لقد مرّت الهند ذات الصورة النمطية الفقيرة الدرامية، بثلاثة عقود من التغير والنمو الاقتصاديين، ولا زالت تكافح من أجل إثبات نفسها على ساحة الاقتصاد العالمية، وهو ما أشار إليه أحد المراكز العالمية الذي توقع أن تكون الهند ثالث أكبر اقتصاد في العالم قريبا، وفيما يلي تصور عام للطرق التي ستجعل من الهند ثالث قوة اقتصادية في العالم .
أولا. الاهتمام بتحقيق معدلات نمو اقتصادية جيدة
لقد أعاد الركود الاقتصادي الناتج عن الإغلاق المفروض لاحتواء فيروس كورونا ذكريات عام 1979.
وذلك عندما تقلص الناتج المحلي الإجمالي للهند بأكثر من 5٪ للمرة الأولى بعد الاستقلال في الأربعينيات.
ولكن الهند تمكنت من قلب مأساتها عام 1979 إلى نقطة تحول لاقتصادها، وبداية لقصة نمو عظيمة.
حيث شهدت الهند طفرة غير مسبوقة في النمو لأكثر من ثلاثة عقود منذ ذلك الانكماش التاريخي.
فتمكنت من النجاة من أزمة ميزان المدفوعات، وعمليات الاحتيال في سوق الأسهم، ومراحل متعددة من عدم الاستقرار السياسي.
أما عن قدرة الهند في الاستمرار في رحلة صعودها، فإن ذلك مرتبط ارتباطا كبيرا بمعدلات النمو التي ستحققها قُدُما.
فبحسب موقع livemint، سيستغرق نمو الاقتصاد الهندي 17 عاما، إذا نمى ناتجها المحلي الإجمالي بنسبة 5٪ على سبيل المثال.
ثانيا. مواجهة التهديدات الخارجية:
يرتبط نمو الاقتصاد الهندي بشكل كبير بصمود الهند في وجه العدوان والتهديدات الخارجية وتحديدا مع الجانب الصيني.
وقد بدأت رحلة الإصلاحات الاقتصادية الصينية، في نفس فترة الإصلاحات الاقتصادية الهندية في سبعينيات القرن المنصرم.
ثالثا. توفير فرص العمل للملايين:
ولا يقف الأمر على تحقيق النمو، أو مواجهة الصين، بل يتعدى ذلك إلى مواجهة توفير فرص العمل لملايين الشباب.
وهذا أمر مهم للحد من البطالة، كعامل رئيسي ومباشر على نوعية الحياة وتحسين القوة الشرائية، وبالتالي دفع عجلة النمو الاقتصادي.
رابعا. التركيز على الوظائف غير الزراعية لدعم القطاع الزراعي!:
يجب على الهند زيادة تركيزها على توفير الوظائف غير الزراعية اللائقة والمفيدة على الصعيد الانتاجي، وهو ما سينعكس إيجابا على قطاع الزراعة المهم، نظرا لطبيعة وجغرافيا الهند وتاريخها.
حيث يشير الاقتصادي الحائز على جائزة نوبل “آرثر لويس” عام 1954 إلى أمر مهم على صعيد نمو الاقتصاديات النامية، قائلا:
“إن نقل العمالة الفائضة من المزرعة إلى القطاع غير الزراعي، يمكّن الاقتصادات النامية من زيادة الإنتاجية في كلا القطاعين وزيادة المدخرات والنمو الإجمالي”
وهذا الأمر يمثل تحديا كبيرا أمام الهند، حيث ما زالت الهند تواجه خللا هيكليا في القطاعات الاقتصادية لصالح الزراعة.
إلى جانب التحدي الكبير الآخر والمتعلق باستمرار وجود معدلات الفقر الكبيرة رغم الإصلاحات الاقتصادية.
وإذا أردنا الحديث عن سعي الهندي في التعامل مع مسألة مواجهة الفقر، فيكفي أن نذكر ما قام به الاقتصاد الهندي ما بين الأعوام 2004-2011.
وذلك حينما استطاع من إخراج 150 مليون من دائرة الفقر، وتخفيض معدلات الفقر بنسبة 22%.
لقد كانت هذه أهم الطرق والسبُل التي يجب على الهند التعامل معها في الوقت القادم، لتصبح الهند ثالث قوة اقتصادية .
مجدي النوري
مُدون وصانع محتوى اقتصادي، عمل في مجال الدراسات في إحدى أهم المؤسسات الاقتصادية في فلسطين، وقام بكتابة العديد من المقالات والأبحاث الاقتصادية، لديه العديد من الشهادات والدورات الاقتصادية لدى العديد من الجهات المحلية والدولية