يطل علينا شهر رمضان الكريم بحال مختلفٍ وأجواء مشحونة بالتوتر والترقب، وذلك بسبب حالة الحجر الصحي المفروض وتعطل الحياة الاقتصادية والاجتماعية في معظم الأراضي الفلسطينية حالها كحال العديد من دول العالم، وهو ما سيجعل الأمر مختلفا هذه المرة عن المواسم الرمضانية السابقة؛ فقد يواجه الموسم الرمضاني القادم إشكاليتين، الأولى تتعلق باحتمالية انخفاض مستوى السيولة لدى الأفرد خاصة بعد شهر كامل من الإغلاق شبه التام، والثاني احتمالية ارتفاع أسعار السلع الأساسية وتحديدا الغذائية والتموينية
أما عن الإشكالية الأولى فنحن نتحدث عن عدد من العاملين يصل إلى مليون عامل خلال شهر آذار الماضي، يعمل 21% منهم لدى القطاع الحكومي و66% منهم لدى القطاع الخاص، في حين يعمل في الداخل المُحتل والمستعمرات عدد لا يقل عن 13% من إجمالي العُمّال، ومع الحجر الحالي فقد أغلقت العديد من المنشآت الخاصة والصغيرة في الأراضي الفلسطينية أبوابها وهذا يعني تعطل 67% من العُمال الفلسطينيين عن العمل وحصولهم على جزء من أجورهم وليس كاملها، وهذا يعني تآكل نصف السيولة التي تمتلكها هذه الفئة وهو ما سينعكس تباعا على قدرتهم وسلوكهم الشرائي المعتاد في الموسم الرمضاني.
الإشكالية الثانية تتعلق بأسعار المواد التموينية والغذائية والتي اعتاد المواطن الفلسطيني ملاحظة ارتفاعها بنسب مختلفة داخل الموسم الرمضاني، إلا أن بيانات الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني تعطي إشارات مقلقة حول الأسعار المحتملة للسلع الأساسية في رمضان القادم؛ حيث صرح الجهاز مؤخرا عن ارتفاعات قياسية لأسعار المستهلك في شهر آذار الماضي مقارنة بشهر شباط الذي سبقه، والسبب يعود إلى ارتفاع أسعار بعض الخضروات وأسعار اللحوم الداجنة، وخاصة مع التقلب الشديد لأسعار صرف الدولار الأمريكي والدينار الأردني أمام الشيكل الإسرائيلي وهو ما يخلق مشكلة أخرى في السوق بسبب اعتماد المواطن الفلسطيني على ثلاث عملات رئيسية لديه. وإذا نظرنا إلى الأرقام وتعمقنا فيها بشكل أكبر فإننا سنلاحظ أن مستوى الأسعار قد ارتفع بشكل ملحوظ في القدس والضفة مقارنة بشهر آذار من العام 2019 في حين أن قطاع غزة لم يشهد سوى ارتفاعات طفيفة، وذلك تبعا للظروف المعيشية السيئة السائدة في القطاع قبل جائحة كورونا
إن الأنظار تتجه اليوم نحو تنشيط دور جمعيات حقوق المستهلك، والتدخل الحكومي للحد من الارتفاعات الجنونية للأسعار، والحد من ظاهرة الاستغلال التي قد يمارسها البعض، إلى جانب إعادة مظاهر الحياة الاقتصادية بشكل تدريجي وممنهج تحت سيطرة ومُراقبة دائمة لإعادة عجلة الإنتاج وتحسين نسب السيولة بشكل أو بآخر، بالتزامن مع زيادة نشر الوعي بمختلف الوسائل المرئية والسمعية حول وسائل الحماية من الإصابة بهذا الفايروس الخطير لتلافي الوقوع في مشكلة العدوى بسبب التجمعات الكبيرة.
المراجع والمصادر:
نشرة الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني: أبرز مؤشرات واقع سوق العمل والمنشآت في دولة فلسطين، عن شهر آذار 2020.
نشرة الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني: جدول غلاء المعيشة الفلسطيني لشهر آذار 2020.
موقع انفستنج دوت كوم لمراقبة تحركات عملتي الدينار الاردني والدولار الأمريكي مقابل الشيكل الاسرائيلي