حذر البنك الدولي من إمكانية انهيار الاقتصاد الفلسطيني بسبب جائحة كورونا، إضافة إلى ارتفاع أعداد الفقراء بوتيرة غير مسبوقة، وأشار التقرير إلى التراجع المفاجئ للأنشطة الاقتصادية والضغط على الموارد المالية للسلطة الفلسطينية إلى تعريض موارد رزق الفلسطينيين لمخاطر عالية، وذلك بسبب استمرار تأثير فيروس كورونا في الإضرار بالاقتصاد بشدة.
كما وضح التقرير بأن معدل النمو في فلسطين عن العام 2019 كان قد سجل 1%، ومن المتوقع أن ينكمش الاقتصاد بنسبة 7.6% على الأقل عام 2020. وبعد مرور الأزمة الحالية، فإن رفع القيود على تطوير البنية التحتية الرقمية وتعزيز الإطار القانوني يمكن أن يؤديا دورًا مهمًا في تحفيز الاقتصاد المتعثر.
وقال كانثان شانكار، المدير والممثل المقيم للبنك الدولي في الضفة الغربية وقطاع غزة “مع دخول جائحة فيروس كورونا المستجد شهرها الثالث، تؤثر الأزمة على حياة الفلسطينيين وسبل عيشهم. وقد تحركت السلطة الفلسطينية في وقت مبكر وبشكل حاسم لإنقاذ الأرواح. ومع ذلك، فإن سنوات عديدة من تراجع دعم المانحين ومحدودية الأدوات الاقتصادية حوّلت قدرة الحكومة على حماية سبل العيش إلى مهمة عسيرة. ولذلك، فإن الدعم الخارجي سيكون حاسماً للمساعدة على نمو الاقتصاد خلال هذه الفترة غير المسبوقة.”
ويسلط تقرير المراقبة الاقتصادية الجديد للبنك الدولي الضوء على التحديات الحاسمة التي تواجه الاقتصاد الفلسطيني. فقد ينكمش الاقتصاد بنسبة 7.6٪ على الأقل إذا عادت الأوضاع الطبيعية تدريجيًا بعد حالة الاحتواء، وبنسبة تصل إلى 11٪ إذا كان الانتعاش الاقتصادي أبطأ أو فُرضت قيود إضافية. ومن المتوقع أن يزداد وضع المالية العامة للسلطة الفلسطينية صعوبة، وذلك بسبب تراجع الإيرادات والزيادة الملموسة في الإنفاق العام على احتياجات المواطنين الطبية والاجتماعية والاقتصادية. وحتى مع إعادة تخصيص بعض المصروفات، يمكن أن ترتفع الفجوة التمويلية بشكل مثير للقلق من 800 مليون دولار – وهو مستوى مرتفع بالفعل – عام 2019 إلى أكثر من 1.5 مليار دولار عام 2020، وذلك لتلبية هذه الاحتياجات بالشكل الملائم.
وحتى قبل تفشي جائحة فيروس كورونا، كان أكثر من ربع الفلسطينيين يعيشون تحت خط الفقر. ومن المتوقع الآن أن ترتفع نسبة الأسر الفقيرة إلى 30٪ في الضفة الغربية وإلى 64٪ في قطاع غزة. والأكثر إثارة للدهشة هو معدل البطالة بين الشباب عند 38٪، وهو ما يتجاوز كثيرا المتوسط السائد في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. ولا تزال إمكانات الاقتصاد مُكبلة بالقيود المفروضة على حركة الأشخاص والبضائع. ويدعو التقرير إلى تطوير الاقتصاد الرقمي للمساعدة في سد هذا الانقسام وخلق وظائف أفضل.
وأكد كانثان شانكار أنه “يمكن للاقتصاد الرقمي التغلب على العقبات الجغرافية، وتعزيز النمو الاقتصادي وخلق فرص عمل أفضل للفلسطينيين. ومع سكانها الشباب البارعين في التكنولوجيا، فإن الإمكانات تصبح هائلة… مع ذلك، يجب أن يكون الفلسطينيون قادرين على الوصول إلى موارد مماثلة لتلك الخاصة بجيرانهم، كما يجب أن يكونوا قادرين على تطوير بنيتهم التحتية الرقمية سريعًا أيضًا”.
يؤكد التقرير على أن البنية التحتية الرقمية هي الأساس لتنمية الاقتصاد الرقمي. وفي حين تفكر بلدان أخرى في استخدام شبكات الجيل الخامس، تعتبر الأراضي الفلسطينية من بين الأماكن الأخيرة في الشرق الأوسط لإطلاق شبكات الجيل الثالث في الضفة بيان صحفي الغربية والجيل الثاني في قطاع غزة. كما أن المشغلين في وضع غير مؤات، ويواجهون قيودًا على الوصول إلى الطيف والمواقع اللازمة لتحقيق تغطية الشبكة واستيراد بعض معدات الاتصالات. وهم يتنافسون ضد المشغلين الذين يمكنهم تقديم خدمات غير مرخصة للجيل الرابع/ التطور طويل الأمد 4G/LTE في الضفة والجيل الثالث في القطاع لمن هم على مقربة من الشبكات الإسرائيلية (من خلال شرائح الهاتف المحمول المدفوعة مسبقًا).
يوصي تقرير البنك الدولي بإجراء إصلاحات محددة بالتعاون مع إسرائيل، بما في ذلك إحياء لجنة الاتصالات المشتركة لحل القضايا الثنائية؛ والموافقة على إطار زمني لتخصيص طيف الجيل الرابع وفي النهاية الجيل الخامس؛ ورفع القيود على المعدات اللازمة لإدخال تقنيات جديدة؛ وتخفيف أثر نشاط الاتصالات غير المصرح به في الأراضي الفلسطينية.
كما يدعو السلطة الفلسطينية أيضا إلى وضع استراتيجية شاملة للقطاع، وإنشاء هيئة تنظيمية مستقلة وإعطاء الأولوية لإقرار قانون جديد للاتصالات بما يتماشى مع أفضل الممارسات الدولية. إن دور الجهات المانحة حيوي لتقديم الدعم للتطوير المؤسسي المطلوب في قطاع الاتصالات، والمساعدة في برامج التمويل المبتكرة للتخفيف من المخاطر السياسية وزيادة استثمارات القطاع الخاص.