رويترز: يقترب هذا العام من نهايته بعد أيام قليلة، وهو العام الذي تربعت فيه البنوك المركزية العالمية على عرش الاهتمام الاقتصادي العالمي، لتكون في طريقها نحو عام متأزم آخر، وإن كان، ووفقا للتقديرات والمؤشرات، أقل وتيرة.
وقبل الدخول في التفاصيل؛
فإنه تجدر الملاحظة إلى أن هذه المقالة ستشير إلى ما حدث خلال عام 2022 وتحديدا على صعيد رفع الفوائد.
ثم ستشير إلى التحديات القائمة أمام البنوك المركزية العالمية، للانتقال إلى الاحتماليات المرجحة لعام 2023.
وهي الاحتمالات التي تسير نحو الاحتفاظ بمستويات فوائد مرتفعة، بشكل سيؤدي إلى مزيد من دعم ارتفاع اسعار الصرف، وتحديدا للدولار واليورو والعملات الرئيسية الأخرى.
التفاصيل: البنوك المركزية العالمية وعام 2023:
قامت البنوك المركزية العالمية بمحاربة التضخم من خلال أمرين كانا هما الأكثر تأثيرا، وهما:
-
الإسراع برفع الفوائد بأكبر عملية رفع لأسعار الفائدة منذ أربعين عاما.
-
وزيادة أسعار الفوائد بأكبر حجم منذ عشرين عاما تقريبا.
وحتى الآن فقد أظهرت حسابات رويترز أن البنوك المركزية العالمية التي تشرف على العملات العشر الأكثر تداولا قامت برفع الفوائد بما قيمته 27% أو 2700 نقطة أساس عبر 54 عملية رفع للفائدة على مدار الأشهر 12 الماضية.
فيما أظهرت الحسابات أن البنوك المركزية في الاسواق الناشئة قامت برفع الفائدة بما مقداره 74.25% ضمن 93 عملية رفع.
وبمقارنة هذه الارقام لدى البنوك المركزية للاسواق الناشئة تحديدا، فيلاحظ أنه ارتفاع كبير عن عام 2021 بمقدار 27.45% فقط.
وقد تحدثت وكالة رويترز أن هذا العام قد يكون مهدا وممهدا لبنوك مركزية لم تعتد عملية رفع الفوائد.
حيث إنه وعلى الرغم من امتناع البنك المركزي الياباني عن رفع اسعار الفوائد، إلا أن الأمر سيبدو مختلفا.
فقد تحدث صنّاع السياسة النقدية في اليابان عن تعديل مفاجئ في السياسة النقدية لتحقيق رفع العائد على السندات.
وهو الأمر الذي رفع من تكهنات أن يتجه البنك المركزي الياباني نحو مزيد من أسعار الفائدة في المستقبل غير البعيد.
أما البنك الفيدرالي الأمريكي الذي قام بعملية رفع الفوائد من 0.25% إلى 4.5% سيبقى هو صاحب التأثير الأهم.
حيث تتجه البيانات الاقتصادية الأخيرة إلى تحويل الأنظار نحو أمرين هما:
-
أن التضخم الذي انخفض لخمس قراءات شهرية متتالية، ما زال عنيدا عند مستوياته المرتفعة.
-
وأن سوق العمل الأمريكي والاقتصاد الأمريكي ما زال قادرا على تحمل الفوائد، حتى وإن اتجه لركود فسيكون ركودا معتدلا.
إلا أن الأسواق، وتحديدا المالية (سوق الأسهم)، فإنها ترى أن توجه الفيدرالي نحو رفع الفوائد، وإن كان بوتيرة أقل، فإنه سيؤدي إلى حدوث تراجع أو تباطؤ في النمو الاقتصادي.
حيث قال ديفيد هونر ، رئيس استراتيجية واقتصاديات الأصول المتقاطعة في الأسواق الناشئة في بنك أوف أمريكا:
“عندما تنظر إلى التشديد في الولايات المتحدة ، فهو في الأساس واحد من أقوى الأزمات على الإطلاق في العشرين عامًا الماضية”.
كما قال ايضا:
“حينما سيكون لديك ها التشديد، فإنه سيكون شيء أكثر من مجرد ركود صغير، والذي يبدو الآن إجماعا عاما”.
وبغض النظر عن ما حدث خلال هذا العام لدى مختلف البنوك المركزية، إلا أن العام القادم، لن يكون أقل تأثير عن هذا العام.
وليس فقط على صعيد رفع الفوائد، وإن كان بوتيرة أقل، ولكنه ايضا بسبب أنه عامٌ ينطلق نحو عدة أمور، أهمها:
-
الإفصاح السنوي للنتائج المالية للشركات المدرجة، مع ارتفاع واضح في التكاليف التمويلية.
-
سيكون عامٌ صعب في بدايته على صعيد التكاليف التمويلية المرتفعة، خلافا للمستويات الصفرية التي بدأها عام 2022.
-
كما سيكون عاما صعبا على صعيد أسواق الأسهم التي ستبدأ بالخوف من الركود، خلافا لما بدأته الاسواق من تفاؤل بداية عام 2022.
أما فيما يتعلق باحتمالية توقف رفع الفوائد بشكل قريب خلال عام 2023، فإن ذلك سيرتبط بشكل كبير بالتطورات في مختلف الملفات.
سواء السياسية، متمثلة في الحرب الروسية، أو صحية، متمثلة بالملف الصيني، خلافا للاقتصادية، ممثلة في التضخم المرتفع.
وهنا فإن الحديث سيتحول من حجم الفوائد التي سترفعها البنوك المركزية، إلى المدة الزمنية لاستمرار هذه الفوائد.
والتي، ووفقا للأحداث الحالية، وحديث رؤوساء الفيدرالي، ستبقى مع الاسواق حتى بداية عام 2024 وفق أفضل التقديرات.
مجدي النوري
مُدون وصانع محتوى اقتصادي، عمل في مجال الدراسات في إحدى أهم المؤسسات الاقتصادية في فلسطين، وقام بكتابة العديد من المقالات والأبحاث الاقتصادية، لديه العديد من الشهادات والدورات الاقتصادية لدى العديد من الجهات المحلية والدولية