(بلومبيرغ) لقد أصبحت المخاوف بشأن انخفاض الامدادات الغاز الروسية حقيقة واقعة، وذلك بعد تخفيض بوتين لتدفقات الغاز عن القارة الأوروبية بنسبة 60%، لتتحول هذه المخاوف إلى شبح حقيقي قد يؤدي إلى انهيار اقتصاد المانيا .
حيث وضع الخبراء في إدارة المستشار أولاف شولتز هذا الأسبوع السيناريوهات ولم يؤد أي منهم إلى احتياطيات كافية لاستمرار الشتاء.
وبدوره فقد قال كلاوس مولر ، الذي يرأس منظم الشبكة الألماني المعروف باسم BNetzA :
“إذا كان لدينا شتاء شديد البرودة، ولم نقم بتأمين الغاز، فلن يكون الأمر جميلا”.
كما تمتد المخاطر إلى ما بعد الركود الاقتصادي المحتمل، لتطال المنازل والمصانع أثناء الشتاء.
حيث لطالما اعتاد الاقتصاد الألماني في احتياجاته على الغاز الرخيص، وهو الأمر الذي يبدو أنه انتهى الآن.
ويبدو ان ادراك الألمان لهذا الواقع المؤلم يدفعهم إلى إيجاد بدائل، أهمها إحياء محطات الفحم الملوثة وتحويل الوقود في العمليا الصناعية.
وهو ما سيؤدي إلى مشاكل مختلفة، أهمها تلويث المناخ والانتظار لسنوات طويلة حتى يتم الانتقال للطاقة المتجددة.
وبذلك فإن العديد من الشركات قد تقوم بتقليص انتاجها في بعض مواقع الانتاج الألمانية أو إغلاقها.
مما قد يسرّع الهجرة الجماعية المستمرة لوظائف التصنيع ويترك ضررًا دائمًا للمشهد الاقتصادي في البلاد.
حيث قال ولفجانج هان ، العضو المنتدب لشركة Energy Consulting Group GmbH :
“ستنقل الشركات الإنتاج إلى حيث يوجد خط أنابيب تنافسي، ولن يكون هذا في ألمانيا”.
وتظهر أحدث الأرقام أن الأمر سيستغرق 115 يومًا للوصول إلى هدف الحكومة بملء احتياطيات الغاز إلى 90٪ بحلول نوفمبر.
وهو الأمر غير المرجح نظرا لموقف روسيا تجاه قطع المزيد من الامدادات على القارة الأوروبية.
ومن المرجح أن تأتي لحظة الحقيقة الشهر المقبل ، عندما ينخفض خط أنابيب نورد ستريم للصيانة المجدولة.
حيث تخشى ألمانيا من أنها قد لا تعود أبدًا لتوريد المزيد من الطاقة ولو عند حدودها الدنيا.
وبدوره فقد قال وزير الاقتصاد روبرت هابيك يوم الخميس في مقابلة مع محطة ZDF العامة:
“سأضطر إلى الكذب إذا قلت إنني لا أخشى ذلك”.
كما قارن نائب المستشار الألماني بين أزمة الغاز ودور بنك ليمان براذرز في إشعال الأزمة المالية.
حيث قال إنه إذا استمر موردو الطاقة في تكديس الخسائر من خلال إجبارهم على تغطية الإمدادات الروسية المفقودة بأسعار مرتفعة ، فهناك خطر حدوث انهيار أوسع.
بينما حذرت شركة Uniper ، أكبر مستورد للغاز الروسي في ألمانيا، من أنها قد تواجه صعوبات في الوفاء بعقود التوريد.
وتأتي سيناريوهات انهيار اقتصاد المانيا وفقا لـBNetzA ، في ظل خطط الطوارئ الحكومية بما تحتويه من:
محطتان عائمتان للغاز الطبيعي المسال ستدخلان عبر الإنترنت هذا الشتاء.
ومزادات للوقود الزائد للصناعة.
15 مليار يورو ( 15.8 مليار دولار) وهو برنامج حكومي لشراء الغاز في السوق الفورية.
وقد أشار العديد من المحللين والخبراء والرؤساء التنفيذيين إلى أن المانيا ستحتاج إلى سنوات لاستبدال الطاقة الروسية دون ان يتضرر الاقتصاد بالتكاليف المرتفعة.
بينما حذرت المعاهد الاقتصادية الألمانية في أبريل الماضي من أن الوقف الفوري للواردات الروسية من النفط والغاز الطبيعي من شأنه أن يؤدي إلى تضرر الإنتاج بقيمة 220 مليار يورو خلال العامين المقبلين.
كما قال ستيفان كوثس ، الخبير الاقتصادي في معهد كيل للاقتصاد العالمي:
“إن النتائج تنبؤ بوضع غير مسبوق وصعب للغاية”.
أما البنك المركزي الالماني فقد قدر انكماش اقتصاد المانيا بأكثر من 3% في حال توقفت امدادات الطاقة الروسية.
وبالنظر إلى الواقع، فقد انخفضت طلبيات التصنيع في المصانع الألمانية خلال الأشهر الثلاثة الماضية، وارتفعت التكاليف، وانهارت الثقة.
حيث انخفض مقياس Ifo الذي يراقب عن كثب توقعات الأعمال بشكل غير متوقع هذا الشهر.
أما BASF ، أكبر صانع للمواد الكيميائية في أوروبا ، فقد خفض الإنتاج بسبب ارتفاع تكلفة الغاز.
بينما قد تتجه كبريات الشركات، مثل شركة BMW إلى شراء الكهرباء بدلا من استخدام الغاز، وهو ما سيزيد التكاليف أو يخفض الانتاج معا.
مجدي النوري
مُدون وصانع محتوى اقتصادي، عمل في مجال الدراسات في إحدى أهم المؤسسات الاقتصادية في فلسطين، وقام بكتابة العديد من المقالات والأبحاث الاقتصادية، لديه العديد من الشهادات والدورات الاقتصادية لدى العديد من الجهات المحلية والدولية