انحصرت وسائل التعليم على مر العقود الماضية في الطرق التقليدية والوجاهية، مع بعض المحاولات الخاصة باستخدام طرق أخرى مثل التعليم المفتوح والمُدمج، وطرق أخرى حاولت مجاراة التكنولوجيا المتطورة واستخدامها على استحياء في بعض الحالات، وقد استمر هذا الحال حتى جاء العام الحالي الذي يمكننا تسميته بعام الوباء والبلاء، والذي ألقى بظلاله المباشرة والسيئة على العملية التعليمية، خاصة في ظل الإغلاق العام والتاريخي الذي تم فرضه على جميع مرافق الحياة، وهو ما دفع الجهات المسؤولة إلى تبني آليات تعليمٍ جديدة كان أهمها وأبرزها آليات التعليم عن بعد، وسنحاول في مقالتنا التالية الحديث عن تكاليف التعليم عن بعد في زمن الكورونا .
لقد عملت العديد من الجهات على تناول موضوع التعليم عن بُعد والحديث عن مشاكله، كان أبرزهم البنك الدولي.
والذي أشار إلى الآثار السلبية للكورونا وانعاكاستها على القضاء على عقود من محاولات التقدم في التعليم.
ونحن إذ نتحدث اليوم عن تكاليف التعليم عن بعد في زمن الكورونا ، فإننا يجب التطرق إلى نقاط مهمة بعيّنها وهي:
-
تكلفة البنية التكنولوجية اللازمة والكافية والتي تتيح الاستخدام العادل لجميع أطراف العملية التعليمية.
-
تكلفة الحصول مهارات التعامل مع التكنولوجيا والتي فرضت نفسها بشكل مفاجئ على العملية التعليمية.
-
تكلفة تنمية مهارات التعاطي والتواصل عن بُعد لدى فئة المعلمين وكسر حاجز الظهور عبر الكاميرات.
-
تكاليف حل المشاكل المرتبطة بالمتعلمين، وقدرتهم على امتلاك الأجهزة والكفايات اللازمة لاستمرارية العملية التعليمة عن بعد.
-
تكلفة تعيين أعضاء هيئة تدريسية مؤهلة للتعاطي مع تحديات التعليم عن بُعد والتعامل باحترافية أكبر.
هذه هي التحديات الرئيسية التي تواجه عملية التعليم عن بعد في زمن الكورونا، والتي إما أنها تمثل فرصة لزيادة تكاليف إضافية من قبل المؤسسات التعليمية، أو أنها كانت كفيلة باعتبارها حجج واضحة للحيلولة دون تخفيض التكاليف في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة الحالية.
وإذا ما تحدثنا عن التعليم عن بُعد والتكاليف المرتفعة، فإننا نتحدث عن أمورٍ تتناقض مع واقع ارتفاع التكاليف بشكل عام.
ففي الوقت الذي ينخفض فيه استخدام المرافق الخاصة بالمدارس وغيرها من المصاريف الإدارية الأخرى، نجد الحجة تتمحور في تكلفة استخدام الانترنت والذي يعتبر الركيزة الأساسية لبدء التعليم عن بُعد.
ثم الحديث من قبل المؤسسات التعليمية عن خسائرها المتكبدة خلال الإغلاق الكبير الذي حدث في بداية الجائحة الحالية.
إن رفع التكاليف الخاصة بالتعليم يتنافى مع دراسة علمية مشتركة بين أمريكا وروسيا وجدت بأن التعليم عن بعد كفيل بتخفيض تكاليف العملية التعليمية.
إن هذه المعضلة والتي تمثل عبءً مباشرا على ذوي الطلبة قد تؤثر بشكل كبير على مصير العملية التعليمية في العالم العربي.
وهذا يتطلب جهودا كبيرة لوضع حلول واقعية منها:
– تقديم الدعم الحكومي الممكن للمؤسسات التعليمية لمواجهة التكاليف الجديدة، والتحاور مع المؤسسات التعليمية لمعرفة مشاكلها ومحاولة حلها.
– بذل الجهود في إعادة الحياة إلى ما كانت عليه المؤسسات التعليمية ضمن إجراءات صحية صارمة.
– التواصل مع المؤسسات التكنولوجية والتوصل إلى اتفاقيات ثنائية لتقديم خدمات جيدة وبأسعار مناسبة.
– تنظيم الجهود المشتتة في علاج مشاكل التعليم عن بعد ما بين المؤسسات التعليمية وجميع الأطراف ذات العلاقة.
كل ذلك وأكثر لضمان الحق الطبيعي للمواطن في التعليم، والذي يعتبر السلاح الأساسي في رفع مستوى الحياة وتحسينها.
وهذا لا يعني اتهام المؤسسات التعليمية بالتربح، فقد تكون هذه التكاليف عبءً ماديا تتكبده هذه المؤسسات حقا.
ولكننا نسلط الضوء على مشكلة محورية في حياة الكثير من العائلات التي تهتم وتحرص على تلقي التعليم في أفضل صوره.
مجدي النوري
مُدون وصانع محتوى اقتصادي، عمل في مجال الدراسات في إحدى أهم المؤسسات الاقتصادية في فلسطين، وقام بكتابة العديد من المقالات والأبحاث الاقتصادية، لديه العديد من الشهادات والدورات الاقتصادية لدى العديد من الجهات المحلية والدولية