أشار العديد من المحللين لدى الشركات الاستشارية العالمية إلى تراجع الاقتصاد الصيني بسبب الحرب الروسية الأوكرانية، وتحديدا على صعيد الفائض التجاري الصيني الذي ارتفع إلى مستويات قياسية خلال الوباء الذي دفع الناس إلى استهلاك السلع بشكل كبير، وفيما يلي أربعة نقاط رئيسية ستؤثر على نمو الاقتصاد الصيني، وقد تدفع أسعار سلعه إلى الارتفاع بشكل كبير.
أولا. تأثير أوروبا على الاقتصاد الصيني:
أشارت التقارير الصادرة عن بنك استراليا نيوزلندا ANZ عن أن الفائض التجاري الذي حققه العملاق الصيني العام الماضي بقيمة 676 مليار دولار سينخفض بمقدار 35% لهذا العام بسبب الحرب الجارية.
بينما قال جوليان إيفانز بريتشارد كبير الاقتصاديين الصينيين في شركة كابيتال إيكونوميكس للأبحاث في لقاء على CNBC:
“ستبدأ الحرب الروسية الأوكرانية في التأثير على صافي التجارة بسبب ضعف الطلب الأجنبي وارتفاع فاتورة الواردات”.
كما قالت بيتي وانج كبيرة الاقتصاديين الصينيين في بنك استراليا نيوزلندا:
“قد تتسبب الحرب في تباطؤ أوسع في الاقتصاد العالمي ، وخاصة في أوروبا”.
وهذا يعني تضرر ثاني أكبر شريك تجاري للصين، والذي يمثل 15% من إجمالي صادرات الصين.
حيث شكلت الصادرات المتوجهة إلى أوروبا 16% من إجمالي نمو الصادرات الصينية في العام الماضي.
وقالت وانج أيضا:
“من الناحية الإحصائية ، يرتبط النمو الاقتصادي للاتحاد الأوروبي ارتباطًا وثيقًا بنمو الصادرات الإجمالي للصين”
كما أكدت وانج على أن كل انخفاض بنسبة 1% في النمو الناتج المحلي الإجمالي سيمثل انخفاضا في إجمالي نمو الصادرات الصينية بمقدار 0.3%.
ثانيا. مشكلة أشباه الموصلات سيضر بالاقتصاد الصيني:
أكدت تقارير بنك ANZ أيضا بأن النقص العالمي في الرقائق الالكترونية سيلحق ضررا كبيرا في صادرات الصين الالكترونية، وهو الأمر الذي سيزداد بسبب الدور الذي تمثله روسيا وأوكرانيا في سلاسل التوريد لأشباه الموصلات.
حيث قال الاقتصادييون في ANZ Research :
“إن صادرات الأجهزة الإلكترونية ساهمت في نمو الصادرات الصينية بنسبة 30٪ في عام 2021”.
المشكلة تزداد تعقيدا بسبب الغازات والمعادن النادرة التي تصدرها أوكرانيا:
تزود أوكرانيا العالم بالغازات النادرة المنقاة مثل النيون والكريبتون ، وكلاهما ضروري في صناعة أشباه الموصلات.
كما تنتج المعادن النفيسة المستخدمة في صناعة الرقائق والهواتف الذكية والمركبات الكهربائية.
ثالثا. النيكل! مشكلة إضافية للصين:
تعد الصين من بين الأسواق الناشئة المعرضة لنقص السلع الناتج عن الحرب ، وفقًا لتقرير TS Lombard الأخير.
حيث ذكر التقرير أن الصين على وجه الخصوص حساسة تجاه الاضطرابات في إمدادات النيكل.
وقد تضاعفت أسعار النيكل بسبب مخاوف من تعطل العرض بسبب الحرب، خاصة وأن روسيا تعد ثالث أكبر منتج للنيكل في العالم.
والنيكل مادة خام رئيسية في بطاريات السيارات الكهربائية، التي تعتبر الصين أكبر منتج لها في العالم.
وقد وجدت الدراسات المختصة بأن المركبات الكهربائية المصنوعة في الصين شكلت 44% من إجمالي السيارات المصنعة بين 2010-2020.
رابعا. ارتفاع أسعار الطاقة، سيزيد من المشاكل:
أدت الأزمة الأوكرانية أيضًا إلى تقلب أسعار النفط ، والتي قفزت إلى مستويات قياسية الأسبوع الماضي قبل أن تتراجع بأكثر من 20٪.
وارتفاع أسعار الطاقة سيؤدي إلى تراجع الاقتصاد الصيني بشكل رئيس ومباشر، خاصة وأنها من أكبر مستوردي النفط في العالم.
وقد كتب الاقتصادييون في بنك DBS السنغافوري:
“سينخفض الناتج المحلي الإجمالي الصيني بنسبة 0.8% إذا قفز متوسط أسعار النفط إلى 110 دولارات كمتوسط لهذا العام”.
أما عن تأثير لجوء الصين إلى النفط والغاز الروسيين بشكل أكبر، فإنه سيكون صعبا الآن على القرار الصيني.
حيث تحافظ الصين الآن على موقف محايد نوعا ما، حتى لا تتعرض لإجراءات عقابية من الغرب.
مجدي النوري
مُدون وصانع محتوى اقتصادي، عمل في مجال الدراسات في إحدى أهم المؤسسات الاقتصادية في فلسطين، وقام بكتابة العديد من المقالات والأبحاث الاقتصادية، لديه العديد من الشهادات والدورات الاقتصادية لدى العديد من الجهات المحلية والدولية