يتعرض البنك المركزي الاوروبي لأكثر الامتحانات صعوبة في ظل تراجع اليورو مقابل الدولار قبل اسبوع من اجتماعه المنتظر في 21 من الشهر الجاري.
حيث يقف صناع السياسة النقدية في أوروبا امام خيارات مؤلمة ومكلفة اقتصاديا على مختلف الأصعدة.
فالسماح لليورو بالانخفاض أكثر من ذلك من شأنه أن يدفع التضخم المرتفع اساسا إلى ارتفاعات اخرى قد تفوق ما جرى لدى الولايات المتحدة.
بينما سيصطدم المركزي في حالة علاج انخفاض العملة برفع التضخم أيضا بسبب ما سيقوم به من رفع لأسعار الفوائد.
كما سيواجه المركزي الأوروبي امتحان الركود الاقتصادي الذي ستزداد احتمالية حدوثه جراء رفع الفوائد أثناء علاج انخفاض اليورو.
وهو الركود الاقتصادي الذي تزداد احتمالية حدوثه بالتزامن مع نقص او انقطاع الغاز الروسي الذي يلوح في الأفق.
وما سيترتب عليه من ارتفاعات قياسية في تكاليف الطاقة الباهظة والتي ستستنزف القوة الشرائية لدى المواطن الأوروبي المنهك.
وحتى الآن، فإن المركزي الاوروبي يقلل من أهمية الهدف المتعلق بسعر صرف محدد ومستقر، رغم أهمية العملة للاقتصاد.
حيث لم يشر المركزي في محضر اجتماعه الأخير إلى أي قلق خاص فيما يتعلق بسعر الصرف.
إلا أن تحركات السوق الآن التي تشير إلى قلق عام من قبل الجميع بما فيهم المسؤولين ستعكس هذا الحياد.
وقد قال ديرك شوماخر ، رئيس أبحاث الماكرو الأوروبية في Natixis CIB وفقا لوكالة رويترز:
“ضعف اليورو يعزز فكرة أن موقف المركزي الاوروبي سيزداد صعوبة”.
كما أضاف قائلا:
“بالنظر إلى ارتفاع التضخم، فإن اليورو الأقوى سيكون مفيدا للغاية، وليس العكس”.
إلا أن الامر الآن يشير إلى العكس، حيث انخفض اليورو مقابل الدولار بنسبة 10% منذ بداية العامة.
وهو ما يرفع من تكلفة الواردات، خاصة الطاقة والسلع الأخرى المقومة بالدولار، وهو ما سينعكس بالتأكيد على ارقام التضخم بشكل قياسي.
حيث تشير الدراسات التي يستشهد بها البنك المركزي الأوروبي بشكل متكرر إلى أن انخفاض سعر الصرف بنسبة 1% يرفع التضخم بنسبة 0.1% على مدار عام واحد وبنسبة تصل إلى 0.25% على مدى ثلاث سنوات
وتشير الأساسيات الاقتصادية حتى الآن إلى أن اليورو يسير إلى المزيد من الضعف.
خاصة في ظل ما سيقوم به المركزي الاوروبي من اجراءات وخطوات صغيرة في تشديد السياسة النقدية الأوروبية.
حيث يتوقع أن يقوم المركزي هذا الشهر برفع الفائدة للمرة الأولى، إلا أنها ستبقى في المنطقة السالبة.
كما أن أن الاعتماد الاوروبي على الطاقة الروسية والتي لم يتم حلها حتى الآن ستزيد من آلام الاقتصاد الأوروبي بشكل كبير.
وحتى الآن فإن العديد من المحللين بدأوا في الإشارة إلى أن المركزي الاوروبي قد يكون أكثر عدوانية في رفع الفوائد.
ولكنهم لم يرجحوا أن تنعكس الزيادات المتسارعة على اليورو بشكل إيجابي على العملة بسبب بطء التحركات مقارنة بتحركات البنوك الأخرى.
حيث يشير البعض إلى أن المركزي الاوروبي قد يتجه إلى رفع الفائدة في شهر سبتمبر بمقدار 50 نقطة أساس.
لتنتقل الفائدة بعد عملية رفع الفائدة هذا الشهر من 0.25- إلى 0.25% في شهر سبتمبر.
وهو الأمر الذي لن يسعف القارة الاوروبية إلا إذا تم علاج التضخم، وعلاج نقص الطاقة الروسية كأولولية قصوى.
مجدي النوري
مُدون وصانع محتوى اقتصادي، عمل في مجال الدراسات في إحدى أهم المؤسسات الاقتصادية في فلسطين، وقام بكتابة العديد من المقالات والأبحاث الاقتصادية، لديه العديد من الشهادات والدورات الاقتصادية لدى العديد من الجهات المحلية والدولية