كان المستثمرون قبل أشهر فقط قلقين من أن الفيدرالي الأمريكي لا يكافح التضخم بشكل كافٍ، ولكنهم اليوم أصبحوا قلقين من أن الفيدرالي سيمضون في استمرار رفع الفوائد بشكل كبير جدا سيندفع الاقتصاد بسببه نحو ركود اقتصادي مؤلم وليس ركودا ناعما كما وعد رئيس الفيدرالي.
ومنذ الاسبوع الماضي، وتحديدا بعد قراءة التضخم المخيبة للآمال، فقد تم تسعير الفائدة القادمة بمقدار 1%.
وهو الرقم الذي لم يكن واردا، حينما كان يتم الحديث عن نصف نقطة مئوية أو حد أقصاه 75 نقطة أساس.
كما رفع المستثمرون من رؤيتهم للفوائد بشكل إجمالي، ليصل المعدل النهائي لسعر الفائدة على الدولار عند 4.4%.
وقد تحدث العديد من المحللين عن أن الاقتصاد قد يدفع ثمن تقصير الفيدرالي سابقا، حينما تأخر في علاج التضخم، وما يقوم به الآن من استمرار رفع الفوائد وتشديد السياسة النقدية بشكل سريع جدا.
حيث قال جيفري شيرمان ، نائب كبير مسؤولي الاستثمار في صندوق السندات DoubleLine:
“جميعنا خائفون من التشديد المفرط وسيناريو الهبوط الصعب، لأن الفيدرالي قد شدد بشكل مفرط وتسبب في هبوط صعب في كثير من الأحيان أكثر مما لم يفعل”.
وتشير البيانات الأمريكية إلى مزيد من التشديد في اسعار الفوائد مستقبلا، رغم رفعها بمقدار 2.25% منذ بداية الربع الأول وحتى يومنا هذا.
بل إن هذه التحركات تتزامن مع تصريحات العديد من المسؤولين والشركات والمؤسسات بأن الركود الاقتصاد قد اقترب جدا.
حيث ألقت شركة التوصيل FedEx باللوم على الفيدرالي في انخفاض ارباحها، وأشارت إلى تحذير البنك الدولي حينما قال:
“إنه وحتى اسعار الفوائد المحايدة او المعتدل، فإن الفوائد المرتفعة يمكن أن ترسل الاقتصاد العالمي إلى الركود”.
أما راي داليو، مؤسس Bridgewater Associates ، وهو أكبر صندوق تحوط في العالم، فقد قال عبر linkedin:
“إن ارتفاع معدلات الفائدة إلى حوالي 4.5% قد يؤدي إلى إغراق الأسهم بنحو 20%”.
بينما قال ستيفن أوه، الرئيس العالمي للائتمان والدخل الثابت، والرئيس المشارك للتمويل بالرافعة المالية في PineBridge Investments:
“نرى خطورة كبيرة في تسريع الفيدرالي لعملية رفع اسعار الفوائد بسبب التضخم المرتفع”.
وقد ساهمت المخاوف من تشديد بنك الاحتياطي الفيدرالي بالفعل في انخفاض بنسبة 19% في مؤشر S&P 500 هذا العام.
بينما تراجعت السندات العالمية بشكل حاد ، مدعومة بعمليات بيع حادة في سندات الخزانة.
أما جان بويفين ، رئيس معهد بلاك روك للاستثمار:
“البنوك المركزية أمام خيارات معقدة، إما التعايش مع التضخم، أو القضاء على النمو الاقتصادي”.
بينما رأى بويفين أن أسعار الفائدة سترتفع إلى 4.5% العام المقبل.
وبدورها فقد قالت دانييلا مارداروفيتشي ، الرئيسة المشاركة للدخل الثابت متعدد القطاعات في Macquarie Asset Management: “
“إن الإفراط في رفع الفوائد سيكون مصحوبًا بألم اقتصادي مادي”.
أما أندرو باترسون، كبير الاقتصاديين الدوليين في فانجارد، فيعتقد أنه قد يكون من الأفضل للفيدرالي أن يخطئ في جانب التصرف العدواني، بالنظر إلى مدى عناد التضخم.
ومع ذلك، فإن الشركة تتوقع 65% فرصة لحدوث ركود خلال الـ 24 شهرًا القادمة مع استمرار رفع الفوائد بهذه السرعة.
وبالاستناد إلى ما يسمى بظاهرة انعكاس منحنى عوائد السندات، والتي تعني ارتفاع العوائد على السندات قصيرة الأجل أكثر من تلك الطويلة، (أي عكس النمط التقليدي في العوائد)، فإن هناك تأكيدات على أن الركود قادم لا محالة.
حيث قال رائد تداول العملات الأجنبية جون تايلور ، الرئيس التنفيذي لشركة Taylor Global Vision:
“سيكون هناك المزيد من الألم في الأشهر المقبلة”.
كما قال تيلور:
“سوق الأسهم سوف يتعرض لألم كبير، ولكن أن يتم سحقه فإنها تعد مبالغة”.
بل إن هناك إشارات شبه رسمية تؤكد على أن الرئاسة الأمريكية تقوم بخطوات تشير إلى مدى إدراك المسؤولين لاقتراب الاقتصاد الأمريكي من أزمة محققة.
حيث قالت صحيفة وول ستريت جورنال يوم الأحد :
“إن مجموعة من منظمي البنوك عينهم الرئيس الأمريكي جو بايدن تدرس قواعد جديدة تتطلب من البنوك الإقليمية الكبرى إضافة وسائد مالية يمكن استخدامها في أوقات الأزمات”.
كما ذكرت وول ستريت جورنال أن الخطوات الجديدة تشمل قيام البنوك الإقليمية برفع ديون طويلة الأجل من شأنها أن تساعد في امتصاص الخسائر في حالات الإعسار.
ويأتي تقرير وول ستريت جورنال بعد أكثر من أسبوع من تصريح رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي مايكل بار حينما قال:
“قد تكون هناك قريبًا قواعد أكثر صرامة على المقرضين الإقليميين الكبار بعد الانتهاء من مراجعة “شاملة” لمتطلبات رأس المال المصرفي”.
المصادر التي تمت ترجمتها في إعداد هذه المقالة:
U.S. bank regulators consider new rules for regional banks in times of crisis, Wall Street Journal reports
مجدي النوري
مُدون وصانع محتوى اقتصادي، عمل في مجال الدراسات في إحدى أهم المؤسسات الاقتصادية في فلسطين، وقام بكتابة العديد من المقالات والأبحاث الاقتصادية، لديه العديد من الشهادات والدورات الاقتصادية لدى العديد من الجهات المحلية والدولية