صدرت مقالة مهمة جدا عن صندوق النقد الدولي حول مستقبل اقتصاد الصين من خلال تحديات غريبة، ستواجهها هذه الدولة الضخمة أثناء سعيها الوصول إلى الهيمنة العالمية.
حيث جاءت المقالة بعنوان “سطوة عالمية وهشاشة محلية” والتي أشار الصندوق فيها إلى التحديات الداخلية التي ستؤثر على بناء صينٍ متقدمة تنعم بالرخاء بحلول عام 2049.
وقد تمثلت التحديات الداخلية -وفقا للمقالة- بالأمور التالية:
-
زيادة أعداد المسنين.
-
الفجوة بين المناطق الريفية والحضرية.
-
عدم كفاية الابتكارات المدعومة بالأنظمة المالية المتنوعة.
-
الاعتماد على مصادر الطاقة القائمة الكربون.
-
النزاعات الاقتصادية الخارجية للصين مع عدد من البلدان الكبرى.
وفيما يلي نبذة مختصرة عن هذه التحديات التي يقف اقتصاد الصين أمامها أثناء سيره نحو الزعامة العالمية:
أولا. زيادة أعداد المسنين:
لقد تراجع إجمالي معدل الخصوبة إلى 1.7 طفل للمرأة الواحدة، وهو اقل عن معدل الإحلال الطبيعي البالغ 2.1 طفل وفقا لما جاء في المقالة.
وعلى الرغم من سماح الدولة بزيادة عدد المواليد إلى اثنين، إلّا أن الأزواج لم يتأثروا بهذا القرار، واختاروا انجاب طفل واحد فقط، وذلك بسبب ظروفهم المعيشية والعملية.
كما تعاني الصين من تراجع أعداد السكان الذين يقعون في سن العمل، فيما يُتوقع أن تزداد مجموعة السكان الذين تزداد أعمارهم 65 و85 بأكثر من الضعف لتصل إلى 550 مليون نسمة بحلول عام 2049.
أما عن الحلول الممكنة لمواجهة هذا التحدي، فقد أشار الكُتّابُ إلى أن الصين قد تتجه إلى رفع سن التقاعد، لدمج أكبر قدر من الفئات العمرية في العمل.
ثانيا. الفجوة المتسعة بين المناطق الحضرية والريفية:
لقد كانت المناطق الريفية ضحية الإصلاحات الاقتصادية الشاملة والتي قامت بها الصين في سبعينيات القرن المنصرم.
وتحديدا فيما يتعلق بمسألة الهجرة التي تعرض لها الريف الصيني، والتي وصلت نسبتها إلى 60% إلى صالح المناطق الحضرية.
وسيتسبب هذا التحدي في مشاكل كبيرة للصين أهمها:
خلق أسر مفككة؛ حيث لا يستطيع العمال المهاجرون (والذين يصلون إلى 200 مليون عامل) من المناطق الريفية اصطحاب عائلاتهم معهم
بينما تتمثل المشكلة الأكبر في هذه الحالة، في حالة تسريح الموظفين والعاملين من المناطق الحضرية وانتقالهم مع أسرهم إلى مناطق ريفية أخرى لا تتوفر لهم مزايا اجتماعية كاملة.
كما تعاني المناطق الريفية من مشاكل كبيرة تتمثل في انخفاض أجرة العامل مقارنة بأجرة العامل في المناطق الحضرية بمقدار الثُلث.
بينما ستعاني الصين بسبب هذه الانتقالات من انخفاض المساحة الصالحة للزراعة.
حيث أشار التقرير إلى أن الأراضي الصالحة للزراعة تمثل 7% من إجمالي مساحة الصين.
ثالثا. انخفاض الابتكارات المدعومة بالأنظمة المالية المتنوعة:
يعتبر هذا التحدي مفارقة عجيبة في تاريخ الصين الحديث، والتي اعتمد نموها السريع على الابتكارات في مختلف الميداين.
حيث أكدت المقالة على أن النهج القمعي في الصين والذي يحدث مؤخرا وتحديدا فيما يتعلق بالشركات المالية العملاقة، سيعيق من انتاجيتها.
وهو نهج مغاير لما قامت به الصينُ منذ بدايات الإصلاح، والتي كانت خلاله متساهلة بهدف ضخ المليارات في الاقتصاد ودعمه وتحفيزه.
رابعا. تحدي العلاقات الاقتصادية المتوترة:
أما عن تحدي التجارة والاستثمارات، فقد أكدت المقالة على مدى سوء العلاقات الاقتصادية مع الدول العملاقة، وهو ما يسبب ضررا في ضخ الاستثمارات الأجنبية في الداخل مستقبلا.
حيث تتجه الصين شيئا فشيئا إلى الكثير من الانغلاق على الذات بدعوى الحفاظ على الوجود الداخلي من الاختراقات الخارجية.
وهو ما قد يسبب قلقا للشركاء الحاليين، أو ضياعا للفرص، بحسب مقالة صندوق النقد الدولي.
إلا أن المقالة أكدت على أن المسؤولين في الصين يدركون هذه التحديات الخطيرة، وأنهم قاموا منذ عام بالانضمام إلى الاتفاقيات الاقتصادية الكبرى مثل:
-
-
الاتفاقية الشاملة للاستثمار مع الاتحاد الأوروبي.
-
فتح قنوات للحوار مع أعضاء الشراكة عبر المحيط الهادئ حول الأعضاء المستقبليين.
وهذه الأمور وغيرها من الجهود المبذولة، تفرض على المسؤولين الصينيين إعادة التفكير بضرورة إجراء إصلاحات شاملة وكبيرة في اقتصاد الصين .
كما يجب القيام بالتركيز على الابتكار الذي سيكون حلا أمثلا لعلاج مشكلة الانبعاثات الكربونية دون المساك بالانتاجية أو مستوى المعيشة الأمثل.
مجدي النوري
مُدون وصانع محتوى اقتصادي، عمل في مجال الدراسات في إحدى أهم المؤسسات الاقتصادية في فلسطين، وقام بكتابة العديد من المقالات والأبحاث الاقتصادية، لديه العديد من الشهادات والدورات الاقتصادية لدى العديد من الجهات المحلية والدولية