قد يضحكُ البعضُ حينما يستمعون إلى العلماء الذين يؤكدون على أن الرمل مورد طبيعي ينفذ شيئا فشيئا، وسيجدون ذلك مبالغة كبيرة من قبل المتشائمين؛ لذا سنعرض عليكم هذه المقالة المهمة جدا، حول مفهوم نفاذ الرمل، ولماذا يجب التنبه لهذه الظاهرة الغريبة، كما سنفسر عدم القدرة على استخدام كل أنواع الرمال التي تغطي الكرة الأرضية.
تعتبر الرمال أهمَ السلع في العالم، والأقلَ تقديرا في نفس الوقت، وهو ما يزيد من عمق ضعف الإنتباه لمشكلة نفاذ الرمال في العالم.
حيث تعتبر الرمال المادة الخام الأكثر استهلاكا في العالم بعد الماء، ومكوّن أساسي تقوم عليها مجتمعات بأكملها.
كما تعتبر الرمال المادة الأساسية المستخدمة في بناء الطرق والجسور، بل والمدن الحديثة التي قام بعضها على الماء.
وتدخل الرمال أيضا في الزجاج بكافة أنواعه، من نوافذ وشاشات وهواتف ذكية، حتى دخوله في إنتاج رقائق السيليكون.
الرمل مورد طبيعي ينفذ !!!
لقد حذر علماء المناخ من أن العالم يواجه نقصا حادا في هذه المادة الخام، وهو ما سيشكل أكبر تحدٍ من تحديات التنمية المستدامة في هذا القرن.
حيث قال باسكال بيدوزي عالم المناخ في برنامج الأمم المتحدة للبيئة على موقع CNBC:
“لن يساعد الذعر في شيء، ولكن وقت تغيير تصوراتنا عن الرمال قد حان”.
وأكد باسكال على أن بعض المناطق بدأت تنفذ من الرمال فعلا، وقال بأن الأمر يمكن الحدوث في أي مكان خلال العقد المقبل.
كما أكد باسكال على أن هذه الظاهرة مرتبطة بشكل كبير بمسألة البناء، وارتباط الرمال بالإسمنت.
حيث تقدر الأمم المتحدة أن 4.1 مليار طن من الأسمنت يتم إنتاجها كل عام، مدفوعة بشكل أساسي من الصين، والتي تشكل 58 ٪ من طفرة البناء التي تعمل بالوقود الرملي اليوم؛ حيث يتطلب إنتاج كل طن من الأسمنت 10 أطنان من الرمل.
وهذا يعني أنه وبالنسبة للبناء وحده، فإن العالم يستهلك ما يقرب من 40 إلى 50 مليار طن من الرمال سنويًا.
ويقول باسكال:
“إن هذا يكفي لبناء جدار بارتفاع 27 مترًا وعرض 27 مترًا يلتف حول الكوكب كل عام.”
كما أكد على أن ارتفاع وتيرة هذه الظاهرة العجيبة خلال العقدين الماضيين، بسبب زيادة التوسع الحضري، والإقبال على البناء.
فيما تحدث البعض عن مبالغة ما يقوله باسكال، وأكدوا على أن الرمال لن تنفذ وأنها موجودة في كل بلد على وجه الكرة الأرضية تقريبا.
وقد أجاب باسكال عن ذلك قائلا:
“لا يعني هذا أن كل الرمال مفيدة، حبيبات رمل الصحراء، التي تآكلت بفعل الرياح بدلاً من الماء، تكون ناعمة للغاية ومستديرة بحيث لا يمكن ربطها معًا لأغراض البناء.”
كما أكد على أن الرمال المطلوبة والجيدة يتم الحصول عليها واستخراجها من قاع البحار والسواحل والمحاجر.
وبدورها فقد قالت لويز غالاغر، قائدة الإدارة البيئية في مبادرة مرصد الرمال العالمية التابعة لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة:
“إن القضايا المتعلقة بالرمال أصبحت مشكلة منتشرة ومعقدة يتعين حلها.”
وتتصدر الصين والهند قائمة المناطق التي يؤثر فيها استخراج الرمال على الأنهار والبحيرات والسواحل.
ويُرجعُ المراقبون ذلك إلى حد كبير إلى ارتفاع الطلب على البنية التحتية والإنشاءات وتطوير البلاد الدائم لبنيتها.
بل وأكدت غلاغر على أن هناك مافيات في بعض البلاد مثل كمبوديا وفيتنام وكينيا يقومون بتهديد وقتل كل من يلقي الضوء على أعمالهم غير المشروعة في تجارة هذه السلعة التي لا ينظر لها المجتمع بعين الاهتمام.
وختم باسكال حديثه قائلا:
“إن التصنيع والنمو السكاني والتحضر كلها اتجاهات من المرجح أن تغذي النمو الهائل في الطلب على الرمال”.
“يجب الاستيقاظ حتما”
مجدي النوري
مُدون وصانع محتوى اقتصادي، عمل في مجال الدراسات في إحدى أهم المؤسسات الاقتصادية في فلسطين، وقام بكتابة العديد من المقالات والأبحاث الاقتصادية، لديه العديد من الشهادات والدورات الاقتصادية لدى العديد من الجهات المحلية والدولية