الذهب أم سوق الأسهم: من يفوز على الآخر؟ مقارنة تاريخية لتحديد الرابح الأكبر

على الرغم من الاعتقاد السائد بأن الذهب ملاذ آمن في أوقات الأزمات، إلا أن الأدلة التاريخية والبيانات المالية تشير بوضوح إلى أن الأسهم تتفوق على الذهب على المدى الطويل، حتى في فترات التوتر الاقتصادي والاضطرابات العالمية، وهذا يدفعنا إلى الكتابة عن مسألة الذهب أم سوق الأسهم بالنسبة للمستثمرين والمتعاملين في الأسواق المالية.

الذهب أم سوق الأسهم: من يفوز على الآخر؟ مقارنة تاريخية لتحديد الرابح الأكبر

لنستعرض سويًا محطات زمنية مفصلّة تظهر هذا التفوق الواضح، وتحديدا منذ الأزمة المالية العالمية 2008.

الذهب والأسهم خلال الأزمة المالية العالمية 2008:

مع اندلاع الأزمة المالية العالمية في 2008، اتخذ الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي قرارات حاسمة بتخفيض أسعار الفائدة من 3% إلى 0.25% في أقل من عام، بهدف دعم الاقتصاد المتدهور.

حينها، ارتفع الذهب بسرعة كبيرة مدفوعًا بالخوف من الركود، بينما تراجعت الأسواق المالية بشكل حاد.

لكن المشهد تغير على المدى المتوسط: الفوائد بقيت منخفضة حتى عام 2015، مما سمح للأسواق بالتعافي بشكل تدريجي، وبدأت الأسهم تعود تدريجيًا لمستويات النمو.

أداء الذهب والأسهم خلال جائحة كورونا:

في ديسمبر 2015، بدأ الفيدرالي برفع الفائدة تدريجيًا حتى وصلت 2.25% بحلول يونيو 2019، قبل أن يعود لتخفيضها إلى 0.25% مجددًا في مارس 2020 نتيجة لجائحة كورونا.

خلال تلك الفترة:

  • ارتفع الذهب بنسبة 67% من 2018 حتى 2020، بدعم من الحرب التجارية بين أمريكا والصين والمخاوف الناتجة عن الإغلاق العالمي.

لكن ماذا حدث بعد ذلك؟

بالرغم من استمرار الجائحة حتى أواخر 2021، لم يستمر الذهب بالصعود، بل بدأ يتحرك أفقيًا، ثم انخفض في عام 2022.

لماذا تفوقت الأسهم على الذهب بعد الجائحة؟

السبب يعود إلى تعافي الاقتصاد العالمي بدعم من:

  1. حزم التحفيز الاقتصادية الضخمة التي ضخت تريليونات الدولارات في الأسواق.

  2. التوقعات المستمرة بانخفاض أسعار الفائدة.

  3. الزخم القوي لقطاع التكنولوجيا وثورة الذكاء الاصطناعي.

نتائج هذا التعافي انعكست بوضوح على مؤشرات الأسهم الأمريكية:

  • ارتفع مؤشر S&P500 بنسبة 87% بين أبريل 2020 ويناير 2022.

  • تراجع المؤشر 25% بسبب الحرب الروسية الأوكرانية، ثم عاد للارتفاع بنسبة 30%.

  • تبع ذلك حركة تصحيحية ثم ارتفاع بنسبة 42%، وأخيرًا ارتفاع إضافي بنسبة 14% منذ أبريل 2025 حتى الآن.

أما مؤشر ناسداك التكنولوجي:

  • ارتفع بنسبة 101% بين 2020 و2021.

  • انخفض بنسبة 34% في عام 2022.

  • عاد للصعود مجددًا بنسبة 94% حتى أبريل 2025.

  • ثم ارتفع بنسبة إضافية قدرها 21% بعد أبريل 2025 حتى وقت كتابة هذه السطور.

الذهب مقابل الأسهم: مقارنة بالأرقام من عام 2020 حتى الآن

  • الذهب: ارتفع بنسبة 113% منذ عام 2020، مدفوعًا بشكل أساسي بالمخاوف السياسية (مثل عودة ترامب والرسوم الجمركية)، لكن هذا النمو كان أضعف نسبيًا ومصحوبًا بتقلبات حادة.

  • ناسداك: ارتفع بنسبة إجمالية تجاوزت 200% مع فترتين قصيرتين من التصحيح.

  • S&P500: حقق ارتفاعًا قدره 150% خلال نفس الفترة، أيضًا مع حركتين تصحيحتين فقط.

خلاصة: لماذا تفوز الأسهم دائمًا على الذهب؟

تاريخيًا، كانت أخبار تخفيض الفائدة دائمًا تصب في صالح الأسهم، حيث تعزز السيولة والاستثمار في الشركات، بينما يبقى الذهب رهين المخاوف والمضاربات.

إذا كنت مستثمرًا طويل الأجل تبحث عن عوائد مجزية مدعومة بنمو اقتصادي حقيقي، فإن الأسهم تظل الخيار الأفضل مقارنة بالذهب، حتى في أصعب الظروف.

مجدي النوري مُدون وصانع محتوى اقتصادي، عمل في مجال الدراسات في إحدى أهم المؤسسات الاقتصادية في فلسطين، وقام بكتابة العديد من المقالات والأبحاث الاقتصادية، لديه العديد من الشهادات والدورات الاقتصادية لدى العديد من الجهات المحلية والدولية  

اترك تعليقاً