تُعتبر السنة الحالية من أسوأ الأعوام منذ عقود طويلة إن لم تكن أسوءها على المستوى الاقتصادي والصحي والاجتماعي، في ظل الإغلاقات العامة والمخاوف والانكفاء على النفس والشلل الذي أصاب جميع أركان الحياة ومفاصلها، وها هي فلسطينُ تتأثر كغيرها من الدولِ على الصعيد الاقتصادي بشكل كبير جدا، من حيث تعطل الحياة التجارية، وارتفاع معدلات الفقر، وصولا إلى تسجيل معدلات مرعبة فيما يتعلق بمسألة البطالة في فلسطين .
وقد أشار البنك الدولي منتصف الشهر الماضي إلى الوضع المتأزم والخطير الذي يحيط بالاقتصاد الفلسطيني.
حيث أكد على ارتفاع معدلات الفقر بنسبة مخيفة قد تصل إلى 27.5% العام القادم 2021.
فيما رفع البنك من تقديراته لمعدلات البطالة في فلسطين خلال الفترات القادمة لتصل أعلى من 26%.
وتعبر هذه النسبة عن نمو متسارع في البطالة، مقارنة بنسبة البطالة كما في نهاية العام 2019 حينما قُدرت بنسبة 24%.
ناهيك عن إشارة الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني عن تسجيل قطاع غزة نسبة البطالة لتصل إلى 50% وهو رقم عالمي خطير.
إن هذه الأرقامُ مُرجحةٌ للارتفاع في حالة عدم التوصل إلى حلٍ ناجح في التعامل مع الجائحة الحالية.
حيث تشير الكثير من الدراسات إلى الآثار الصحية المدمرة لارتفاع معدلات البطالة بين أوساط الشباب ومنها:
-
زيادة الاكتئاب
-
مشاكل الصحة العقلية.
-
زيادة معدلات الجريمة.
-
انخفاض الإنتاجية الاقتصادية والاستهلاك بشكل عام.
-
تآكل المهارات.
وغيرها من الآثار الأخرى التي تدفعنا إلى البحث وإعمال العقل للتعاطي مع الواقع الحالي والتنبؤ بالقادم.
وفيما يلي بعض الاستراتيجيات المقترحة للتعامل مع معدلات البطالة المرعبة في فلسطين :
– دعم بيئة الاستثمار في فلسطين من خلال هيئة تشجيع الاستثمار واللجوء إلى التخفيض الضريبي.
وذلك تمكينا للشركات العاملة من المحافظة على العمالة التي ما زالت تمتلكها.
وتشجيع المشاريع الأخرى للبدء بغض النظر عن الإمكانيات التي تمتلكها.
– توجيه القطاع الخاص وتحديدا المؤسسات المالية نحو دعم المشاريع المتوسطة ومتناهية الصغر.
– التفكير بمسألة إقامة أماكن مخصصة ضمن المناطق الرئيسية والمناطق الحيوية على الصعيد التجاري أو الجغرافي في المدن.
وذلك ضمن أوقات محددة وبطرقٍ منظمة لإقامة المشاريع الصغيرة، لتشجيع الشباب العاطل عن العمل لإقامة مشاريعه الخاصة.
– تسليط الضوء على مسألة العقود والتي لجأت الكثير من الشركات إلى عدم تجديدها مما زاد من عدد العاطلين عن العمل بشكل مفاجئ.
– تشجيع المشاريع الخاصة بالقطاعات الفلسطينية المهمة وعلى رأسها قطاعي الزراعة والصناعة، والاستفادة من مسألة الاكتفاء الذاتي، في ظل الإغلاقات العامة المتنامية وانخفاض حجم التجارة الخارجية مقارنة بما كانت عليه قبل الوباء.
– بناء خطط استراتيجية قصيرة المدى للتعامل مع المعطيات أولا بأول، وتحديد نقاط الضعف وتمكينها، ونقاط القوة وتعزيزها.
إن ما سبق لا يعبر عن كافة الاستراتيجيات الممكنة، إنما يفتح باباً أمام الجميع للتفكير بالعمل بدلا من التفكير بالشكوى.
ولكن هذه الاستراتيجيات منوطة بالمقام الأول بقرارات وتحركات أصحاب القرار ورؤوس الأموال للقيام بدورهم يدا بيد تجاه الآلاف من العاطلين عن العمل والذين قد يتسببون بمشاكل اجتماعية ومجتمعية ذات أبعاد لا يُحمد عقباها.
مجدي النوري
مُدون وصانع محتوى اقتصادي، عمل في مجال الدراسات في إحدى أهم المؤسسات الاقتصادية في فلسطين، وقام بكتابة العديد من المقالات والأبحاث الاقتصادية، لديه العديد من الشهادات والدورات الاقتصادية لدى العديد من الجهات المحلية والدولية