شئنا أم أبينا فإن اقتصاد اسيا سيتغير؛ حيث أن كورونا قام بتغيير العالم بشكل كامل؛ وذلك بعد أن تحولنا من حديث عن نموٍ اقتصادي لسنوات خمسٍ قادمة، إلى حديث عن انكماش اقتصادي عالميٍّ حاد، ومن الحديث عن مناطق منكوبة على الصعيد الاقتصادي، إلى الحديث عن آسيا كمنطقة واعدة اقتصاديا في عصر ما بعد كورونا.
لقد قامت العديد من الدول بتقديم جزءٍ كبير من أموالها خلال بضعة شهورٍ كدعمٍ للاقتصاد من الانهيار، بعد أن استغرقت عدة سنوات لجنيّ هذا القدر من المال، ومما لا شك فيه بأن هذا الدعم سيلقي بظلاله على علاقة الدولة ودورها في الاقتصاد، وهو ما أكد عليه الخبير الدولي Kevin Sneader، بل إنه ذهب للتأكيد على أن دور الحكومات قد تشعب بشكل أكبر؛ حيث باتت الحكومات في معظم الاقتصاديات تقوم بدورِ المُشرف، والمُقرض، والمُشرع، والملجأ الذي تلجأ إليه الشركات كملاذ أخير، بل إن العلاقة بين الحكومات والشعوب، أصبحت أكثر قُربا، وذلك بعد أن باتت المعلومة الواضحة من قبل الأفراد للحكومة، واحدة من أهم أدوات محاربة كورونا.
من هي المناطق الواعدة على الصعيد الاقتصادي في عصر ما بعد كورونا؟
لقد خيّم الانكماش الاقتصادي بظلاله على أرجاء الكرة الأرضية، ولك في أوروبا أمثلة عديدة، حتى أن الولايات المتحدة الأمريكية أعلنت عن هذا الانكماش بصراحة شديدة، والوضع لم يختلف اقتصاديا في الصين، فقد أشار رئيسها بأن الصين كانت تستهدف معدل نمو قُدر بنسبة 6% تقريبا، وهو ما لن تستطيع الصين القيام به، بل إنها حجبت توقعاتها لنمو ناتجها الإجمالي لهذا العام، إلا أن الحديث الذي يدور الآن في الأروقة، يشير إلى آسيا كمنطقة واعدة على الصعيد الاقتصادي العالمي، ولكن ذلك مرهونٌ بمجريات الأيام القادمة، فإذا تمكنت الشركات من الصمود والبقاء على المدى القصير، فإنها ستتمكن من استغلال الفرصة الذهبية التي وُلدت من رحم فايروس كورونا، وهذا ما أجده ممكنا بشكل كبير؛ حيث أن الطريقة التجارية التقليدية ستتخذ منحى آخر؛ وذلك بسبب الجهود الرسمية المُتجهة نحو الاعتماد الداخلي للدولة القادرة على التصينع والإنتاج، ومن ثم الحديث عن تكثيف التجارة الداخلية في المناطق الآسيوية، فيما يُسمى Asia for Asia، وأيضا لك في مناطق جامناغار في الهند وهاي فونغ في فيتنام أمثلة رائعة عن التحول لمناطق تصنيع إقليمية مدعومة من قبل الحكومة بشكل هائل.
تذكروا جيدا هذه الإشارة، والإشادة بالمكانة الآسيوية على الصعيد الاقتصادي المستقبلي، بل تذكروا تماما أن فترة كورونا القصيرة، ستعمل على تحولات في عالم الأعمال التجارية العالمية، بل ستُمكّن القارة الآسيوية من لعب أدوار محورية في العديد من الأمور والقضايا الاقتصادية.
وللمزيد من التقارير الاقتصادية، ما عليك سوى البقاء على اطلاع على قسم التقارير الاقتصادية في موقع كواليس المال
مجدي النوري
مُدون وصانع محتوى اقتصادي، عمل في مجال الدراسات في إحدى أهم المؤسسات الاقتصادية في فلسطين، وقام بكتابة العديد من المقالات والأبحاث الاقتصادية، لديه العديد من الشهادات والدورات الاقتصادية لدى العديد من الجهات المحلية والدولية