حيث انخفضت الأسعار للعقود الآجلة بشكل وصلت إلى المعدل السالب، جراء تعطل الطلب العالمي بعد إغلاق الدول لحدودها.
وهو ما استدعى التدخل من قبل الجميع، فرأينا حكومات وقد اجتمعت، واجتماعات رسمية وقد انعقدت.
بل وبدأت مؤسسات وشركات نفطية تستنجد هنا وشركات أخرى تهدد بإفلاسها هناك، لعل أحداً يخرج بحلٍ أو شبه حل للإنقاذ.
فاجتمعت منظمة أوبك لتحدد تخفيضا عاما للإنتاج وذلك للحفاظ على المستوى العام للأسعار من التدهور بشكل أكبر.
وعلى الرغم من المشاكل التي دارت حول هذا التخفيض وتحديدا بين روسيا والسعودية، إلا أن الأمر أعاد إلى النفط بعض ماء الوجه.
وحينما نتحدث عن الدول النفطية، فإننا أمام نوعين من الدول:
النوع الأول:
يشير إلى الدول التي تتمتع بقدرة نفطية، إلى جانب غيرها من الموارد الطبيعية والإنتاجية والثروات الأخرى، وهنا فإننا نتحدث الولايات المتحدة ونفطها الصخري، وروسيا، وكندا بدرجات مختلفة.
أما النوع الآخر:
فيشير إلى الدول ذات الاعتماد الأساسي على النفط، ونشير بذلك إلى دول مجلس التعاون الخليجي، مثل السعودية والكويت.
أزمة الكويت الاقتصادية: كيف لن تستطيع دفع رواتب موظفيها
ما الذي يحصل في الكويت وكيف لدولة عريقة اقتصاديا أن لا تستطيع دفع رواتب موظفيها؟
للحديث عن الأزمة الاقتصادية الكويتية، يجب علينا سرد بعض الحقائق الاقتصادية ذات الصلة بسياق الأزمة، وهي على النحو التالي:
أولا. وصلت نسبة العمالة الوافدة من سوق العمل الكويتي في العام 2019 إلى 85% من عدد العاملين في الدولة.
ثانيا. عدد العمالة الوافدة في سوق العمل الكويتي وصل إلى 2.52 مليون أجنبي.
ثالثا. يشكل النفط نصف الناتج المحلي الإجمالي الكويتي حيث تقدر احتياطيات النفط في الكويت 104 مليار برميل.
(وهو ما يمثل 10% من احتياطي النفط في العالم وهو محور الأزمة الأولى).
رابعا. قطاع الصناعة هو القطاع الثاني من حيث الأهمية بالنسبة للاقتصاد الكويتي ويشكل أيضا نسبة مهمة من الناتج المحلي الإجمالي.
والآن دعونا ندخل في صلب الأزمة الاقتصادية الكويتية:
على الرغم من أن الوضع الاقتصادي الكويتي كان مثار إعجاب الكثيرين من الدول لعقود طويلة، بسبب الثروة النفطية.
إضافة إلى كون الكويت صاحبة المركز الثاني عربيا من حيث حصة الفرد من الناج المحلي الإجمالي.
ملاحظة: يبلغ نصيب الفرد الكويتي من الناتج المحلي الإجمالي أكثر من 72 ألف دولار سنويا.
إلا أن أزمة كورونا جلبت للاقتصاد الكويتي الكثير من الويلات على صعيد المداخيل والسيولة وغيرها.
وحتى لا نطيل الحديث أكثر عن أزماتها سأستعرض أبرز الأزمات الاقتصادية الكويتية على النحو التالي:
أولا. أزمة النفط:
أشار وزير المالية الكويتي براك الشتيان بأن أزمة انخفاض الإيرادات المالية ما زالت مستمرة نتيجة انخفاض اسعار النفط.
وهو ما ينعكس سلبا على مسألة السيولة في الكويت، والتي قد تجد نفسها عاجزة عن دفع رواتب موظفي القطاع العام إذا ما استمر الوضع على ما هو عليه.
بل ذهب الخبراء إلى الحديث عن أن الدولة لا تمتلك سوى 6.6 مليار دولار، وهذه الأموال لن تكفي لسداد الرواتب بعد شهر نوفمبر القادم.
أيضا فإن أزمة النفط والسيولة ستنعكس سلبا على المشاريع القائمة في الكويت وتحديدا الصناعية، وخاصة إذا ما تفجرت أزمة ائتمانية في أية لحظة.
ثانيا. أزمة السوق العقاري
تحدثنا عن العمالة الأجنبية في الكويت والتي تزيد عن 2.5 مليون عامل، وهو ما سيشكل ضربة قاسمة لسوق العقارات وتأجير الشقق السكنية.
وهذا لا يعود فقط لتسريح العمالة الأجنبية في الكويت، بل وتنتج عن تخفيض الأجور والتي ستنعكس سلبا على القدرة المالية للفرد.
ولن نتحدث كثيرا عن هذه الأزمة بل يكفيك أن تعلم أن هناك نحو 350 ألف شقة سكنية في مختلف المحافظات والمناطق بالدولة تبحث عن مستأجرين جدد.
ثالثا. أزمة السيولة كأزمة مستقلة:
على الرغم من أننا أشرنا إليها كأزمة تابعة لأزمة النفط، إلا أن السيولة بحد ذاتها تعتبر أزمة ستخلق أزمات تابعة أخرى.
الحلول الممكنة للتعامل مع أزمة الكويت الاقتصادية:
حينما نتحدث عن الحلول الخاصة بدولة الكويت لتخطي أزمة السيولة فنحن نتحدث عن أزمات بعينها إذا ما تم تم اللجوء إليها بشكل عشوائي دونما دراسة، وهذه الحلول:
الحل الأول: فرض الضرائب على السلع الاستهلاكية وهو ما كان ينقص المواطن الكويتي في ظل انخفاض دخله.
أضف إلى ذلك أن هذه الضرائب ستنعكس سلبا على قدرة العامل الأجنبي، والذي يعتبر ركيزة أساسية في العملية الإنتاجية والصناعية، أي أن النتيجة ستكون كارثية على صعيد القطاع الصناعي الكويتي والذي أشرنا إليه في الحقيقة الرابعة عن الاقتصاد الكويتي.
الحل الثاني: يتمثل بالاستدانة الدولية بمختلف الوسائل والأدوات.
وهذا الحل سيكون كفيلا بفرض قيود على الاقتصاد الكويتي لن نعرف عقباها إلا مع مرور الزمن.
وهو الصندوق الذي يتم تحويل نسبة معينة إليه من مداخيل النفط كجزء تحوطي قامت به الدولة منذ سبعينات القرن الماضي.
ولكن العمل على اللجوء إلى هذا الصندوق لا يعتبر أمرا ماليا، بل يعتبر ايضا مسألة استثمارية بالغة الخطورة في الوقت الحالي، فعندما ستلجأ الكويت إلى أصول هذا الصندوق، فإنها ستقوم بتسييلها في ظل ظروف مالية صعبة جدا، قد تضطرها إلى تحمل خسائر إضافية ليست بحاجتها في الوقت الحالي.
نعم إن دولة الكويت تمر في أزمة اقتصادية طاحنة، بل قد تكون هي أكثر الدول الخليجية تضررا من الأزمة الصحية الحالية.
ولكن الحل يكمن في الأمور التالية:
أولا. القرارات الرسمية الحكيمة، المعتمدة في معطياتها على آليات إدارة حكيمة وجيدة في التعاطي مع الأزمات.
ثانيا. إعادة النظر في حوكمة أمورها وإعادة صياغة قوانينها وقانون الاستثمار على وجه الخصوص.
إضافة إلى القيام بإصلاح هيكلي على المراسيم والتعامل مع ملفات الفساد بشكل عملي أكبر، سواء على الصعيد المؤسساتي أو على الصُعد المختلفة الأخرى والتي تعاني الكويت من ثغرات كثيرة فيها.
وأعتقد بأن أهل العقد والحل في الكويت (البرلمان) هم أعلم الناس بها.
ثالثا. إعادة النظر في الاقتصاد الكويتي ودراسة التجارب المحيطة بها.
وتفعيل قطاعات بعينها، وتشجيع الاستثمارات الدولية بشكل افضل، وقد لا يضر إعادة الاهتمام بقطاع السياحة بشكل أفضل.
رابعا. الابتعاد عن كل ما سيلقي بالاعباء على العمالة الوافدة لكونها عاملا طاردا للعمالة الاجنبية التي تشكل ركيزة هامة للاقتصاد الكويتي.
مجدي النوري
مُدون وصانع محتوى اقتصادي، عمل في مجال الدراسات في إحدى أهم المؤسسات الاقتصادية في فلسطين، وقام بكتابة العديد من المقالات والأبحاث الاقتصادية، لديه العديد من الشهادات والدورات الاقتصادية لدى العديد من الجهات المحلية والدولية