عادت العديد من الأسعار العالمية للمواد الغذائية والوقود والأسمدة إلى مستويات ما قبل الحرب، بعدما ارتفعت بفعل المخاوف من انقطاع نقل الكثير منها عبر البحر الأسود، وهو ما لم يحدث بشكل كامل منذ انطلاق الحرب وحتى يومنا الحالي، وسنقدم لكم مقالا مترجما بتصرّف بواسطة موقع كواليس المال للكاتب ديفيد لينش، الكاتب الحالي في الواشنطن بوست والكاتب الاقتصادي السابق في الفاينانشال تايمز وبلومبيرغ، والذي يشير إلى أن انخفاض تكاليف الغذاء والوقود يجب أن تُدرس بعناية، وأنها ستحتاج لوقت حتى تصل للمستهلك وتحديدا في الدول الفقيرة والمستوردة.
حيث عادت أسعار القمح العالمية إلى مستوياتٍ أقلَ مما كانت عليه قبل الحرب، وعادت أسعار النفط إلى مستويات ما قبل الحرب أيضا.
كما انخفضت الضغوط على أسواق الأسهم التي كان المضاربون فيها قد قاموا ببيع ما يمتلكونه من أسهم تخوفا من عملية رفع أسعار الفائدة من قبل الفيدرالي.
ولكن المحللين قالوا إن كل هذه الإشارات الرائعة، يمكن للأسواق أن تنقلب عليها حتى العام المقبل.
حيث قال سانجيف كريشنان كبير مسؤولي الاستثمار في Ventures ، وهي شركة استثمارية في شيكاغو متخصصة في الأغذية والزراعة:
“الأسوأ لم يحدث بعد”.
كما قال أيضا:
“هناك شعور زائف بالأمان في الأسواق في الوقت الحالي، فالخريف قادر على أن يكون له قدر كبير من إحداث التقلبات”.
وقد قال لينش في مقالته عن انخفاض تكاليف الغذاء والوقود :
“إن تجنب الازمة العالمية سيعتمد على التفاعل بين السياسات الحكومية في عشرات البلدان، وانخفاض الصراعات السياسية والدبلوماسية”.
كما تساءل لينش عن مسألة السماح الروسي باستئناف الشحنات الاوكرانية، وقيام روسيا بالقاء صاروخ على محطات الحبوب في أوديسا.
وأردف لينش حديثه بالإشارة إلى العديد من الأمور، وأهمها:
-
المظاهر الجوية القاسية، بما في ذلك الجفاف في القرن الافريقي.
-
فرض حظر محتمل على شحنات الطاقة الروسية إلى العملاء الأوروبيين في وقت لاحق من هذا العام.
-
تفاقم ارتفاع تكاليف الغاز الطبيعي التي ترفع بالفعل أسعار الأسمدة.
ولم ينكر لينش مدى التحسن في الوضع الحالي على صعيد مستويات سعرية مختلفة على صعيد الخام، مقارنة بما كان عليه الوضع بداية الحرب.
ولكنه تحدث عن مدى الضرر الذي ما زال قائما لدى البلدان التي تعتمد على الاسواق العالمية للسلع الأساسية، وذكر آراء العديد من المحللين.
حيث قال فريدريك جريب الخبير الاقتصادي بوكالة الأمم المتحدة التي تتخذ من روما مقرا لها:
“لقد سجلت ثلث الدول الـ 153 التي يتتبعها برنامج الأغذية العالمي تضخمًا سنويًا في أسعار الغذاء بنسبة 15% على الأقل للأشهر الثلاثة المنتهية في 31 يوليو”.
ففي لبنان مثلا ارتفعت اسعار المواد الغذائية بنسبة 332%، وفي تركيا ارتفعت اسعار البقالة بنسبة 95%.
كما أكد جريب على أنه لا يوجد سبب منطقي وواضح لكي نكون أقل قلقا بشأن الأسعار.
بينما قال صندوق النقد الدولي:
“إن التغييرات في اسعار السلع العالمية ستحتاج من 10-12 شهرا لتنتقل إلى المستهلك بشكل مباشر وكامل”.
أما نجوزي أوكنجو إيويالا، المديرة العامة لمنظمة التجارة العالمية، فقد قالت:
“من السابق لأوانه القول إننا تجاوزنا الأسوأ”.
الدولار القوي والمراهنات على الدولار وارقام التضخم:
يكمل لينش مقالته المفصلة بالحديث عن تأثير الدولار القوي على الدول المستوردة، والذي كان عاملا إضافيا لارتفاع الاسعار أيضا.
وتتأثر الأسعار أيضا، وفقا للينش، بالمضاربات والرهانات التي تتم في اسواق العقود الآجلة، والتي تتغير بشكل كبير وفقا للتوقعات والبيانات الاقتصادية.
حيث يقول الاقتصادي دان باس من AgResource في شيكاغو:
“عندما يقول بنك الاحتياطي الفيدرالي إننا سنعود إلى 2%، فأنت بحاجة إلى الخروج من أسواق السلع الأساسية”
وذلك أن انخفاض اسعار سلعة مثل النفط، سيجعل المضاربين يعزفون عنها والتوجه نحو سلع سترتفع اسعارها.
ولا ينكر لينش في مقالته أن أسعار القمح في طريقها نحو الانخفاض، وذلك وفقا للعديد من المعطيات الأخيرة.
حيث ما زالت البيانات الروسة تعلن عن صادرات قياسية جيدة من القمح نحو العالم.
إلى جانب الاتفاق الروسي الأوكراني الذي يقضي بتسهيل شحن 20 مليون طن من الحبوب المحاصرة من اوكرانيا للعالم.
إضافة لإبحار 14 سفينة تحمل الذرة وزيت عباد الشمس وفول الصويا من الموانئ الأوكرانية، وفقًا لقاعدة بيانات تابعة للأمم المتحدة.
ويختم لينش مقالته العقلانية والواقعية، بحديث لكريس لوسون كبير محللي الاسمدة لمجموعة CRU Group حينما قال:
“إن الأمور ليست على ذلك السوء الذي كان يقدره الكثيرون في بداية الحرب، ولكنها بحاجة إلى وقت كافٍ حتى تصل الأسمدة الكافية بالوقت المناسب وبالسعر المنافس لتأمين محاصيل زراعية جيدة للعام المقبل”.
مجدي النوري
مُدون وصانع محتوى اقتصادي، عمل في مجال الدراسات في إحدى أهم المؤسسات الاقتصادية في فلسطين، وقام بكتابة العديد من المقالات والأبحاث الاقتصادية، لديه العديد من الشهادات والدورات الاقتصادية لدى العديد من الجهات المحلية والدولية