تعتبر الإمارات العربية المتحدة واحدة من أهم الحلفاء الاقتصاديين للولايات المتحدة الأمريكية؛ حيث تعتبر أكبر سوق لتصدير السلع الأمريكية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، إلا أن هذه العلاقة الحميمة قوبلت برفض الولايات المتحدة الأمريكية لعرض الإمارات الخاص بفحص الموظفين الأمريكيين، وقد برر مسؤول أمريكي هذا الرفض بأنه ناتج عن مشاركة شركات التكنولوجيا الصينية في إجراء هذه الفحوصات، وهو ما يدفع بالإشارة إلى أن أمريكا والصين تتنافسان على الإمارات.
لقد سعت دول الخليج خلال أحداث فترة كورونا، إلى تحقيق توازن بين التعامل الفعّال مع كورونا، وتعميق العلاقات مع الصين وذلك كوّنها أكبر مشترٍ للنفط الخام في العالم.
ولكي تقوم الإمارات بالتعامل مع فايروس كورونا، فقد قامت بافتتاح منشأة الاختبار الإماراتية في أواخر آذار، من خلال مشروع مشترك بين شركة BGI الصينية ومجموعة الذكاء الاصطناعي G42، وقد قام المركز بتقديم أكثر من 2 مليون اختبار في بلدٍ يبلغ تعدادها السكاني 9 مليون نسمة، وبذلك تكون هذه الفحوصات أكبر فحص لكورونا تم إجراؤه في العالم. وهو ما أثار مخاوف الولايات المتحدة الأمريكية؛ حيث حذرت دول الخليج من أن زيادة التعاون التكنولوجي مع القطاع الخاص الصيني، سيعرض العلاقات الأمريكية الإماراتية للخطر.
وفي مطلع الألفية، بلغت قيمة التجارة الثنائية السنوية الصينية الإماراتية ملياري دولار، لكنها تجاوزت منذ ذلك الحين 50 مليار دولار قبل جائحة كورونا، وقد تأملت الإمارات في زيادة هذه التجارة إلى 70 مليار دولار هذا العام قبل تفشي الفايروس عالميا.
وقد منحت شركات الاتصالات التي تديرها الدولة في الإمارات العربية المتحدة، عقود شبكة الجيل الخامس الخلوية لشركة هواوي، وهي الشركة الصينية التي أدرجتها واشنطن على القائمة السوداء.
وقد تعززت العلاقات التجارية الصينية الإماراتية، منذ العام 2018، وزادت خلال أزمة كورونا، حيث قامت الإمارات بإرسال أقنعة وقفازات إلى الصين خلال المراحل الأولى من الفايروس، بل إن شركة BGI توسعت في أعمالها لتشمل المملكة العربية السعودية، حين وقعت صفقة بقيمة 265 مليون دولار لستة مختبرات فحص في المملكة العربية السعودية، وقد قامت الصين بترسيخ علاقاتها في منطقة الشرق الأوسط فأرسلت شحنات من المعدات الطبية مثل الاقنعة واجهزة التنفس الصناعي الى العراق وايران ومصر والجزائر.
وقال جوناثان فولتون، الأستاذ المساعد في جامعة زايد في أبو ظبي، “إن الشراكات الإقليمية للصين أداة دبلوماسية صينية متطورة جدا، تزيد من مجالات التعاون في مجالات عدة”، وأضاف: “وقد ازدادت قوة هذه العلاقة، في ظل سوء إدارة الولايات المتحدة الأمريكية في التعامل مع الفايروس بشكل ذاتي، ناهيك عن عدم مساعدتها للشركاء بشكل فعلي، وهو ما جعل من الصين وجهة أكثر جاذبية من قبل الكثير من دول العالم”.
وقد استشهد “فولتون” على توتر العلاقة الأمريكية بدول الخليج، حينما رفضت الولايات المتحدة تزويد المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة بطائرات عسكرية متطورة بدون طيار، الأمر الذي دفعهما لشراء طائرات صينية بدون طيار.
إن ما سبق الحديث عنه يزيد من احتمالية الحديث عن أن أمريكا والصين تتنافسان على الإمارات المتحدة والنفوذ الاقتصادي فيها، لتتعدى المنافسة دولاً مختلفة في منطقة الخليج بصفة خاصة، ودول الشرق الأوسط بصفة عامة، وهو ما يستدعي المزيد من المتابعات.
مجدي النوري
مُدون وصانع محتوى اقتصادي، عمل في مجال الدراسات في إحدى أهم المؤسسات الاقتصادية في فلسطين، وقام بكتابة العديد من المقالات والأبحاث الاقتصادية، لديه العديد من الشهادات والدورات الاقتصادية لدى العديد من الجهات المحلية والدولية