وقَّعّت معظمُ دولِ العالم قبل ساعات، على صفقةٍ تاريخيةٍ، لضمان تحقيق الإنصاف في مسألة تحديد الضريبة على الشركات ، وتحديدا الشركات الكبرى، إلا أن السؤال الكبير اليوم، يدور حول تحديد الضحية الحقيقية، التي ستقع فريسة لهذه الصفقة.
حيث وافقت حوالي 136 دولة على فرض معدل ضريبة على الشركات بما لا يقل عن 15٪.
بالإضافة إلى فرض نظام أكثر عدلاً لفرض ضرائب على الأرباح التي يتم جنيها.
وهو الأمر الذي سيزيد من قلق الشركات متعددة الجنسيات، التي انتهجت مسألة التواجد، أو الإقرار بالأرباح، لدى سلطة ضريبية منخفضة.
ولكن المؤيدين لهذه الصفقة، وجدوا بأن معدل 15% هو معدل منخفض للغاية، وأنه لن يكون منفرّا للشركات.
وهذا ما قالته منظمة أوكسفام العالمية، والتي ذهبت إلى الحديث عن معدل أكثر عدلاً، يتمثل بنسبة 25%.
وقد قال المستشار البريطاني “ريشي سوناك”:
“إن الصفقة ستعمل على تحديث نظام الضرائب العالمي بما يتلاءم مع العصر الحديث”.
كما أضاف قائلا:
“لدينا الآن طريق واضح لنظام ضريبي أكثر عدلاً؛ حيث يدفع كبار اللاعبين العالميين نصيبهم العادل أينما يقومون بأعمال”.
وقد قادت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD)، وهي منظمة حكومية دولية، المحادثات بشأن معدل أدنى لمدة عقد من الزمان.
حيث قالت المنظمة:
“إن الصفقة يمكن أن تجلب 150 مليار دولار إضافية من الضرائب سنوياً، مما يعزز الاقتصادات في الوقت الذي تتعافى فيه من كورونا”.
المعترضون على هذا النظام الضريبي الجديد:
لقد اعترضت دولٌ كثيرة على هذا النظام، الذي تم الاتفاق مبدئيا عليه في يوليو؛ وذلك نظراً لامتلاكها لمعدلات ضريبة منخفضة جدا.
إلا أن بعض هذه الدول عادت، وانضمت في اللحظات الأخيرة، نظراً لعقلانية عدم المواجهة الفردية لإرادةٍ دوليةٍ شبه جماعية.
حيث رضخت أيرلندا برفع الضريبة على الشركات إلى 15٪، من مستويات 12.5%.
كما انضمت المجر، وإستونيا، إلى جانب أيرلندا، وهي دول كانت تمتلك أقل من 15%.
بينما لم تنضم كل من، كينيا، ونيجيريا، وباكستان، وسريلانكا إلى هذه الاتفاقية
الخاسرون والرابحون من هذه الصفقة العالمية، ومن سيكون الضحية!!
أما عن الخاسر والرابح من معركة رفع الضريبة على الشركات ، فنحن سنكون أمام معضلة كبيرة جدا، ولن أقوم بتحديد هذه الأطراف على شكل منفرد، وإنما سأشير إلى كل شخص ضمن السيّاق.
فمثلا تمتلك شركة جوجل العالمية قواعد في إيرلندا بمعدلات 12.5%، وهذا يعني تكبد الشركة لضرائب بالمليارات.
كما ستتأثر شركات رقمية عملاقة، مثل أمازون، والتي تخترق مبيعاتها مليارات الدولارات سنويا، وبهامش ربح يتجاوز 10%.
يمكنك الاطلاع على مقالة مهمة عن آلية تهرب 55 شركة امريكية عملاقة من دفع ما عليها من ضرائب من هنا.
وهنا تجدر الإشارة، إلى أن هذه القواعد الضريبية الجديدة، جاءت وفقاً لما وعد به بايدن.
وذلك حينما تحدث خلال حملته، بأنه سيأخذ الضرائب من الأثرياء، والشركات العملاقة على حد سواء.
إلا أننا قد نجد أمراً مغايرا، وطبيعياً، وذلك حينما ستقوم الشركات بترحيل أعبائها الضريبية إلى المستهلك، عبر الأسعار المفروضة.
خاصة، وأن الشركات العالمية، والتي كانت بمثابة وجبة دسمة، تتنافس عليها الدول، باتت محاصرة بنظام ضريبي عالمي لا يمكن اختراقه مع الزمن.
بل، إن هناك من يشير إلى الضرر الذي سيلحق بعض الاقتصاديات، التي كانت تعتمد نظاما ضريبيا منخفضاً، لجلب الاستثمارات، وخلق فرص العمل.
إلا أن هناك أطراف عارضت هذا الرأي، وأكدت على أن الشركات العملاقة، كانت بارعة في نقل الأرباح فقط، دون تحقيق فائدة مرجوة لدول الملاذات.
كما يؤكد مؤيدو هذه الصفقة، على أن النظام الضريبي الجديد، سيقلل من فرص تحويل الأرباح إلى الحد الأدنى.
بل رأو بأن النظام الجديد، سيدفع الشركات العالمية نحو الالتزام بما عليها من ضرائب بالشكل الأمثل.
فيما ذهب المؤيدون بعيدا في دعم هذه الاتفاقية، وذلك على أساس سياسي ودولي، وذلك حينما قالوا:
“سيحل الاتفاق خلافا بين الولايات المتحدة ودولًا مثل المملكة المتحدة وفرنسا، والتي كانت قد هددت بفرض ضريبة رقمية على شركات التكنولوجيا الأمريكية الكبرى بشكل رئيسي”.
وبالنتيجة؛
فقد انضمت 136 دولة إلى هذه الاتفاق الضريبي العالمي، ودخلت دولٌ كانت قد أبدت معارضتها في البداية.
حيث سيتم تطبيق الحد الأدنى لضريبة الشركات اعتبارًا من عام 2023.
وهو الأمر الذي سيمكّن الدول من فرض ضرائب على الشركات متعددة الجنسيات العاملة داخل حدودها، حتى لو لم يكن لها وجود فعلي هناك.
وتبقى المعضلة الكبيرة الآن، في تحديد هُوِيَّةِ الضحية الحقيقية التي ستدفع الثمن، والتي أشرنا إليها، مبدئيا، بشخص المستهلك.
المصادر:
Nations agree to 15% minimum corporate tax rate: موقع : www.bbc.com
World leaders reach landmark deal on a global corporate tax rate: موقع www.cnbc.com
136nations agree to biggest corporate tax deal in a century: موقع www.ft.com