حينما نتحدث عن الصلب بشكل عام، فإن الصين ستكون بمثابة القوة المهيمنة على هذا القطاع بكل اقتدار، خاصة وأنه يمثل حجر الأساس للقطاع العقاري الذي يتعرض منذ عام 2021 لأكبر مشكلة مصيرية يواجهها اقتصاد الصين منذ عقود، وهو ما قد يمثل كارثة ستقود إلى انهيار أسعار الحديد عما قريب.
الصين والتي تنتج أكثر من مليار طن سنويا، هي الحصان الذي يتحكم بمضمار أسعار الصلب، فهي ببساطة وبهذه الكمية فإنها تنتج أكثر من نصف إنتاج العالم من الصلب، ولكن الكارثة الآن تتمثل في تراجع إنتاج الصين من الصلب وانخفاض طلبها الأكبر على صعيد العالم، وذلك على وقع الكارثة العقارية التي بدأت في الصين بانهيار عملاقها العقاري إيفرجراند في نوفمبر من عام 2021 إثر كارثة مديونيتها العالية وتراجع قدرتها على البناء للوحدات العقارية المطلوبة منها في الوقت المطلوب.
هذه الكارثة لا تتعلق بالصين لوحدها، بل إن ضعف الإنتاج والطلب، سيمثلان تحديا اقتصاديا لعملاق أوروبا المتمثل بألمانيا المتراجعة اقتصاديا، بل إنها قد تمثل معضلة للولايات المتحدة في ولايات تحتاج للصلب بشكل كبير وعلى رأسها بنسلفانيا.
وعلى الرغم من أن المحللين بأغلبيتهم توقعوا أن الصين قد تعود لتنشيط نفسها اقتصاديا بشكل سيدفع أسعار الصلب إلى الارتفاع، إلا أن الرئيس الصيني فاجئ العالم بأسره، حينما أعلن قبل شهر بأنه يريد تغيير نهج الصين الذي ينشد النمو من خلال مجالات بعيدة عن قطاع العقار الذي يمثل ثلث اقتصاد الصين.
الرئيس الصيني يدعو الآن إلى التركيز على الصناعات التقنية وعالية التقنية والتقنيات الخضراء، وهو الأمر الذي سينعكس سلبا على أسعار الصلب كما يراه العديد من عمالقة شركات الصناعة في الصين والمسؤولة عن تصنيع حجم صلب يوازي حجم ما تنتجه أميركا وفرنسا وألمانيا مجتمعين.
المشكلة الآن؛
لا تتعلق بانخفاض أسعار الصلب التي ستنعكس إيجابا على الشركات التي تستخدمه في الإنتاج، ولكنه سينعكس سلبا على هوامش أرباح الشركات المنتجة للصلب نظرا لبقاء ارتفاع تكاليفها التشغيلية والتمويلية على حد سواء وفقا لما ورد على لسانهم على موقع بلومبيرغ.
بل إن استغلال الصين لمخزونها من الصلب من جانب، وانخفاض أسعاره بسبب انخفاض طلبها على الصلب الخام، سيقود على مشكلة كبيرة تتعلق بالتعريفات الجمركية التي قد تفرضها أميركا بغض النظر عن الرئيس القادم، بشكل يزيد من عمق المشاكل التجارية والاقتصادية بين الطرفين الأميركي والصيني التي ستطال الاقتصاد العالمي برمته.
مجدي النوري
مُدون وصانع محتوى اقتصادي، عمل في مجال الدراسات في إحدى أهم المؤسسات الاقتصادية في فلسطين، وقام بكتابة العديد من المقالات والأبحاث الاقتصادية، لديه العديد من الشهادات والدورات الاقتصادية لدى العديد من الجهات المحلية والدولية