يتوقع عدد متزايد من مسؤولي الاحتياطي الفيدرالي زيادة أسعار الفائدة في العام المقبل؛ وذلك بعد تصريحات رئيس الفيدرالي جيروم باول الذي خرج به مساء أمس، وهو ما سيلقي بظلاله على توقع سعر الدولار الأمريكي خلال الأعوام القادمة.
تحدث رئيس الفيدرالي الأمريكي مساء أمس عن برامج الفيدرالي خلال الفترات القادمة، وتحديدا فيما يتعلق ببرامج التحفيز واحتمالية الحديث عن تخفيض وتيرتها في اجتماع نوفمبر القادم.
حيث توقع تسعة مسؤولين في اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة زيادة أسعار الفائدة في الولايات المتحدة بداية العام المقبل، وفقًا للتوقعات الصادرة يوم الأربعاء والمنشورة على صفحات الفاينانشال تايمز.
بينما أشار تسعة آخرون إلى بدء رفع أسعار الفوائد في وقت لاحق، في الوقت الذي رأى بقية المسؤولين (7 أعضاء) رفعها في وقت غير معلوم خلال العام المقبل.
كما وتأتي هذه التوقعات الخاصة برفع سعر الفائدة بالتزامن مع الحديث عن إنهاء تدريجي في برنامج شراء الأصول الذي يبلغ 120 مليار دولار أمريكي في الشهر.
حيث يعتبر هذا البرنامج واحدا من أكبر الإجراءات التي اتخذها الفيدرالي منذ اندلاع الجائحة، وذلك لضمان أمرين اثنين هما:
-
البدء في إحراز تقدم اقتصادي جوهري بعد الانخفاض الكبير الذي حدث في بداية الجائحة.
-
وصول اتضخم إلى المتوسط المأمول (2%)، إلى جانب تحقيق الحد الأقصى للتوظيف.
إشارات جيروم باول في حديث الفيدرالي الأمريكي!!
خرج جيروم باول مساء أمس الأربعاء وتحدث بإشارات غير مباشرة ستؤثر بشكل أو بآخر على مستقبل الدولار خلال الأعوام القادمة إيجابا.
وهو ما يتوافق مع استطلاع رأي تم إجراؤه في الثلث الأول من هذا الشهر بمبادرة من جامعة شيكاغو.
حيث أشار في بعض العبارات إلى تحقيق الفيدرالي بعض اهدافه، وذلك حينما قال:
“من وجهة نظري لقد تم الوفاء بمسألة إحراز تقدم كبير اضافي في الاقتصاد”
كما أضاف قائلا:
“إن الفيدرالي يمكن أن يمضي قدمًا بسهولة الآن نحو برامجه المستقبلية بالإعلان عن التناقص التدريجي في شراء السندات، وذلك في الاجتماع المقبل في نوفمبر إذا تقدم الاقتصاد كما نتوقع”.
بينما أضاف قائلا عن أمر مهم جدا أيضا:
“إن اللجنة اتفقت على نطاق واسع على جدول زمني يعني سحب التحفيز بالكامل في منتصف العام المقبل.”
أما عن التقدم الكبير الذي أشار باول إلى تحقيقه، فيقصد هدف الفيدرالي نحو تحقيق التضخم المنشود.
حيث تحدث عن تلبية هدف التضخم البالغ 2%، مع زيادة طلب المستهلكين مما سينشط الاقتصاد في القريب القادم.
أما عن التوظيف، فقد تحدث أيضا عن مكاسب الوظائف الإضافية في شهر سبتمبر.
والتي يجد فيها تعبيرا جيدا عن انتعاشة سوق العمل إلى النقطة التي ستحقق هدف التوظيف في القريب العاجل.
وهو الأمر الذي لم يحدث خلال شهر أغسطس؛ وذلك حينما جاءت بيانات التوظيف أقل من توقعات الاقتصاديين.
حيث كان لإنتشار متغير دلتا أثر كبير على الاقتصاد الأمريكي وتحديدا في مسألة التوظيف.
بينما قال “بوب ميشيل” كبير مسؤولي الاستثمار في جي بي مورجان أسيت مانجمنت:
“الاقتصاد في طريقه إلى الانتعاش، أما بالنسبة للضغوط التضخمية الموجودة ومخاوف أعضاء اللجنة، فقد حان الوقت لبدء التناقص التدريجي”.
وقد جاءت ردات الفعل متواضعة بعد بيان الاحتياطي الامريكي مساء أمس الأربعاء على صعيد الأسهم أو على صعيد سوق السندات.
النتيجة: ما مدى انعكاس هذه التصريحات على توقع سعر الدولار الأمريكي ؟!
في النتيجة فإن كل المؤشرات الحالية والتقارير والتصريحات تشير إلى اننا نسير نحو إمكانية عودة سعر الدولار الأمريكي إلى مستويات ما قبل الجائحة.
وذلك إذا تحدثنا عن سير الأمور عبر السيناريوهات التالية:
أولا. صدور تقارير اقتصادية متفائلة وتحديدا فيما يتعلق بأرقام التضخم والبطالة.
حيث يجد الاقتصاديون أن التضخم يحوم نحو مستوياته المنشودة بعض الشيء، خاصة وأنه قد تم تعديل توقعات الأرقام الأساسية للتضخم، لتصبح عند3.7% و 2.3% على التوالي لعامي 2021 و 2022.
بينما استقر معدل البطالة عند 4.8% خلال هذات العام، مع تخفيض الاقتصاديين لتوقعات نمو الناتج المحلي الإجمالي الامريكي لهذا العام.
وهو ما سينقلنا إلى الأمر الثاني.
أما الأمر الثاني؛ فيتعلق بالتخفيض التدريجي في برامج التحفيز التاريخية المستمرة منذ الربع الأول من عام 2020.
وهذا الأمر سيكون الممهد الحقيقي للسير نحو الأمر الثالث.
حيث سيتمثل الأمر الثالث؛ بالتوجه نحو زيادة واحدة على الأقل في أسعار الفائدة خلال الأعوام 2022 و 2023.
بينما يتوقع المحللون أن تصل عدد زيادات أسعار الفائدة خلال عام 2024 إلى ثلاث مرات على الأقل.
وهو ما سيمثل محصلة لنتيجة عودة أسعار الدولار الأمريكي لمستويات ما قبل الجائحة بشكل تدريجي.
مجدي النوري
مُدون وصانع محتوى اقتصادي، عمل في مجال الدراسات في إحدى أهم المؤسسات الاقتصادية في فلسطين، وقام بكتابة العديد من المقالات والأبحاث الاقتصادية، لديه العديد من الشهادات والدورات الاقتصادية لدى العديد من الجهات المحلية والدولية