تتزايد مشاكل أوروبا على صعيد الغاز مع زيادة حدة التوترات الروسية الأوكرانية، وفيما يلي سنشير توقعات اسعار الغاز الطبيعي في أوروبا إثر الغزو الروسي المحتمل لأوكرانيا، وفقا لترجمة كاملة لما نشره باحثون على صفحات بلومبيرغ.
لقد استمرت روسيا في إرسال الغاز الطبيعي إلى أوروبا طوال الحرب الباردة، وهو ما يراه البعض ورقة ضغط روسية قابلة للاستخدام في أي وقت كان.
بينما يرى البعض بأن روسيا لن تغامر في موردها المالي وسمعتها كأحد أبرز مصدري الغاز الطبعي، والذي يمثل ثلث احتياجات أوروبا.
حيث أنه ووفقا لبعض محللي شركة Uniper SE ، أحد كبار مشتري الغاز الروسي في أوروبا، فإن روسيا لن ترغب في المخاطرة بسمعتها كمورد موثوق للغاز الطبيعي.
فيما يرى بايدن بأن هناك مخاطرة كبيرة على تدفق الغاز الطبيعي إلى أوروبا، خاصة إذا ما قامت الإدارة الحكومية بفرض القيود الاقتصادية على روسيا في حالة عبور قواتها للأراضي الأوكرانية.
إلا أن هناك من يؤكد على ضرورة الاستعداد لكل سيناريو ممكن، وذلك وفقا لما قاله جريجور بيت ، نائب الرئيس التنفيذي لتحليلات السوق في Uniper.
وتقف أوروبا فعليا أمام أسوأ أزمة غاز طبيعي منذ السبعينات، خاصة في ظل:
-
انخفاض مخزونات الغاز بشكل خطير.
-
ارتفاع الأسعار بأكثر من الضعف في الأشهر الستة الماضية بسبب مخاوف من اندلاع حرب وتوقف الشحنات من روسيا.
أما عن السيناريوهات الممكن اتخاذها ضد الشأن الروسي، والذي قد يلقي بظلاله السيئة على الغاز الطبيعي، فهي:
-
فرض العقوبات المالية على روسيا.
-
قطع الامدادات الروسية للغاز عن أوروبا.
-
الإضرار بخط الأنابيب الاستراتيجي “نورد ستريم 2“.
-
إيقاف أوكرانيا لسريان الغاز الطبيعي من أراضيها، وهو السيناريو الأضعف والأقل منطقية.
وفيما يلي تفسير لهذه السيناريوهات:
أولا. فرض العقوبات المالية:
قالت القوى الغربية إنها ستفكر في فصل روسيا عن نظام المدفوعات الدولي السريع، رغم معارضة العديد من الدول لذلك.
ويمكن أن نرى تأثير الجانب الأمريكي على هذا السيناريو، إلا أنه وحتى مع افتراض حدوثه، فإن معاملات الطاقة ستكون حالة مستثناة نظرا لاحتياج أوروبا من الغاز.
ثانيا. قطع الامدادات الروسية للغاز عن أوروبا:
في ظل هذا السيناريو فإن روسيا يمكنها قطع إمدادات الغاز عن أوروبا بشكل كامل، وهو ما سيؤدي إلى أمرين كارثيين هما:
-
شل أنظمة الطاقة في القارة العجوز.
-
ارتفاع هائل في الأسعار.
إلا أن الغالبية ترى بأن روسيا لن تمضي إلى هذا الحد الجامح من ردات الفعل.
حيث قال بيت يونيبر:
“ستقلق روسيا من هذا السيناريو، للحفاظ على سمعتها كمورد رئيسي، وأن الغاز هو داعم اقتصادي رئيسي في روسيا”.
ثالثا. استهداف خط نورد ستريم 2 بالعقوبات:
سيكون خط الغاز الطبيعي “نورد ستريم 2” والذي كلف مليارات الدولارات، أحد ضحايا الغزو في حالة حدوثه.
حيث دعم بايدن فكرة تنفيذ العقوبات على خط نورد ستريم 2 في حالة الغزو.
كما أيدت إدارة المستشار الألماني أولاف شولز هذه الفكرة، حينما قال:
“إن تصعيد الأزمة قد يعني نهاية خط الأنابيب”.
ونحن هنا نتحدث عن خط انابيب حيوي ومهم، للأسباب الآتية:
-
سعته الهائلة التي تصل إلى 55 مليار متر مكعب.
-
دوره في تمرير الغاز للجانب الاوروبي مع تجنب اللجوء للأراضي الأوكرانية.
ونحن إذ نتحدث عن الأراضي الأوكرانية، فإننا نشير إلى أراضٍ تمر عبرها كميات هائلة من الغاز تصل إلى 40 مليار متر مكعب من الغاز سنويا، وهو ما يمثل ثلث الغاز المصدر إلى أوروبا.
في النتيجة؛
بغض النظر عن احتمالية أي سيناريو من السيناريوهات السابقة، فإن المخاطر تبقى هائلة، وتحديدا أثرها على الأسعار.
فكمية الغاز التي يتم نقلها عبر الأراضي الأوكرانية، تعبر عن كمية هائلة، فيكفي أن تعلم بأنها تمثل نصف الاحتياج الألماني.
وفي حالة وقوع أي غزو روسي لأوكراني، فإن ذلك سيعرض أوروبا إلى خطر فقد هذه الكميات.
أما عن احتمالية استخدام أراضي بديلة، فإن ذلك لن يكون أمرا سهلا أيضا.
حيث هدد الرئيس ألكسندر لوكاشينكو مرارا وتكرارا بقطع الإمدادات، كرد على أي عقوبات أوروبية عقب أزمة المهاجرين.
وهذا سيلقي بظلاله السيئة على توقعات اسعار الغاز الطبيعي وذلك بسبب تأثير الامدادات الأوروبية من الغاز، والتي ستنتقل تباعا لمختلف مناطق العالم.
مجدي النوري
مُدون وصانع محتوى اقتصادي، عمل في مجال الدراسات في إحدى أهم المؤسسات الاقتصادية في فلسطين، وقام بكتابة العديد من المقالات والأبحاث الاقتصادية، لديه العديد من الشهادات والدورات الاقتصادية لدى العديد من الجهات المحلية والدولية