توقعات بيانات التضخم الأمريكي : وجهات النظر المؤيدة لارتفاع الدولار أو انخفاضه

ستشهد الأسواق العالمية أوقاتاً مضطربة على صعيد التداول فيما يتعلق بأسواق الأسهم أو أسواق العملات، وذلك حتى صدور ارقام التضخم الأمريكي منتصف يوم غد الاربعاء، وفيما يلي نقدم وجهات النظر حول توقعات بيانات التضخم الأمريكي .

لكن وقبل الدخول في التفاصيل، فإنه تجد الإشارة إلى أن ما يجري في الاسواق يعبر عن اضطرابات وتخبطات في ظل حالة من عدم اليقين الكبيرة وتحديدا قبل صدور بيانات التضخم الأمريكي.

وأن تحديد مصير الدولار الأمريكي، سيكون رهينا للبيانات الاقتصادية، والتي سترسم مسار الدولار نهاية الشهر الحالية وبداية الشهر القادم.

التفاصيل:

لماذا يتأهب الجميع لاجتماع الغد؟

يندفع الجميع للانتباه غدٍ الأربعاء لبيان التضخم الذي سيرسم بشكل كبير توقعات الفائدة على الدولار ومساره القادم.

فصدور أرقام التضخم الأمريكية سيحدد بشكل كبير قرار الفيدرالي ومقدار الزيادة التي سيرفعها على الدولار الأمريكي.

وقد رفعت بيانات الوظائف الأمريكية القوية التي صدرت بشكل غير متوقع يوم الجمعة، من رهانات الأسواق على قيام الفيدرالي برفع الفائدة بنفس الزيادة السابقة وهي 75 نقطة أساس.

ليرتفع مؤشر الدولار الأمريكي في نفس اليوم وخلال أقل من ساعة بنسبة تخطت 1% أمام مختلف العملات الرئيسية.

وذلك بعدما أدرك الجميع أن هذا البيان ممهد بالنسبة للفيدرالي ليقوم برفع الفائدة دون خوف من حدوث ركود عميق.

إلا أن الأسواق المالية عادت لتدافع عن مكاسبها التي قامت بإنشائها وتحديدا بعد انكماش الاقتصاد الأمريكي للربع الثاني على التوالي بعد يوم واحد من قرار الفيدرالي الشهر الماضي، لينخفض سعر الدولار بدلا من ارتفاعه كما جرت العادة.

حيث استغلت الأسواق هذا الانكماش ورأت أنه سيدفع الفيدرالي لتخفيض الزيادة القادمة على الفوائد، على أن يقوم بتخفيض الفوائد بشكل فعلي ابتداء من العام القادم.

لتنخفض مشاعر الخوف من تدهور أداء الأسواق المالية لأنه تم استبعاد فكرة رفع الفوائد التي ستتسبب بشكل كبير في حدوث ركود.

ثم لترتفع مشاعر المخاطرة لدى عموم المتعاملين في الاسواق المالية ويتم التوجه نحو الاسهم، وليخفَّ وهج أسواق العملات.

إلا أن محللي بنك ANZ قالوا في مذكرة منفصلة لهم وفقا لوكالة رويترز:

“كانت الأسواق المالية خلال تعاملات يوم الأحد تكافح من أجل التمسك بالمكاسب، وذلك قبل أيام من صدور بيانات التضخم”

كما قال المحللون أيضا:

“إن أولوية خفض التضخم ستكون سيد الموقف الآن، ومحددا رئيسيا لما سيحدث لاحقا”.

بينما قال محللو سي بي إيه:

“إن التحركات في الاسواق المالية الرئيسية لا تزال تعكس المخاوف من ركود عالمي وتَرَدٍّ واضحين”.

أما أبرز التصريحات التي صدرت عن الشركات، فقد تعلق بتصريح شركة Nvidia الأمريكية المختصة بالألعاب.

حيث حذرت الشركة من أن الإيرادات ستنخفض بسبب تباطؤ الاقتصاد الأمريكي بشكل عام.

كما ارتفعت حدة الاضطرابات في مختلف الاسواق، وتحديدا اسواق العملات، في تعاملات الأمس.

وذلك بعدما صدر مسح لمركز بيانات الاقتصاد الجزئي التابع لمجلس الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك.

ليشير هذا المسح إلى أن توقعات التضخم لدى المستهلكين قد انخفضت بشكل حاد الشهر الماضي.

وهو ما حسّن من اداء الأسواق المالية بشكل طفيف، وليعطى بدوره أيضا إشارة سلبية بالنسبة للدولار الأمريكي.

فتراجع توقعات التضخم يعني أن الفيدرالي لن يكون مضطرا لرفع الفوائد بنسبة عالية، وبالتالي انخفاض العوائد على العملة.

وجهات النظر حول توقعات بيانات التضخم الأمريكي :

بعد العرض التوضيحي السابق لما جرى خلال الأيام الماضية، وتحديدا خلال أيام التداول في الاسواق المالية والنقدية، نأتي لأهم توقعات بيانات التضخم الأمريكي .

اولا. وجهة النظر التي ترى أن البيانات ستكون جيدة وأن الدولار في طريقه للانخفاض:

تدافع اسواق الأسهم عن مكاسبها من خلال الإشارة إلى أن التضخم سيتراجع بسبب انخفاض اسعار البنزين، وترويض اسعار النفط بشكل عام.

وأن بيانات التضخم القادمة ستنخفض بشكل أو بآخر لتلامس الرقم المتوقع وهو 8.7% انخفاضا عن 9.1%.

ويؤكد أصحاب هذه الرأي على أن أسواق المال ستواصل مكاسبها خلال هذا الشهر وتحديدا أن الفيدرالي لن يجتمع قبل اربعين يوما من بيان التضخم.

وهذا يعني ومن وجهة نظر الأسواق المالية، مزيدا من الأداء الجيد ومواصلة لمكاسبها على حساب تراجع الدولار الأمريكي.

على أن يتم تصحيح المسار بشكل بسيط لصالح الدولار الأمريكي كلما اقترب الفيدرالي من اجتماعه في 21 من الشهر القادم.

وهناك وجهة نظر أخرى تتعلق بانخفاض الدولار في السوق الفلسطيني بغض النظر عن بيانات التضخم التي ستصدر غدا الأربعاء.

حيث يرى أنصار هذا الرأي أن اجتماع المركزي الاسرائيلي الذي سيعقد بعد اسبوعين سيتوجه نحو رفع الفائدة على الشيكل.

ويستندون في ذلك إلى أن بيان التضخم الاسرائيلي سيدفع المركزي الاسرائيلي لرفع الفائدة بمقدار أعلاه نصف نقطة مئوية كاملة.

ثانيا. وجهة النظر التي ترى أن البيانات ستكون سيئة وأن الدولار في طريقه للارتفاع:

أما وعلى الطرف الآخر، وهو الرأي الذي نراه أكثر عقلانية ومقاربة لما يجري على أرض الواقع، فيجد أن الدولار ما زال قويا على المدى القريب والمتوسط.

حيث يرى هذا أنصار هذا الرأي أن بيانات التضخم التي ستصدر غدا الاربعاء، لن تنخفض بالشكل المأمول، حتى وإن قاربت للتوقعات الرسمية.

فبيان التضخم الذي يسجل الآن أعلى مستوياته عند 9.1% فإنه سيلامس، وإن انخفض، مستويات 8.7% أي أعلى بثلاث مرات عن المستوى المستهدف البالغ 2%.

كما أن انخفاض التضخم بشكله المجرد لن يكون المستهدف الوحيد من قبل الفيدرالي، بل الحديث يستهدف اتساق الانخفاض وديمومته.

ويمكن الرجوع إلى هاتين الصفتين من خلال مقالة سابقة تم طرحها من خلال الضغط هنا.

وهذا يعني أن الفيدرالي سيكون في حالة دراسة مطولة لقراره القادم، خاصة وأنه سيكون على موعد مع قراءات مهمة لعدة بيانات متضاربة، يمكن الاطلاع عليها من خلال التقويم الاقتصادي لموقع investing.

في النتيجة؛

فإن الرؤية الخاصة بمسار الدولار الامريكي ستتضح بشكل أكبر، بعد ثلاثة أمور رئيسية:

  • الأولى تتعلق بقراءة التضخم الأمريكي غدا.

  • بينما تتعلق الثانية باجتماع المركزي الاسرائيلي، الذي وحتى ذلك الموعد فإن الشيكل قد يبقى صامدا.

  • فيما ستكون الاشارة الأوضح لمسار الدولار الأمريكي نهاية الشهر الحالي وبداية الشهر القادم، والتي سنستقرأ فيها مدى استيعاب الأسواق لكل بيان اقتصادي صادر، وتحديدا ما يتعلق بالانتاج والصناعة والرهون العقارية والوظائف ومؤشرات التضخم الرئيسية الأخرى.

حيث أنه ومع كل صدور مؤشر سيتكون لدى الأسواق ردة فعل أفضل لمصير الدولار الأمريكي بشكل عام.

مجدي النوري مُدون وصانع محتوى اقتصادي، عمل في مجال الدراسات في إحدى أهم المؤسسات الاقتصادية في فلسطين، وقام بكتابة العديد من المقالات والأبحاث الاقتصادية، لديه العديد من الشهادات والدورات الاقتصادية لدى العديد من الجهات المحلية والدولية