في شهر فبراير من العام الجاري، تظاهر أكثر من 1000 شخص في شوارع أمستردام للاعتراض على اليورو الرقمي رغم أنه ما زال مشروعا.
حيث أعرب المتظاهرون عن مجموعة متنوعة من الاعتراضات على خطة البنك المركزي الأوروبي لإصدار نسخة إلكترونية من العملة الموحدة للقارة العجوز.
وذلك لأسباب أهمها أن الدولة ستستخدم اليورو الرقمي لتتبع إنفاقهم والسيطرة عليه، أو الخصوصية أو الثقة المتبادلة.
إلا أن رئيس مشروع اليورو الرقمي للبنك المركزي الأوروبي قال مؤخرًا:
“سنصممه بطريقة تعني أنه لا يمكننا تتبع ما إذا كنت قد ذهبت إلى المخبز ، أو أي شيء آخر”.
بينما شك البعض الآخر في وجود مؤامرة لاستبدال الأموال النقدية.
كما يأتي هذا المزيج من الشكوك ونظريات المؤامرة حول اليورو الرقمي في لحظة حساسة للغاية بالنسبة لسياسيي المركزي الأوروبي.
فمسؤولي المركزي الأوروبي باتوا حريصين على تكثيف الاستعدادات للعملة الرقمية خلال الأشهر القليلة المقبلة، على أمل أن يتم إطلاقها في أقل من ثلاث سنوات.
كما أن الصين لديها أكثر الخطط تقدمًا لعملة رقمية للبنك المركزي بين الاقتصادات الأكبر فيما يسمى باليوان الرقمي.
وهو الأمر الذي يزيد من قلق أوروبا باعتبارها هي الأبعد من بين البنوك المركزية الغربية الرئيسية.
حيث تبنت كريستين لاغارد المشروع منذ توليها منصب رئيس البنك المركزي الأوروبي في عام 2019 من ماريو دراجي ، الذي بالكاد ذكر فكرة العملة الجديدة.
ومن المتوقع أن تعلن المؤسسة التي تتخذ من فرانكفورت مقراً لها في أكتوبر / تشرين الأول أنها ستنتقل إلى مرحلة التنفيذ وتبدأ مخططًا تجريبيًا.
حيث قالت لاغارد:
“أتوقع أنني سأكون مستعدة لاتخاذ القرار النهائي بشأن إطلاق اليورو الرقمي في عام 2026 أو 2027”.
وستضع المفوضية الأوروبية هذا الصيف مقترحات تشريعية تحدد بعض ميزات التصميم الرئيسية للعملة المفترضة ، وهي خطوة بارزة نحو هذا الهدف.
بينما يقول مؤيدو المشروع:
“إنه سيحدث المدفوعات الأوروبية من خلال منح الناس بديلاً إلكترونيًا للنقد لا ينطوي على مخاطر ومقبول عالميًا”.
وقد قال فابيو بانيتا، عضو مجلس الإدارة التنفيذي للبنك المركزي الأوروبي الذي يشرف على عمل اليورو الرقمي:
“نحن بحاجة إلى أصل خالٍ من المخاطر والوحيد الموجود هو عملة البنك المركزي”.
وتأتي هذه الجهود في ظل مساعي المركزي الأوروبي للعمل على تقليل الهيمنة الكبيرة للدولار الأمريكي في النظام المالي الدولي، وتعزيز وزن اليورو على مستوى العالم.
بينما ترتفع المخاوف الأوروبية من منافسة العملة الرقمية الصينية ومشاريع العملات الرقمية لدى البنوك المركزية الأخرى.
ولكن الأسئلة الكبيرة، ما زالت تتمحور حول مستقبل العملات الرقمية، في ظل المشاكل التي طالت البيتكوين.
كما تطال الأسئلة الموثوقية وسلاسة التبادل للعملة الجديدة بين مختلف القطاعات والمستخدمين.
وقد ظهرت فكرة إنشاء يورو رقمي لأول مرة منذ بضع سنوات كرد دفاعي على فكرة Facebook بإطلاق عملة افتراضية خاصة بها.
حيث خشي صانعو السياسة من أنها قد تقوض سيطرة البنك المركزي الأوروبي على المعروض النقدي.
وقد تلاشت العملة الرقمية لمجموعة وسائل التواصل الاجتماعي الأمريكية، المعروفة في البداية باسم Libra ثم Diem ، إلى حد كبير.
ويتحدث المركزي الأوروبي عن دافع استخدام النقد الالكتروني، ويشير إلى انخفاض استخدام النقد الحقيقي من 79% من جميع معاملات نقاط البيع في منطقة اليورو عام 2016 إلى 59% العام الماضي.
وقد قال المسؤولون عن تصميم اليورو الجديد:
“إن النقد يعمل كقوة استقرار مهمة في النظام المالي من خلال منح الناس إمكانية الوصول إلى وسيلة دفع غير مجازفة لأنها مدعومة من البنك المركزي”.
كما يقول المسؤولون:
“إن الناس يسعدون بإيداع الأموال في البنوك التجارية جزئيًا لأنهم يعرفون أن بإمكانهم سحبها كنقد في أي وقت، تم تصميم اليورو الرقمي للحفاظ على هذا الدور مع انخفاض استخدام النقد”.
يشعر صانعو السياسة بالقلق من أن أوروبا تفتقر إلى بطل المدفوعات الخاص بها ، مما يجعلها تعتمد بشكل مفرط على أمثال:
– Visa
– Mastercard
– PayPal
– أو حتى Apple، التي أطلقت مؤخرًا حسابات توفير وبطاقة ائتمان بالشراكة مع Goldman Sachs.
بينما أبدى القطاع المصرفي استجابة فاترة للفكرة، وذلك بسبب المخاطر التي قد يتسبب بها هذا النوع من النقد.
حيث إنه ولمواجهة ذلك ، يفكر البنك المركزي الأوروبي في:
– فرض حد على عدد اليورو الرقمي الذي يمكن لأي شخص الاحتفاظ به بحوالي 3000 يورو.
– أو سعر فائدة عقابي على الممتلكات التي تزيد عن مستوى معين.
هذه المقالة ترجمة مختصرة لمقالة طويلة على الفاينانشال تايمز اقرأها هنا.
مجدي النوري
مُدون وصانع محتوى اقتصادي، عمل في مجال الدراسات في إحدى أهم المؤسسات الاقتصادية في فلسطين، وقام بكتابة العديد من المقالات والأبحاث الاقتصادية، لديه العديد من الشهادات والدورات الاقتصادية لدى العديد من الجهات المحلية والدولية