالنسبة للتصريحات، فإنه تجدر الإشارة إلى ما يلي:
ستبقى الأسواق المالية الأمريكية تتخبط ما بين ارتفاع بناء على مؤشر، وانخفاض بعد صدور أي تصريح.
وبما أن العلاقة عكسية بين الأسواق المالية واداء الدولار الأمريكي، فإن كل قراءة لمؤشر اقتصادي مهم (وعلى رأس كل ذلك التضخم)، فإن ذلك سيُعد فرصة لتهيئة الذات للتوجه نحو سوق المال أو سوق النقد، بنسب مدروسة.
فقراءة التضخم منخفضة بتاريخ 2022/12/13، سيمثل فرصة مميزة لشراء الدولار عند مستويات منخفضة قبل أن يخرج الفيدرالي بعد ذلك بيوم الساعة ال8:30 مساء بتوقيت القدس.
كما ستمثل الانخفاضات في اسواق الاسهم بناء على التصريحات السيئة، فرصة لعملية الدخول والشراء عند مستويات منخفضة، لاستغلال فرص الانخفاض المؤقتة، والتي ستنتهي إن آجلا أم عاجلا.
التفاصيل: أحدث توقعات الفائدة على الدولار الأمريكي : تصريحات مخيفة ونصيحة!
حيث بدأ العديد من المحللين في أسواق الوول ستريت، يشيرون إلى عدم تفاؤلهم بهذا الهبوط الناعم الذي يتحدث عنه الفيدرالي.
وقد بدأ هذا الاعتقاد المتشائم يسود لدى بعض كبار مديري الأموال، خاصة مع ضغوط الاسعار التي ما تزال مرتفعة، وهو ما سيحدد من وجهة نظرهم حجم التداول العام المقبل.
بل إن هناك 92% من مدراء الصناديق وفقا لاستطلاع رأي قام به بنك أوف أميركا، أشاروا إلى أن الركود التضخمي واحد من المشاكل التي تقترب من الحدوث بسبب رفع الفوائد.
كما اشترك بنك Citygroup مع رؤية بنك أوف أميركا، وذلك حينما رسم سيناريو قال فيه:
“إن الفيدرالي سيضطر إلى رفع الفوائد حتى لو انخفض النمو الاقتصادي بشكل عام”.
فيما لا ترى شركة BlackRock أي احتمال لهبوط ناعم سواء في الولايات المتحدة أو أوروبا.
وتأتي هذه النظرة القاتمة من قبل هذه البنوك، رغم كل البيانات الحديثة حول التوظيف الجيد، وانخفاض التضخم بنسبة لا بأس بها، وأرباح شركات كانت لائقة بالنسبة للتوقعات.
حيث إن هذه البيانات والمؤشرات كانت تعطي إشارات جيدة للمستثمرين بأن الفيدرالي الأمريكي قد ينجح في رفع الفوائد دون حدوث عرقلة اقتصادية ما.
ولكن هذه النظرة قد تكون لدى صغار المستثمرين، أو لدى المبتدئين منهم، ولكن الوضع سيخلف بالنسبة للفئة النخبوية.
حيث ستحتاج فئة الاستثمار المحترف إلى رؤية المزيد من الأدلة القاطعة على حدوث تحول حميد في المسار الاقتصادي قبل أن تتضرر أسواق المال.
وقد قال وي لي ، كبير المحللين الاستثماريين العالميين في بلاك روك:
“ستدفع البنوك المركزية العالمية مختلفَ الاقتصاديات إلى ركود معتدل بسبب رفعها للفوائد”.
كما قال لي:
“ستتوقف البنوك المركزية عن رفع الفوائد حينما ترى انخفاضا جديا ومستمرا في التضخم”
ويرى “لي” تباطؤًا في النمو في الولايات المتحدة ، وخفضًا في الأرباح ، وضغوطًا مرتفعة على الأسعار ، مما يبرر تشاؤم شركته الأكبر عالميا على صعيد الاستثمارات العالمية.
وتبرر شركة بلاك روك موقفها برأي مستثمري بنك أوف أميركا الذين يرون بأغلبية ساحقة وجود الركود التضخمي في الأفق.
وسيؤدي هذا الرأي الجديد إلى تكثيف الجدل حول جدول أعمال الفيدرالي الأمريكي إزاء رفع اسعار الفائدة.
بل إن هذا الجدل يزداد مع كل تصريح يقوم به أحد أعضاء الفيدرالي، فمثلا قال رئيس الفيدرالي في سانت لويس جيمس بولارد:
“إن على صانعي السياسة رفع أسعار الفائدة إلى ما لا يقل عن 5٪ -5.25٪ للحد من التضخم”.
كما قال ماري دالي رئيسة الفيدرالي في سان فرانسيسكو:
“إن التوقف عن رفع الفوائد أمر غير مطروح على الطاولة”.
فيما حذرت رئيسة الفيدرالي في مدينة كانساس ، إستر جورج قائلة:
“إن الاحتياطي الفيدرالي قد يجد صعوبة متزايدة في ترويض التضخم دون التسبب في ركود”.
أما أحدث تصريح فيدرالي، فقد صدر عن رئيس الفيدرالي في أتلانتا رافئيل بوستيك؛ حينما قال:
“إنني مستعد للابتعاد عن رفع أسعار الفائدة بمقدار ثلاثة أرباع نقطة في اجتماع مجلس الاحتياطي الفيدرالي في ديسمبر”
وقال أيضا:
“أشعر أن سعر الفائدة المستهدف للفيدرالي لا يحتاج إلى رفع أكثر من مرة أخرى بمقدار نقطة مئوية لمعالجة التضخم”.
ولكن حتى ومع تصريح بوستيك، فإن الرياح المتشائمة ما زالت تخيم على اسواق المال الأمريكية.
حيث قال استراتيجيو Citi Alex Saunders:
“نحن في بيئة تصنف على أنها بيئة مصحوبة بركود تضخمي، ونوصي ببيع الأسهم والائتمان في الولايات المتحدة”.
بينما حذرت شركة Invesco من زيادة التعرض للأسهم الدفاعية، مع زيادة الرهانات على سندات الخزانة.
وقد قال أندرو شيتس من Morgan Stanley:
“بما أن التضخم سينخفض إلى 2.9% نهاية العام القادم، فإنه ليس من المستبعد المغامرة في رفع الفوائد حتى لو حدث ركود اقتصادي مؤقت”.
ولكن أندرو قال إنه ليس متشائما بالنسبة للسوق المالي ورفع الفوائد، وذلك حينما قال:
“بالنظر إلى حقبة التسعينيات، فإنها كانت تميزت بارتفاع معدلات التضخم مع ارتفاع أسعار الفائدة”.
وقال أيضا:
“مع كل هذه المؤشرات السلبية، إلا أن الأسهم وسندات الخزانة استطاعت من النهاية تحقيق مكاسب كبيرة”.
المصار التي تم الاستعانة بها في كتابة هذه المقالة:
Wall Street Rebuffs Soft-Landing Dream as 92% Bet on Stagflation
Fed’s Bostic says he is ready to ‘move away’ from large rate increases