يعد الذهب أحد الأصول التي تعطي مؤشرا واضحا عن حركة الاقتصاد العالمي ومستقبله، إذ أن ارتفاع أسعار الذهب أو انخفاضها تمثل انعكاسا لما يحدث في العالم من أمور ومستجدات، وسنناقش في هذه المقالة حاضر الذهب ومستقبله والذي يبدو أنه سيكون أمام مرحلة شبه حاسمة وقد لا تتكرر عما قريب.
نقاط توضيحية قبل الدخول في التفاصيل:
قبل الدخول في تفاصيل المقالة، فإنه يجب توضيح بعض النقاط الرئيسية ذات العلاقة بالذهب، وهي على النحو التالي:
الذهب أصل منعدم العوائد، أي أنه لا يقدم لحامله أي عائد سوى احتمالية الربح من بيعه في حال ارتفاع سعره فقط.
كما أن الذهب يعد ملاذا آمنا، أي أنه أصل يتجه إليه الناس في حالة حدوث مشاكل اقتصادية أو سياسية.
وأيضا تتأثر أسعار الذهب بشكل عكسي مع الفوائد.
أي أنه كلما انخفضت الفوائد المفروضة على عملة كالدولار، يتجه المستثمرون والمتداولون إلى الذهب، كونه قادر على تحقيق الأرباح الرأسمالية (الفرق بين سعر الشراء والبيع).
ولكن يجب أيضا علينا أن ندرك بأن انخفاض الفوائد على عملة ما، لا يدفع المستثمرين أو المتداولين نحو الذهب مباشرة، بل ولا يدفعهم إلى الذهب إلى أمد طويل.
وخاصة في حالة عودة الحياة إلى سوق الأسهم التي تقدم دائما العوائد الأفضل مقارنة بالعملات أو المعادن.
وإذا كانت النقاط التالية قد اتضحت، فإنك تكون قد أدركت أهم الأسباب التي تدفع الذهب للارتفاع وهي:
-
وجود مشاكل اقتصادية أو سياسية عالمية، والتي تدفع الدولار والذهب للارتفاع معها (كونهما ملاذان آمنان).
-
في بداية عملية تخفيض الفوائد على عملة رئيسية ما مثل الدولار.
-
في حالة تراجع أداء أسواق الأسهم.
التفاصيل: أسعار الذهب ! انخفاض محتمل قصير لارتفاعات سعرية قد تكون قياسية
كان الذهب أحد أكثر الأصول البراقة التي ارتفعت منذ بداية العام وبمقدار تجاوز 400 دولارا، قبل أن يتراجع بفعل البيانات الاقتصادية الأميركية المتضاربة والتي دفعت الفيدرالي للمماطلة في بدء تخفيض الفائدة (وهي العلاقة التي وضحناها في النقاط التمهيدية السابقة)
ولكن مع دخولنا للنصف الثاني من العام 2024، يكون العالم قد اقترب بشكل شبه جاد إلى أول عملية تخفيض للفائدة منذ عام 2020 (حتى وإن كانت لمرة واحدة أو بنسبة طفيفة).
والاقتراب من هذا الموعد، كان الدفاع الرئيسي لتمسك الذهب بمستوياته السعرية المرتفعة الحالية، وعدم التراجع لأية مستويات سعرية منخفضة سابقة.
حيث إنه استمر في التداول حول مستويات 2300 دولارا للأونصة الواحدة، لتحدث التقلبات دائما لسببين اثنين:
-
البيانات الاقتصادية المتضاربة.
-
التعليقات المتضاربة والصادرة عن مسؤولي الفيدرالي حول الموعد المقترح لبدء تخفيض الفائدة.
وإذا أضفنا العامل السياسي المتمثل بالحرب المحتملة في الشرق الأوسط، أو التوترات السياسية بين أميركا والصين، إلى العامل الاقتصادي المتمثل بالبيانات الاقتصادية الأميركية المتوقع صدورها بشكل إيجابي للذهب، فإننا سنصل إلى نتيجة مفادها على النحو التالي:
إن أسعار الذهب تترقب البيانات الاقتصادية من جانب، ومراقبة الأوضاع وتحديدا في الشرق الأوسط من جانب آخر.
حيث تشير التقارير إلى أن الذهب قد يتجه نحو الانخفاض في الوقت القريب لسببين هما:
-
المدة الزمنية حتى صدور البيانات الاقتصادية الأميركية وتحديدا الخاصة بالتضخم.
-
الأخبار السياسية المتضاربة حول حلول سياسية قريبة.
وهذا يعني أن على الجميع مراقبة البيانات الاقتصادية الأميركية القادمة بحذر، وتحديدا سوق العمل والتضخم والنشاط الاقتصادي.
حيث إن كل بيان يشير إلى تضخم متماسك أو سوق عمل جيد أو نشاط اقتصادي قوي، فإنه سيقود الذهب نحو الانخفاض.
لتكون تلك الفرصة الذهبية الرائعة لبدء شراء الذهب، وذلك أن الفيدرالي (وبناء على العديد من التقارير) يجب عليه البدء في تخفيض الفائدة في وقت قريب.
كما أن العوامل السياسية السيئة، ما زالت قائمة، وما زالت تمثل فرصة لارتفاع الذهب إلى مستويات قد تكون قياسية.
حيث قد تتواصل تلك المستويات القياسية وتستمر حتى وقت ما بداية العام القادم.
مجدي النوري
مُدون وصانع محتوى اقتصادي، عمل في مجال الدراسات في إحدى أهم المؤسسات الاقتصادية في فلسطين، وقام بكتابة العديد من المقالات والأبحاث الاقتصادية، لديه العديد من الشهادات والدورات الاقتصادية لدى العديد من الجهات المحلية والدولية