وآخرون يقفون غير مدركين لما يجب أن يقومون به، تملؤ رؤوسهم الأتربة، بثياب ممزقة أو متسخة بغبار الأدخنة.
أما عن المركبات فقد بدأت سيارات الاسعاف بمحاولة شق حركة المرور الكثيفة للوصول إلى الانفجار.
وعلى الجانب الآخر محاولة لمركبات شخصية محاولة الهروب من هذا الجحيم، كأنها القيامة وقد قامت.
المستشفيات مكتظة وآلاف الجرحى والنيران المستعرة، الجيش في الشوارع يحاول أن يُبعد المارة والسيارات عن موقع الانفجار.
أما المباني فقد أصبحت شبه مُحطمة، وأخرى ظهر هيكلها، مع نوافذ فقدت أغلب زجاجها.
الفضائح السرية لمرفأ بيروت: بالصور والأدلة
نعم هذه الأحداث كلها لا يمكن وصفها بسطور بسيطة، أو من خلال أفلام وثائقية طويلة. إنه مشهد بيروت الحزينة، إنه انفجار يخفي في داخله فضائح غاية في الغرابة والأسرار.
لاحظ في الصور أدناه، صورة مأخوذة في العام 2014، لسفينة الشحن التي حملت نترات الأمونيوم في مرفأ بيروت.
هذه الأكياس تحتوي على ما يقرب من 3000 طن من نترات الأمونيوم عالية التركيز.
وفي الصورة التالية صورة لرجلين، ويظهر على اليمين رجل يرتدي الأزرق هو قبطان السفينة بوريس بروكوشيف والذي كان عالقا في البحرة لعدة شهور هو وطاقمه.
ويظهر في الصورة أكياس بيضاء تبدو غير ضارة، وهي في الحقيقة أكياس تحمل أطنان من نترات الأمونيوم عالية التركيز،
هذه السفينة التي بنيت في العام 1986 توجهت إلى موزمبيق من جورجيا في العام 2013، إلا أن المفتشين أكدوا على احتوائها على 14 عيب صناعي في ميناء أشبيلية.
وقد قال كابتن السفينة أنه لم يتلقى وطاقمه رواتبهم منذ أربعة أشهر، وكان لابد من إعادة السفينة للموردين، ولكن وبطريقة عجائبية مصيرية وجدت نفسها على ميناء بيروت.
ويظهر في الصورة الثالثة مسار السفينة من الانطلاق وحتى رسوّها على مرفأ بيروت.
وقد أشار الكابتن تم حجز السفينة في 4/11/2014 بسبب عد دفع فواتير بقيمة 100 ألف دولار، بينما تم السماح للطاقم بالمغادرة، باستثناء القبطان وكبير المهندسين ومهندس ثالث، حيث أكد لموقع بي بي سي بأنه تم احتجازهم كرهائن.
(ويظهر بالصورة الرابعة اعتراض الطاقم وطلبهم للخروج من بيروت).
وقال كابتن السفينة بأنه أطلق إشارات تحذير كبيرة بوجود شحنة خطيرة من نترات الأمونيوم.
إلا أنه واجه مسألة عدم سماح سلطات المرفأ بتفريغ البضائع أو إعادة شحنها إلى سفينة أخرى.
المصيبة الأدهى أنه وفي تاريخ 23/7/2014 سلط موقع التجارة الإلكتروني FleetMon الضوء على نفس الخطر بعنوان حمل اسم “الطاقم يحتجز رهائن على قنبلة عائمة“.
وفي رواية خطيرة جدا للمحامين الذين مثلوّا طاقم السفينة لتخليصهم مما هم عليه في العام 2015 ، نصت روايتهم على التالي:
“نظراً للمخاطر المرتبطة بالاحتفاظ بنترات الأمونيوم على متن السفينة، قامت سلطات الميناء بتفريغ الحمولة في مستودع الميناء، بينما لا تزال السفينة والبضائع حتى الآن في الميناء في انتظار المزاد و / أو التخلص المناسب “.
وفي نهاية المطاف فقد وقعت الكارثة، الكارثة التي ظن الكثير ممن شاهدها للوهلة الأولى بوجود قنبلة نووية.
الكارثة التي أشار خبير سابق في الجيش البريطاني إلى أن انفجار بيروت كان يعادل 1-2 ألف طن من مادة تي إن تي.
وأضاف بالمقارنة مع قنبلة هيروشيما التي انفجرت في أغسطس من العام 1945 التي كانت طاقتها تعادل 12-15 ألف طن.
مجدي النوري
مُدون وصانع محتوى اقتصادي، عمل في مجال الدراسات في إحدى أهم المؤسسات الاقتصادية في فلسطين، وقام بكتابة العديد من المقالات والأبحاث الاقتصادية، لديه العديد من الشهادات والدورات الاقتصادية لدى العديد من الجهات المحلية والدولية